السبت ٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم سماح العمر

يا وحدَنا

وَحيدةٌ أَنا كَالقمرِ, أَعزَفُ وحدي لحنَ الغربةِ , لحن الوجع , لحن الليل. فتتراقصُ النجماتُ منتشية طربا لوجعي .أُغني على وطنٍ ضاع مني على ضفة النهرِ ولم يعدْ. و أَورثَني غصةً في الروح تتسللُ وتمدٌّ يدها وتسرقُ كلّما جمعته في سلتي من فرح وقلبا دائم البحث عنه في القصائدِ والأغنيات ووجوه الجدّات!

وطني يا وطن الغرباء! البعد عنك شقاء بشقاء. نحن الذين خذلناك, لم نعد ننظر تجاهك. و استرحنا عن الشكوى و مللنا الصبر, فالخيمة ضاقت لتصبحَ بيتا و هناك مركز صحي ومشفى وعمل جديد ورقم في سجلات اللاجئين. و علب سردين و طحين . و رجالٌ يكتبون فينا فينالون شكرا من رئيس التحرير, و رسام يرسم جدتي و هي تخبز فيفوز بأفضل لوحة , و ذاك أجنبيٌ يحمل آلة تصوير ولا يكف عن التقاط صور لمآسينا. ذنبنا أنّا استرحنا و أعجبتنا الخيمة, ذنبنا أننا لم نعد نروي لأبنائنا قصتنا و تشريدنا, ذنبنا أننا رضينا بحالنا و لزمنا الصمت, ذنبنا أننا غفرنا و تنازلنا . أمَ أنا فسيبقى وطني لي "واوٌ" و "طاء" و "ونونٌ " و" ياء ملكية". فما قيمة الإنسان بلا وطن؟! تحضنه واوهُ, وتهدهد له الطاءَ الأهازيج؛ ليغفوَ, و تحتويه النون سريرا لأحلامه المتمردة!

فينامُ على وسادةٍ مثقوبةٍ ما إن وضعت رأسك عليها لتنام,حتى تخطفك بعيدا, وتفتح لك شرفةً تطلُ على غيومٍ تحتشد؛ لتظللَ حلمك و تخبئه كلآلئ ندىً محشوةً في متنها.علّه يتحقق يوماً ليخرج من نطاق الحلم!

أَذكرُ يوماً من أيامِ تموز وُلدتُ هناك, و فتحتُ عينيّ على بلدٍ ليس كمثله بلد, فرأيتُ ممرضةً تسرعُ لانتشالي إلى شاطئ الحياة, و في عينيها دمعةٌ تلمعُ فترددُ غاضبةً "بنت"؟! وتتمتم في همسٍ" سحقاً لن أحظى بإكراميةٍ مجدية"! لم أرَ أبي هناك فقد كان الجنود يحظرون التجول و لكني رأيت رجلا طويلا أنيقا ذو ابتسامةٍ برَاقةٍ
يحملني برفقٍ و يردد في أذني : الله أكبر الله أكبر أدركت مؤخرا بأن ذاك خالي كان أعرف بالتحايل على الجنود واجتياز الحاجز. أمّا أمي التي ابتعدتُ عنها لساعات, لم يعجبها قدوم فتاةٍ أخرى, ونسيت ألمها وأخذت تفكرُّ بجدتي و عمتي و الجارات سيغظنها و ينعتنها بأم البنات. وها أنا ذا أحيا, ولا أحيا, و تصفعني الريح وتكسرني, ويساقط الخريف ما تبّقى من أمل. فرحٌ قليلٌ و حزن كثيرو ثمّة فتاةٌ تقفٌ على قارعة الطريقِ, وتنتظر أن يأتيَ رسولٌ ليخرجها من البئرِ و يبيعها بكِسرة فرحٍ إلى دنياها.

أعشقُ رائحةَ الياسمينِ, فكلّما حلمتُ بموتي أيقظتني وهربت بي إلى عنان السماءِ؛ لأحلقّ بعيدا و أدور ثم أعود مغشيا عليّ و أحيّــا. وتتراقص بي ألحان فيروز, فتسعد لي صباحيي, وتنشر الدفءَ في مسائي, وتغذي حنيني لوطني عندما تردد" ردني إلى بلادي مع نسائم الغوادي" فأبدأ أتساءلُ و أساومُ النحويين عن الفاعل الذي سيردني يوما إلى بلادي!.
تغريني الحروف الدرويشية فتوقظ بي ما لست أبحث عنه كأنّه يرددني, وأتساءل: كيف له أن يكون بهذه الروعة؟! من أي سوقٍ يجتبي الكلمات لتجعلنا سكارى, نثملُ حتى آخر الكأسِ لدى سماعه يردد "بكوبِ الشراب المرصّع باللازورد انتظرها". كم كنت وحدك يا درويش ؟! و كم نحنُ الآن وحدنا ؟!

أخت سماح انتبهي فأنت تستخدمين الفاصلة غير العربية في النص العربي، كما نرجو أن تكتبي علامات الاستفهام ملاصقة للكلمة التي تسبقها بدون فراغات، وهناك كلمات ملتصقة ببعضها.

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى