الثلاثاء ٥ شباط (فبراير) ٢٠١٣
كل عام ونحن لله أقرب
بقلم رشا السرميطي

المبدعة رشا السرميطي في حوار مع عبلة سليمان

 كم كان جميلاً عندما استمعت لحديثها الشيق للقلب، ولكلماتها العابرة بين ثنايا الماضي والحاضر، وأملها المنتظر للمستقبل بلا كلل أو ملل، ودّعتْ الجميل، وتَركتْ الثمين، وبقيت تلك الابتسامة مزروعة على وجنتيها، غرست العلم والأدب في حكايتها. ما بين ربوع سنين عمرها تنقلت ما بين نابلس المدينة والقدس العاصمة، ورسخت اسم القضية في كتاباتها الشديّة، ودافعت عن الهوية الفلسطينية، رسمت لنا البسمة التي نضبت منذ سنين، وأعادت لنا معانيَ الحب والحنين في حروفها المليئة بمعاني الحكمة والكلام الرزين.

 هي رشا السرميطي ولدت وترعرعت في القدس لتنتقل بعد عدة سنين لمدينة نابلس وتدرس العلوم الإدراية والاقتصاد. بدأت معها حواري برشا من تكون … إلى ماذا تقول في السنة الجديدة ...

 من هي رشا؟

ابنه القدس، ولدت وأعيش فيها، أسرتي متوسطة، وأنا ما قبل الأخيرة بين أخواتي، أنهيت دراستي الجامعية حيث تخرَّجت من كلية الإقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة النَّجاح، وعملت في مجالات عديدة، ضمن مؤهلي الأكاديميّ ومواهبي الفنيِّة، وانتهى بي المطاف كما العديد من خريجي الجامعات الفلسطينيَّة، أبحث عن استقرار وظيفي، لأن معظم الفرص التي أتيحت لي كانت مؤقته، في ظل أزمة البطالة التي نمر بها.

رشا، هي ثلاثيَّة الحرف الذي جمع عبير الكلمة في أنثى عشقت الورد، وصارت به تتغنَّى. روح غير مقيَّدة، ترفرف في آفاق الأحلام الكبيرة، كما الفراشات، بزهو ألوانها وأشكالها ورقة تكوينها، شوق للحقيقة الغائرة في زمان اكتسى من غمام الكلام وطمس حقائق التاريخ مثيراً. إنَّي الباحثة الدؤوبة، أمل شاهق يجعلني أبقى بثبات وإصرار وعزيمة، ما تسمَّى في زماننا، بالقوة – الإيمان – أقدس أنواع القوى، كتبتها يوماً من نبض إيماني: قل للهزيمة أنَّنا لن ننتمي.

 هل هناك صفة تُعرف بها رشا أو تميزها عن غيرها؟

لا أرى في رشا سوى الأنثى التي نفتقدها كثيراً في هذه الأيام، في شخصيَّات بناتنا وسلوكياتهِّن، ربَّما يمكن وصفي بالصَّبورة، فلقد اعتدت من الحياة التأجيل والتعطيل، ولا أذكر يوماً أنَّني لم أصبرعلى ذلك.

في الصَّبر، حلاوة كما الشَّهد. أن نصبر، يعني أن ننتظر بثبات ويقين بأنَّ ما ننتظره حتماً آتٍ، هكذا قناعتي بالحياة، وقيمة الأشياء عادة تقدَّر بحجم الصَّبر على اقتنائها والتَّمتع بحيازتها، كما الحبُّ تماماً.

 ماذا تحبُّ - رشا - وماذا تكره؟

أحبُّ كل شيء حولي، بدءاً بالخالق سبحانه وتعالى، وانتهاءاً بأصغر الأشياء التي قد لا تخطر على البال. لا أذكر أنَّني عشت يوماً وعرفت معنى الكراهية، لكنَّني لا أترك حقي بلا حفاظ، دائماً أسدِّد الكلمات لمن يصفع أحلامي، أيّاً كان، بشراً أم مكاناً. لدي منهجيَّة تحاكي الطَّبيعة، والمخلوقات، وكذا، الجمادات من حولي، وما هو مقدّر لي، فهو حتماً سيخضع لسلطتي.

 مواهب رشا … ما هي وكيف نميّتها؟ حدثينا عنها باختصار

الكتابة، حيث وجدت في القلم رواق تتحرّرُ به نفسي من قيود الواقع الذي يقمع ويشجب ويستنكر من يرفع رايات التغيير، سئمت الرتابة التي عاشت بها بلدي منذ انتكبت أوطاننا وانتكست، والإنتفاضات مشتعلة، تنطفئ حيناً وتسعر حيناً آخر. في القلم، يمكنني أن أمتلك حريَّة التغيير كما التعبير، ربما ليس بالجذري، لكنَّني على الأقل أحقق غاية مؤمنة بها بشدَّة. كتبت بشكل فردي، ونشرت نصوصي عبر عالم المواقع الإلكترونية، حتَّى أصبحت كاتبة معروفة، ولي من يرعى كتاباتي، ويسعى لتطويرها. لقد بنيت شبكة لا بأس بها من المعارف من خلال التواصل مع الأدباء والكتَّاب على الصَّعيد الفلسطيني والعربي.

يمكنكم متابعة جديد أعمالي الكتابية الأدبية من خلال مدوَّنتي بالإضافة إلى الكتابة، فإنَّني أهوى الرسم، وأجد في الريشة سحر يسرُّ أصابع يدي، ويشدُّ ناظري كي أتعلمه وأصبح ساحرة بلوحاتي، وما أقدِّمه لعالم الفن. لم أتعلَّم الرسم أكاديميَّاً حتى الآن، لظروف عديدة مررت بها، لكنَّني أرسم بقلم الرَّصاص، والفحم، والألوان المائية، الخشبية، والباستيل. لم أنشر بعد أيٍ من رسوماتي، أرسم بين الحين والآخر، ليس كمحترفة، بل، كهاوية، فقط لأملأ وقتي بما أحببت.

أيضاً، التصوير، فعدسة الكاميرا خاصتي هي رفيقتي التي من خلالها أصوِّر الذِّكريات، فتتحرش الصور بقلمي كي يكتبها. في الصُّور حكمة، ومن يدرك الحكمة لا يضلُّ أبداً. لدي صفحة على الفيس بوك أنشر بها صوري، وحديث الكاميرا شاهد لتاريخ التقاطها.

كذلك، الأشغال اليدوية، فهذه هواية أذكرها مذّ كنت طفلة أهوى اللَّعب بالتراب والحشائش، كما معظم أطفالنا. أجد بهذا العالم الإفتراضي تمثيلاً لذاتي. كنت أشكِّل منها ما أرغب، وكبرت تلك الملكة لدي، حتى صرت لا أستغني عن أيٍّ من مخلَّفات الطبيعة، فأقوم بتجديد صناعتها، وتكوين وسائل فنيَّة أكثر فائدة عوضاً عن التخلُّص منها في سلات المهملات. شاركت في معارض نسوية في القدس، وأحضِّر لمعرض في نابلس عمَّا قريب.

وأضيف الزِّراعة، ففي الأرض أجد رشا، عندما أحفر التراب، وأزرع الأشتال، أشعر بفلسطينيَّتي وبامتلاكي للأرض ولحق العودة واقتلاع الإحتلال عنوة. لقد كنت شريكة والدي – رحمه الله – في فلاحة الأرض، كانت لدينا حديقة مخضرَّة بصنوف عديدة من الأزهار والخضار والفواكه، كما العديد من النباتات.

والسَّفر أيضاً، تلك الهواية التي لم أمارسها حتَّى الآن سوى في حدود ضيِّقة. لدي أحلام كبيرة بزيارة العديد من مناطق العالم. أحبُّ السَّفر للاستكشاف، والتعرُّف على تاريخ وحضارة الشعوب، كما التمتُّع بروعة الكون، وبراعة الخالق سبحانه وتعالى.

 هل كان لكِ تجربة صعبة للوصول لما وصلتِ له الآن؟

أن تعيش في فلسطين، يعني أن تتحدَّى الحاضر لترسم مستقبلاً زاهراً. من في أوطاننا لا يعاني؟ وكيف بمن تتخذ من مجال الفن رواقاً لذاتها؟ إنَّنا في فلسطين نفتقر لأساسيات الحياة الكريمة، فكيف ببلوغ كمالياتها ! نعم، واجهت تحديات كبيرة، وقد تغلَّبت على بعض منها، والبعض بإذن الله لن يغلبني.

 ما هي الوسائل التي كنتِ تنشرين بها كتاباتكِ وإنتاجاتكِ الأخرى؟

عبر الإنترنت أولاً، ثمَّ الصحف الورقيَّة ثانياً، وأخيراً صفحتي على الفيس بوك

 كيف طورتِ موهبتك الكتابية وغيرها من المواهب؟

بالمواظبة الفرديَّة، في ظل غياب الرُّعاة لمن مثلي من الشبيبة الفلسطينيَّة. بدأت وحيدة واستمريّْت بمؤازرة من الأهل والأصدقاء المقربون، ثمَّ بدأت أقوِّي دعائم علاقات متينة مع الأدباء الذين آمنوا بما لدى رشا من موهبة تستحق التقدَّم والتطوُّر، وهكذا، بدأ مشوار الألف ميل بخطوة واحدة فقط. كانت الرغبة والقدرة والإيمان ثلاثية وقود أوصلها إلى ماهي عليه الآن.

 كيف تتعاون رشا مع الأدباء الآخرين؟

لقد قمت بتصميم أغلفة لكتب أعمال العديد منهم. جمعني وإيَّاهم تواصلي عبر البريد الالكتروني وكذا مواقع التواصل الإجتماعي، والبعض تواصلت معهم هاتفياً. نطَّلع على أخبار بعضنا البعض، وأنشطتنا الأدبية، ونؤسس لتقويم دعائم الثقافة في فلسطين وتبديل الواقع القلمي هناك، عبر العديد من وسائل الإعلام المرئي والمسموع.

 صفي لي نابلس بكلمة والقدس بكلمة؟

الكلمة لا أعتقد بأنَّها تكون كافية لوصف عمر حوى ألوف الحروف، وفترة زمنيَّة ليست بالقليلة، لكنَّني أقول لك عنهما كلمتين: فالأولى كان بها التحدّي، وللثانية الانتصار.

 رسالة رشا في مشوار الفن والأدب؟

رسالتي طويلة بعض الشيء، لكنني أبتدئها بدعوة للعودة بلا مقصَّات تبتر أجزاء القضيَّة، وفي هذه الكلمة معنى فضفاض، لثوب من الكلمات، يمكن للخياطين تفصيل أجمل المعاني منه، لقصات عصريَّة، تلائم الواقع الذي نعيش به. والخاتمة، حكمة علمتني إياها الحياة: "زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون". أما نص الرسالة فهو الحريَّة، لكل مواطن ومواطنة عاش في فلسطين.
أتمنى لكل من يمتلك ملكة إبداعية بأن يرعاها، ويسعى لتطويرها وإخراجها لحيّز الضوء، مهما غاب دور المؤسسات وذوي المسؤولية، تبقى القضية فردية أولاً، ثمَّ جماعية وطنيَّة.

 ماذا تقولي للعام 2013؟

أقول له أهلاً وسهلاً بالحامل والمحمول. توّاقة لأضمَّ هذا العام بكل ما سوف يأتيني به، وأعتقد بأنَّه عام الفرح لرشا ولجميع الفلسطينيين، تنبؤ لا تسأليني عن مصدره، وليكن بدافع من حدس سريٍّ.

الخاتمة.

" أيُّها الإنسان المسكين.. دعني أخبرك بأن سكين الوقت صارت سيفاً حاداً، وكل ساعة تنقضي من يومك تنقص من عمرك. هيَّا شمِّر عن سواعدك، وتطهر بوضوء من الدنيا يخلصك من دنس الفكر، وشرور العقل، وشوائب القلب الذي ملأه حب الدُّنيا وشهواتها. دعنا ننسى عيوب الناس، ونتذَّكر عيوبنا. لنتوقف عن البكاء، ولنبكي على حالنا المتردي خشية من الله والحساب.
لا أطالبكم سوى بالإنصات لدواخلكم فقط، ولتسمعوا نصحي بنياح كلماتي كي تمسحوا دموع قلوبكم بمناديل التوبة الصادقة".

إنّه عام جديد، ليكن عنوانه: الفرح، " كل عام ونحن لله أقرب" .

المبدعة رشا السرميطي حوار مع عبلة سليمان 30، ديسمبر، 2012


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى