الاثنين ١٨ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم حسام تيسير الخاروف

لماذا؟

وقفة تساؤليَّة لا بدَّ منها

من أجل أن تظلَّ الكلمة الهادفة هي النِّبراس الذي يضيء الطَّريق المظلم في واقعنا بحثاً عن الإنسانيَّة الضَّائعة في مجتمعنا العربي، ومن أجل تدَّفق الخير، وانبجاس العطاء، كي نحققَّ النَّماء الذي نصبوا إليه، ومن أجل التآخي، والتَّكاتف، والتَّآزر، والتَّعاون، لبلوغنا التَّضامن الأمميّ، امتثالاً لما أكدَّ عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأن يكون المجتمع الإسلاميّ كالجسد الواحد، الذي إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

فوحدة المجتمع تماماً كوحدة النَّفس البشرية، وكذا الجسد، وهذه الوحدة تحوي الكثير من المعاني العميقة، التي تتطلَّب منِّا التوَّقف. فعندما يتطابق ما يفكِّر به الإنسان، وما يقوم به من النَّوايا والأعمال، كما تريد النَّفس الإنسانيَّة، سوف تسمو الرُّوح عالياً، وترفرف في آفاق الطُّمأنينة، على أجنحة التَّوحد مع الله، ثمَّ مع جموع المتوَّحدِّين على ذات المنهج الحق. أن يرتفع الإنسان فوق كلِّ المصاعب، وفوق كل المعوِّقات، فوق الهوى، وأن يعيش حياته من أجل المجتمع لا من أجل نفسه فقط، بلا خصومة، وتنافر، وتباغض، أو تناحر وأحقاد، عندها، تذوب جميع أفراده منصهرة في وحدة متماسكة، تنشد الخير كلّه، وتسعى للبناء، عوضاً عن الهدم والخراب، بغية ازدهار الخير الذي يؤول إلى تحقيق كل من الرفاه والسعادة للمجتمع بأسره.
إذاً، لمَ النِّزاع والتَّنازع؟ ولماذا نعيش الحياة بكدر، وحقد، تقودهما الأنانيَّة، وحبُّ الذَّات، وامتلاك السُّلطة؟ وما من سلطان دائم إلا الله - سبحانه وتعالى !.

نحن من نشعل نار الفتنة في كل مكان وزمان لأتفه الأسباب، ونبدأ الحرائق الوطنية بشرارة كلاميَّة، لا تخمد أضرارها أيّ ردود لاحقة، قد نرمم فيها ما حطَّمت أقوالنا وأفعالنا، من آثار الرَّماد المتبقي بعد الإتفاقيات التي أبرمت بملئ إرادة الحكَّام، من وراء ظهور الشُّعوب الموالية لها بلا استفهام، تلك التي تتفشَّى وتفضح أسبابها إبَّان الإنتكاسات وبعد الخراب. نحن المسؤولون أولاً عن واقع بلادنا، لأنَّنا تلاهينا عن شؤون حياتنا الأساسيَّة من أجل أمور ثانويَّة كانت تغشي على أبصارنا، بوهم العولمة والأطر الغربية، فأخذنا قبيحهم، وتركنا الجميل. تباعدنا عما جعلنا نمتلك حضارة إسلاميَّة عريقة الأصول، يشهد التَّاريخ مجدها وعزَّها حتى يومنا هذا.

لماذا نضيع المكاسب التي حققها لنا الإسلام، على مدار سنوات عديدة من الفتوحات العالميَّة والارتقاء الأمميّ لاهثين وراء المبادئ الهدامة المستوردة التي لا تصلح لأوطاننا؟

تيَّقظوا يا قوم، واحذروا سيوف الوقت الضَّائع الذي قد يستأصل عروبتنا من خارطة العالم، فإنَّ الشَّر والدَّمار يداهمنا من جميع الإتجاهات. كفانا تمزُّقاً وفرقة تثير الفتنة بيننا، وتخلق منِّا شعوباً متنافرة، تبتعد عن بعضهاً يوماً بعد الآخر، وتتخلَّى عن الدِّين رويداً رويداً، وعن شريعة الموَّحدِّين.

نحن عرب مسلمون، لنجتمع تحت لواء أمَّة واحدة، ولنغيِّر مسار الأحداث التي تنوشنا من كل مضرب، ولتعلموا أنَّ العدو متأهِّب إلى حين، فامنعوا ذاك يحين. عليكم أن تتَّحدوا وتحدِّدوا مواقعكم من رسالتكم المجيدة، الخالدة؛ لتدركوا في أيّ السُّبل أنتم سائرون، وإلى أيّ نهايَّة تسلكون، فإنَّ طريق الظلمات يؤدي إلى المهاوي والضَّياع، وطريق النُّور يحقق لكم النَّجاة والنَّصر والفوز في الدارين.

أناشدكم أيا أصحاب العقول النيِّرة أن تكونوا على الدَّرب السَّليم، كونوا أسوداً في النَّهار، ورهباناً في اللَّيل، كما كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وليكن نهج حياتنا.. عقيدة تحرِّك، وفكر يقود، وغايات كبار تستعلي بصاحبها فوق كل المقومات. لعلَّكم تدركون ما أهدف إليه من خطابي لكم هذا، وأنتم لا شكَّ ستتطلعون إلى ميدان العزّة والكرامة، زادكم التَّقوى، وسراجكم.. وبشّر الصابرين.

وقفة تساؤليَّة لا بدَّ منها

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى