الجمعة ٢٤ أيار (مايو) ٢٠١٣
بقلم رندة زريق صباغ

وتبقى الكتابة لغتي

كم تمنيت ولا أزال أن أتمكّن من كتابة مقال واحد على الأقل أكتب فيه ما يحلو لي - أكتب فيه عمّا يضايقني، ويزعجني في مجتمعي الذي أنتمي إليه، كم تمنيت أن أنشر مقالاً كاملاً لا شيء فيه سوى علامات تعجب!! وعلامات إستفهام؟؟ ليس أكثر!!؟؟

لكنّ ذلك غير ممكن، فمن المستحيل مغافلة رئيس التحرير ورقابته المشددة!
كيف يمكن إذن أن أهرّب مقالاً كهذا؟!

مقال قد يكون مفهوماً للبعض! وغير مفهوم للبعض!

قد يكون مهمّاً لفئة ولا يعني ابداً فئة أخرى!

وقد يكون لا شيء للآخرين
لكنني على ثقة تامّة من أنّه شيء، بل كلّ شيء للقسم الأكبر منا..
أفلا تحيط بمعظمنا كميات هائلة من علامات التعجب!!

أفلا تحيطنا علامات خائفة متوترة من الإستفهام؟؟

وماذا عن علامات التّمرّد والإستنكار التي تبقى معظم الأحيان حبيسةً في داخلنا خوفاً، حرجاً
أو قلقاً من المحيطين بنا ومن ردود أفعالهم !؟

علامات تعجب وإستفهام مستفهمة كبيرة وكثيرة ؟؟!!

هي علامات سببها جشع إنسان هذا الزّمان!!

هي علامات سببها الآلية المتوحّشة التي قضت على إنسانية الإنسان محولة إّياه لآلة إستهلاكية تجعله غير متفوق على المخلوقات الأخرى سوى بالنّطق !!

علامات سببها المادة التي جعلت الأخ ينسى أخاه، والأخت أخاها والقريب يستغني عن قريبه وقت الضّيق والحاجة، ولسان الحال يقول:-

"حايد عن ظهري بسيطة"!!!

"فخار يكسّر بعضو"!!!

علامات تبحث عن الصّداقة الحقة التي اختفت ولم يعد لها مكان في هذا الزّمان!!
علامات تصرخ وتقول لماذا باتت المصالح الشّخصية والخاصّة فقط هي ما يقرّر مصير العلاقات بين الناس؟!

علامات تتساءل ماذا جرى للزّمن الجميل ؟!

زمن الحب والود، التضحية والعطاء ؟! زمن العلاقات السّامية الرّاقية؟

علامات تستغرب وضع الفن والأدب المتردّي!!

علامات تتحسّر على ما كان وتخاف مما سيكون!!!

هي علامات أتمناها رصاصات تغتال الشّر والحقد والكراهية من قلب كل إنسان فتعيد له ولو قليلاً من إنسانيته المطموسة في داخله!!

علامات تستفهم مستغربة وتتعجب متسائلة!!!

كيف ولماذا هذا الكم الهائل من المقاساة والمعاناة على كل الأصعدة؟!

الفرديّة، المجتمعيّة والقوميّة؟!! المحلّيّة، القطريّة والدوليّة؟!!

لم هذا الكم من الصّدمات والإحباطات؟!

من الغربة التي تعشّش فينا رغم وجودنا في وطننا !؟

لماذا يمكن أن يتحوّل بعض الأقارب إلى عقارب خوفاً على أموالهم التي باتت صاحبة الأهمية الأولى في حياتهم؟!

إلا أنه وللأسف زمان يمنع التّعجب والإستفهام !!! بل يمنع الإحتجاج والإستفسار؟!
فالويل الويل لمن يرفع رأسه معارضاً محتجا!!

الويل الويل لمن يطالب بحقّه أو يستفهم عنه!!؟؟

وأما من يتألّم لألم قريب أو صديق محاولاً التّدخل وإبداء الرأي، تأتيه الويلات بسسب جرأته الوقحة، وبسبب صراحته غير الضّروريّة!!

فعلى الفخّار أن يكسِّر بعضه بعضاً والجميع ينظر صامتاً غير مدرك أنّ قطع الفخّار ستسقط على رأس الجميع فتجرحها وتدمي الوجوه!!!

إنّها علامات حالمة ترجو، تتأمّل وتتساءل!!

ترى هل أصبحت المحبّة ممنوعة؟!

هل بات الإهتمام الحقيقي بالاخرين سبباً لإنزعاجهم؟!

فمن شدّة الأنانيّة المسيطرة على الناس أصبح الصّادق والمهتم متدخّلاً فيما لا يعنيه!!
وبات من لا يتدخّل -فيما وجب أن يعنيه - إنساناً عاقلاً ومتزناً !!

*كمحاولة للرّد على هذه العلامات المتاكضة والمتخبّطة في رأسي لا بد من الكتابة التي لا تتم الا بالحبر والورق!

لتغدو الأفكار والمشاعر سواداً ماحقاً على بياضٍ ناصعٍ!!

ما أغرب هذين اللونين المتضتدّين!!! يجتمعان ويجتمعان إلا أنهما يأبيان الإختلاط ويرفضان الإمتزاج كي لا يعطونا اللون الرّمادي فاقد الروح والحياة!

فاقد العبرة والفحوى!

لون يزعج العين والروح والفكر!

لن تبدو إشارات التّعجّب والإستنكار كما لن تبدو الكلمات واضحة إن رسمناها على اللون الرّمادي كونَ الأخير قادراً على إمتصاص المعنى ليفقده االمغزى!

ليت هذه العلامات تقرع ناقوس الخطر فتضيء الضوء الأحمر ثم الأخضر في عقولنا وقلوبنا لنعيد ترتيب اوراقنا وادراك اولوياتنا؟!

فنرى الوجه الآخر لوجوهنا بالمراة علَّ نفوسنا تتلوّن بالفرح والمحبّة!!
تتمنى هذه العلامات ان تنجح في زعزعة روتين حياتنا الغبي السخيف!! فنعمل على تغييره لما فيه مصلحة الجميع!!

علامات تهدف أولا وأخيرا لخروج مجتمعنا العربي من حالته الغائبة والمغيّبة بعد طول "الاستقرار"!!

وبعد طول الانتظار!!

تهدف للإشارة والتوجيه نحو الشّمس التي لا تختبىء وراء الغربال!!

وروعة الكتابة أنّها واضحة ساطعة تماماً كما الشّمس!! لكنّها قد تكون حارقةً أحياناً، إذ لا بدّ وأن تذوب زبدة الليل وثلوج المروج!!

بما أنّ مقالةً كاملةً من علاماتٍ لن ترى الضّوء!

فها أنا أكتب بالكلمات من جديد، لتبقى الكتابة بالكلمات هي لغتي بكل الأحوال!!
كلمات يراها البعض جميلة!

يراها البعض معبّرة!

كما يراها البعض الاّخر بلا معنىً!!

في حين يدرك كاتبها وحده، ما وراءها من علامات وإشارات، وما يختبىء في كواليسها!!
حين يكتب المرء إنّما يكتب بدم القلوب أودمع العيون أو شجن الرّوح!!
وليس بالحبر فقط!!

سئمت واكتفيت من الكلام...فها أنا أوثر الصمت!!!

سأصمت .... نعم سأصمت ... وأدع الحبر يتكلم بدلاً عني ....محوّلاً بدوره الأفكار من جديد لسواد على بياض!!

فصمتي أجمل من أن أكسره لأقول شيئاً قد لا يعني الاّخرين!!!

وكما قالوا:- "لأننا نتقن الصمت...حمّلونا وزر النّوايا حين تكلّمنا"!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى