الثلاثاء ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم نادية كيلاني

إنهم يحيرون الأطفال

أنا لبنى.. الطفلة التي تستجدي أمها ركاب الطائرة الذاهبة إلى بلدي لكي يربيني أحدهم ساعتين من الزمان مدة إقلاع الطائرة.. أخيرا وافق أحد المهمومين المتجهم أن يقبل هذه المهمة الشاقة ويصطحبني، وأعلن موافقته في كلمات مقتضبة: لا مشكلة..

وقفت أمي تودعني وتلوح لي ودموعها تملأ وجهها ولكنها بالتأكيد مستأنسة باليد التي تربت على كتفيها.. يد زوجها الذي أخذها مني إلى بلد آخر وتركاني في رعاية جدي.. أنا لا أعرف شعوري بالضبط نحو هذا الرجل الذي دائما يشير لأمي لأن تبعدني، ولكنه لم يحدث وأن نهرني..

أسندت رأسي على حافة النافذة أعاتب أبي لماذا تركني أتنقل وحيدة بين جدي وأمي.. أمي في الإجازة وجدي في الدراسة.. ماذا فعلت يا أبي لكي يأخذك الله ولم يتركك لنا..
أمي اشترت لي عروسًا جميلة ترقد في صمت على ساقي، وقالت لي دائما افعلي كعروستك.. عروستي لا تفعل شيئا لا تتحرك من المكان الذي أضعها فيه، حتى وإن أنمتها على ساقي فلن تستيقظ إلا إذا أيقظتها أنا.. هل تريد أمي ألا أتحرك ولا أتكلم إلا إذا حركني أحد.. هى بالتأكيد تريد ذلك ولذلك أكملت جملتها بقولها: حتى لا يغضب منك أحد.. فعلا أنا لا أغضب من عروستي رغم سكونها وسكوتها.

أيقظني الرجل الذي لا أعرف اسمه ولا يعرف اسمي لكي أتناول معه طعام الطائرة.. فتشت في ذهني بماذا نصحتني أمي في هذا الموقف.. ابتسم الرجل وقال في حنان لابد أن تأكلي لكي تكبري.. نظرت إليه في حيرة كيف تبدلت ملامحه وصار مسرورا!!

يبدو أنه فرح بعودته إلى أهله! أنا أيضا فرحة بذهابي إلى جدي فقد وحشني كثيرا، وهل لهذا الرجل ابنة في مثل سني.. لن أسأله فعروستي لا تسأل..

الرجل مد يده بالطعام إلى فمي وقال: سأحكي لك (حدوتة) وأخذ يحكي قصة سمعتها من جدي من قبل .. لن أقاطعه فعروستي لا تقاطع..

في صالة المطار جريت وارتميت في حضن جدي.. ولم أنس عمو الذي أطعمني وحكى لي أن أدعوه إلى بيتنا وأقول له: (أنا أحبك يا عمو)

جدي لم يغضب مني لأنني تصرفت دون إذنه، ونظرت إلى عروستي فوجدتها تهز رأسها لي موافقة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى