الخميس ٢٨ شباط (فبراير) ٢٠١٣

ديوانا سوسن غطّاس

موسى أبودويح

صدر للسّيّدة سوسن غطّاس ديوان (على متاهات الدّنى) في الرّامة / الجليل سنة (2010)م في (86) صفحة. وصدر ديوانها الثّاني (فوضى الذّات) عن دار راية للنّشر في حيفا سنة (2012)م في (102) صفحة.

يبدأ الدّيوان الأوّل بتمهيد بعنوان (قصّة الدّيوان) لسهيلة وباسل غطّاس، وأظنّهما ابنتها وزوجها، ويحتوي الدّيوان الأوّل على (28) قصيدة من الشّعر الحرّ بعناوين مختلفة مثل: (متاهات الوعد)، و(نيسان)، و(خربشات)، و(ما بعد الرّحيل)، و(سماء الكلام)، و(النّدى الورديّ)، و(أعتقني من نارك).

أمّا الدّيوان الثّاني فيحوي (47) قصيدة من الشّعر الحرّ أيضًا، لكنّ قصائده أقصر من قصائد الدّيوان الأوّل، حيث جاءت القصيدة فيه في حدود صفحة واحدة، وقليلًا ما جاءت في حدود صفحتين. وعناوينه متعدّدة مثل: (أشواق)، و(شاعر في حضور مخاض الوحي)، و(مريم الأخرى)، و(حلم الكنار)، و(رقصة الحجل)، و(ندى الصّحارى)، و(سدرة المنتهى).
والكتابة عن ديوان شعر ليست سهلة ولا ميسورة، فكيف بالكتابة عن ديوانين اثنين؟! لأنّ كلّ قصيدة تحتاج إلى كتابة مستقلّة ونقد خاصّ. فالشّاعر أيّ شاعر قد يحسن ويجيد ويبدع في قصيدة معيّنة، وقد يضعف ويسيء ويكبو في قصيدة أخرى.

ومع أنّي قد قرأت الدّيوانين، إلّا أنّ أوّل ما لفت نظري فيهما هو ندرة الأخطاء في الطّباعة وفي اللّغة، وهذا أمر مستغرَب في هذه الأيّام الرّديئة لغةً؛ حيث لا تجد كتابًا يخلو من كثير من الأخطاء.

وأنا في هذه العجالة سأختار قصيدة من الدّيوان الأوّل، وأكتب عنها، وهي القصيدة الّتي جاءت بعنوان (بين الرّوح والجسد). ومّما دعاني إلى اختيار هذه القصيدة هو إكثار الكاتبة عن الكتابة عن (الرّوح والجسد) في الدّيوانين وعن (الموت) و(الرّحيل) والرثاء و(الأبديّة) و(أرواح سقطت سهوًا) و(ترجّل عصرًا) و(تناغم الرّوح والجسد).

وهذه القصيدة أستطيع أن أقول عنها إنّها من قصائد الرّثاء الحديث، ترثي بها أباها وتصوّر الفراغ الّذي تركه أبوها، وكان ذلك في يوم عيد فتقول:

(للعيد في زوايانا طعم الغياب الحاضر.

نتكربل أيتامًا فوق الجسد المذبوح، حين انفصال الرّوح والجسد.

كنتَ أنتَ الصّديق والرّفيق والماء الزّلال.

وحدهما عيناكَ أضاءتا ظلماتنا في أحلك الأيّام.

هما يداك هيأتا لنا شقائق النّعمان.

يا مَعْلمًا توارى في الظّلّ طوعًا، بكبرياء وتمرّد على كلّ معاني الغرور.

بدمعتين وفرح، سنذكرك دومًا يا أبي في مواسم الحبّ حين نهيّء الطّرحة.

سنترك لك مكانًا في حدائقنا، سنزرع الياسمين وننثر الحبق.

وسيبقى اسمكَ بسمة، على شفاه صغار الزّغب.

وستبقى المحبة في عرشها، مثلما اشتهيتَ وعلمتَنا.

إنّها هي وحدَها، وحدَها المحبة خلاص للبشر.

سلام منّا يا أبي إليك، سلام عليك منها).

(هذا الاقتطاف والتّضمين من القصيدة جاء بتصرّفٍ في كتابة الأسطر واختيار الفقرات).

بهذه الألفاظ الرّقيقة الحزينة ترثي سوسن والدها، أو قُلْ هذا هو ما جال بخاطري حين قراءة القصيدة، حيث ضمّنْتُ كتابتي بهذه الأبيات من قصيدة (بين الروّح والجسد) الّتي تعبّر عن عاطفة صادقة، ومحبّة عارمة، ولوعة كبيرة على فراق أغلى النّاس على قلبها.

وتكاد تكون هذه القصيدة، وقليل غيرها، من القصائد الّتي يمكن فهمها واكتشاف مراميها وأبعادها؛ لأنّ أكثر القصائد في الدّيوانين ملفّعة بالإبهام والغموض.
أمّا الأخطاء النّادرة في الدّيوانين:

صفحة (66) من الدّيوان الأوّل: (إليك إختي)، والصّحيح: أُختي؛ وأظنّها كتبت بلهجة أهل شمال فلسطين العامّيّة.

صفحة (77) من الدّيوان الأوّل: (تنكسر الشّمس)، والأحسن: (تنكسف الشّمس)، وجاءت في القصيدة مرّتين. وهذا المفهوم عن كسوف الشّمس وخسوف القمر، حين موت إنسان معيّن، مفهوم خاطئ؛ فعن أبي مسعود الأنصاريّ قال: انكسفت الشّمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله، فقال النّاس: انكسفت الشّمس لموت إبراهيم. فقال النّبيّ: (إنّ الشّمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى الصّلاة).

صفحة (44) من الدّيوان الثّاني: (أأجّل جواز سفرك)، والصّحيح: (أُؤَجِّلُ).
صفحة (59) من الدّيوان الثّاني: (تجديف الصّحاري)، والصّحيح: (الصّحارى) بألف مقصورة على شكل الياء لا بياء، وجاءت كلمة الصّحاري في القصيدة (3) مرات.
وختامًا الدّيوان الأوّل مزيّن برسوم فَهْمُها أعقدُ من فهم كلمات القصائد.

موسى أبودويح

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى