الأربعاء ٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
ابو عاطف الريناوي
بقلم شاكر فريد حسن

شاعر المواويل والعتابا

في العام 2008 فجعت الحركة الثقافية الفلسطينية في بلادنا، بوفاة الشاعر والزجال الشعبي المعروف، ابو عاطف الريناوي، صاحب القامة الممشوقة والزي العربي الفلسطيني الاصيل، الذي غادر عالمنا بعد حياة عريضة وغنية مكللة بالعطاء، تاركا مجموعة من الازجال والاشعار الشعبية، مميزة بأصالتها وصدقها، عدا عن الذكريات الطيبة وسيرة حياة عامرة بالمواقف الوطنية والانسانية.

والمرحوم ابو عاطف من الرعيل الاول في مضمار الزجل والشعر الشعبي، الى جانب الحطيني وتوفيق الريناوي (ابو الامين) ومحمد ابو سعود الاسدي وابو غازي الاسدي ويوسف ابو ليل وابو عصام الميعاري وعوني سبيت وسواهم، كتب وقال الشعر الغنائي الشعبي الرقيق ومارس الغناء والحداء في الاعراس، وترك بصمات في زوايا الفن الشعبي، بصوته الجميل وازجاله الصافية الرقيقة، وهو انسان ورجل شهم، اتخذ فكره مع عمله وتمتع باخلاق عالية، وامتاز بخلق الوفاء. احترم نفسه واحترم الآخرين فاحترموه وكرموه، وكان شعبيا في اصله، وشعبيا في نشأته وعقليته الاجتماعية – الوطنية، وشعبيا في اشعاره، لغة ومضمونا.
ارتبط الريناوي منذ شبابه، وعن وعي، بالحركة الوطنية والثورية ووقف طوال حياته العريضة والشريفة، مع الحق والعدل، وربى انجاله وابناء عائلته على المسلك الوطني والاجتماعي، والكرامة الشخصية والوطنية.

وابو عاطف شاعر مرهف صادق، طويل النفس، حاضر البديهة، تموج اشعاره الشعبية بالاحاسيس المرهفة الشفافة، ولغته بسيطة عذبة، جميلة في جمال الاحاسيس الشعرية، وقد تناول في ازجاله واهازيجه الموضوعات الوطنية والسياسية والاجتماعية والانسانية، وحمل على العادات الاجتماعية البالية والتقاليد المحنطة، وصور ما يجيش في صدره وجوانحه من آلام وآمال، وعكس هموم وعذابات الناس البسطاء وفقراء الشعب بصدق اخاذ.

غنى ابو عاطف الاوف والعتابا والميجنا والمربع والمثمن، وانشد للحب والثورة والامل والسلام والوحدة والمساواة والتآخي للعمال والفلاحين، ولربوع الوطن والجليل والكرمل، ولكل ما هو خيّر وطيب وانساني وجميل، ومن شعره في الوطن:

أنا انسان في عندي عقيدي
سعيد ان كانت بلادي سعيدي
التقينا بهالحفل طيبي ومرّة
وبغني بالنظم فني ونشيدي
وحب الوطن جوهر بعد درة
الحقيقة الوطن كالدرة النضيدي
هذي بلادنا من الاصل حرة
ورجال الجود فيها الاجاويدي
وهذي الناصرة معروف حرة
والنشيد مع النشيدي
وعن سلطان باشا الاطرش، قائد الثورة السورية ضد الاستعمار الفرنسي سنة 1925، قال ابو عاطف:
رايات الحفل قد رفو ولاحن
ولولاكم ما طربت فني ولاحن
ولغير سلطان ما اتشوق ولا احن
لانو فارس وقائد عرب
وكان ابو عاطف قد شارك في حفل اقيم ببيت الصداقة في مدينة الناصرة على شرف انتصار جبهة الناصرة الدمقراطية في الانتخابات البلدية في حينه بقيادة الراحل توفيق زياد، وفي ذلك الحفل المشهور وقف ليهتف بالاشعار الوطنية الغنائية الرقيقة، ومما قال:

غريبة مراحل الدنيا غريبة
منها مفرجة ومنها كئيبة
وفي من بيت فيه الفرح داير
وجنبو بيت فيه نكبة ومصيبة
ابن زياد انت بالوطن شاعر
وانا شاعر بهالنكبة ومصيبة
وشوف الشعب شوف الدم فاير
ومن دمو بدا يدفع ضريبة
وما هي ع المنابر والحناجر
بدعي الشعب لو دمي حبيبي
سألت الشعب ليه بالامر حاير
قال الوطن وبلادي سليبي

ابو عاطف الانسان الوطني الحر وعاشق التراب، التزم بالارض والشعب، وحمل الهم والجرح الفلسطيني وعبء القضية، ادى الرسالة وآمن بان الحياة والمستقبل للشعب المقهور والمظلوم، ومات وهو وفيّ للكلمة الرقيقة التي كان من عشاقها وروادها، فسلام على روحه الطاهرة وسيظل في القلب والوجدان، كزيتون الجليل وبرتقال يافا وسنديان الكرمل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى