الأربعاء ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
بقلم رشا السرميطي

عرائس من ورق 2012

فلسفة تشاركيَّة

كنت أنتظر رؤية المشهد الأخير، ولم أكُ أعتقد بأنَّ كل ما أنا فيه، ما هو إلا عرض سنيمائي تُمثَّل تفاصيل أحداثه المتكرِّرة في العديد من القصص الإنسانيَّة تحت عناوين الإختلاف المتشابه. رجل وإمرأة، شخصان من ورق، يتحرَّكان بحبال الزَّمن المحايد كالدُّمى في صندوق عرائس العيد. هناك، بلا صور، كانوا أمامي، أخيلة وظلال مستنيرة، وأصداء مختلطة لأصوات لا أعرفها، كما شواهد المقابر الخاوية، وظلال الأشياء التي فقدت مادة تكوينها، وباتت هباء، ينتثرون مع الغروب، فتكون النِّهاية!

أولئك الذين شهدت لهم خشبة مسرح الأمس السَّاطع، مجداً عريقاً ضاهى بطولات قيس وليلى، ومغامرات عبلة وعنترة، عبثاً في قانون الصِّدق، ومخالفةً لدستور الحب في الله.

أستهجن اليوم رؤيتهم في دور باهت لحاضر منطفئ الغياب، والإنفصال الذي جرى بين النَّفس وتوازنها، إلى أن صارت بلا حياة، وأصبحت أجسادهم هياكل جافة، قاسَّية، ظمئى للبكاء، لكنَّها لا تستطيع ذلك. جفت مآقيها، وملأ شوك الحرف كسرات وثنايا وجناتها الخشنة، التي صارت كما الجدران بعد الهجر جافَّة، وعند الهدم، يُكشف ما دسَّ بين دفتيها من النُّصوص التي كانت شاهدة على البدايات، لكنَّها لم تعثر بعد على سبيل تسلكه السُّطور العرجاء إلى فقرة قد تُنهي الحكاية، وتكشف لنا سرَّ الإخماد عند الفقد، وإذا ما مرَّت العقول متجولة في أروقة الحنين، ذات ليل موحش، تؤنسه صرخات الوحدة وكثرة المغتربون.

رقصوا على فتيل الأحلام المنطفئة، رقصة الوداع الأخير، لمرحلة كان لابدَّ أن تعيشها أجسادهم مرغمة على الحُّب، مأمورة بالشَّهوة التي لم يتمكنوا من كبح جماحها، حتى وقعوا في مصيدة غير سعيدة. إذن، هم صاروا أزواجاً، لكنَّهم بقوا أفراداً، كما الغربان، يتنقلون على أغصان السطور الغريبة، التي ما ضمَّت أزهار حكايتهم أيَّ ليلة كانوا بها معاً في سرير واحد، ولا حملت لذَّة الذِّكريات الحميمة التي جمعت روحيهما كلمات لامعة، تُشعل فتيل الدفء بينهما، تحت مظلة الهوى، في يوم قارص الوحدة والغربة معاً، فانتفض شرشف أمانيُّهم المرموقة ليكشف عورة اختيارهم ذات فصل من العشق الماطر، انشطر به الألم، وكبر بينهما كل لوحده بعيداً عن جسد الآخر، يخفي عن جلد النِّصف من الوصف ابتسامة باردة، وكلمات فاترة.

فرح الجميع بزفافهم إلا ذوي الشَّأن وأولي المسؤولية، أصحاب الخاصَّة المقدَّسة. كأنَّهم تنصَّلوا من الزَّمن هاربين بأعمارهم إلى مضيعة للوقت، في زواج مقصده ازدواجيَّة، وإلى حيث لا يعرفون، هم ذهبوا. هكذا يكون الإرتباط الذي تقوم أعمدته على غراس المصالح الشخصيَّة، والحسابات الرقميَّة، ولا مجال لحل المعادلات التي اجتازت المدى بعيداً عن منطق يُسمَّى – الحب - فبات الإشتقاق والتَّكامل معقَّد، يحتاج لاكتشاف نظريَّات رياضيَّة معاصرة.

ويبقى التساؤل: لماذا نفكِّر في الزَّواج، وأيُّ الأسس السَّليمة التي تصلح ليقوم عليها ارتباطنا فنختارها سبلاً تسلك بأحلامنا طرق السَّعادة نحو مملكة السَّكينة؟.

فلسفة تشاركيَّة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى