الجمعة ٣١ أيار (مايو) ٢٠١٣

مخيم طولكرم يحيي ذكرى النكبة

عبد الناصر صالح

رعاية وزارة الثقافة وجمعية توفيق زياد للثقافة الوطنية والإبداع في الناصرة عقدت مدرسة بنات طولكرم التابعة لوكالة تشغيل وغوث اللاجئين،أمس، ندوة ثقافية احياءً للذكرى الخامسة والستين للنكبة، بعنوان: "مفتاح البيت في يدنا"، وذلك في قاعة مكتبة المدرسة، بمشاركة الشعراء: عبد الناصر صالح ومفلح طبعوني وطارق عبد الكريم محمود، وحضور مديرة المدرسة ميادة عبد القادر وعضوات الهيئة التدريسية وحشد من الطالبات.

وذكرت عبد القادر في كلمتها أن ذكرى النكبة الأليمة تمر علينا هذه الأيام، ونحن نزداد تمسكاً بحقنا الطبيعي في العودة إلى بيوتنا وممتلكاتنا التي هَجَّرتْنا العصابات الصهيونية منها بقوة السلاح، مشيرةً إلى أن نتائج هذه النكبة هي تهجير قسري لأكثر من 800ألف فلسطيني من قُراهم ومدنهم، وما تزال تلك المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق شعبنا ماثلةً أمام أعيننا، وبدأت التغريبة الفلسطينية في داخل فلسطين وإلى دول الجوار، مؤكدةً أن المخيمات الفلسطينية ستبقى رمزاً لهذه المعاناة، والتي يعود لها الدور في إبقاء القضية الفلسطينية حية، ولن ننسى بأنه كان للمخيم دور بارز في الثورة الفلسطينية واستمرارها، وأسقط المقولة الإسرائيلية: "يموت الكبار وينسى الصغار ".

وأكد الشاعر عبد الناصر صالح أنه حان الوقت لنستعيد الحقائق التاريخية للفترة ما قبل العام 1948، والتي أدت إلى إجلاء الفلسطينيين من وطنهم، مشيرا أن اليهود شكلوا في العام 1947، وعلى الرغم من الهجرة غير المحدودة إلى فلسطين، ما نسبته ربع السكان، بينما شكَّل الفلسطينيون المسلمون والمسيحيون ما نسبته ثلاثة أرباع السكان، ولم تتعد الممتلكات اليهودية ما نسبته 4%من إجمالي مساحة فلسطين، بينما كان الفلسطينيون يمتلكون غالبية الأراضي.

وأشار إلى أنه في عام 1947، دعت الأقلية اليهودية إلى تقسيم فلسطين وإلى قيام دولة إسرائيل، وذلك ضد رغبة الأغلبية التي كانت تطالب بدولة ديمقراطية علمانية لليهود والمسيحيين والمسلمين، وأضاف: مع الأسف فإن تيار التاريخ أتى ضد الشعب الفلسطيني، وتحقق مطلب اليهود.وفي هذا الصدد، فإن إنشاء إسرائيل كان غير شرعي، وخلال الفترة من شهر كانون ألثاني وحتى شهر أيار 1948، شرعت الجماعات اليهودية بتنفيذ مشروعها المخطط له من قَبْل، والقائم على طرد السكان، في سبيل إفساح المجال لليهود للهجرة إلى فلسطين.

وأشار الشاعر عبد الناصر صالح إلى بعض الأمثلة على المجازر التي نفذتها العصابات الصهيونية: ففي 1/5/1948 فجرت " الهاغاناة" تحت قيادة بن غوريون فندق سمير أميس في القدس، مما أدى إلى مقتل 24 مدنياً فلسطينياً، وفي 9/4/1948 نفت مجزرة ضد أهالي دير ياسين، من قرى القدس، وقتل العشرات من الفلسطينيين، ويروي مناحيم بيغن في مذكراته أنه "لولا حصول مجزرة دير ياسين، لما كان هناك"دولة يهودية". وأضاف الشاعر عبد الناصر صالح أنه في شهر أيلول 1948، وعلى الرغم من دعوة قرار الأمم المتحدة رقم 194 لعودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم، أعلنت" الدولة اليهودية" أن اللاجئين "غائبون " وعلى أثر ذلك،، تم تسليم ممتلكاتهم إلى ما يسمى "حارس أملاك الغائبين "وفي عام 1950،أصدر وزير المالية الإسرائيلي، آنذاك "قانون الغائبين" والذي يسمح لحارس الأملاك ببيع أو تأجير هذه العقارات لليهود فقط.وأشار إلى مقالة كتبها المؤلف الشهير موشيه سميلانسكي في صحيفة هآرتس في 26/7/1949 إلى أن المدن والقرى والممتلكات الزراعية أكثر من 3 مليون دونماً من الأراضي الزراعية، تمت مصادرتها لصالح اليهود. واستمر استهداف الوجود الفلسطيني في فلسطين التاريخية، منذ ذلك الحين، ولم يتوقف إلى الآن، ففي العام 1967، وبعد حرب حزيران، أمرت الحكومة الإسرائيلية بترحيل ما يقارب 6آلاف شخص من سكان 3 قرى هي عمواس ويالو وبيت نوبا، وتم تدمير هذه القرى الثلاث وتجريف أراضيها، أما الأراضي الزراعية لأصحاب هذه القرى فيتم زراعتها من قبل المستوطنين.وما زال مسلسل مصادرة الأراضي وتهويدها مستمراً إلى يومنا هذا، وخاصة مايحدث في القدس من تهويد وتغيير ديموغرافي للمدينة وطرد سكانها والتهديد الحقيقي والخطير الذي يتعرض له المسجد الأقصى المبارك.

وقال الشاعر مفلح طبعوني أنه تكريساً لاحتلال فلسطين من النهر إلى البحر، تفنن مخططو السياسة الإسرائيلية في خلق " ملهيات " للشعب الفلسطيني، وهروباً من استحقاقات أية عملية سلام حقيقية، تعيد حقوق الفلسطينيين إلى نصابها، تارةً يعزفون على أوتار ما يسمونه الوطن البديل، وتارة الدولة المؤقتة، وثالثة المفاوضات غير المباشرة، ورابعة وخامسة.....وهكذا فإن جعبتهم لا تخلو من هذه الترهات التي يرفضها الشعب الفلسطيني.وأضاف أن إسرائيل تسرح وتمرح في سياستها، حيث أن المباركة الغربية لها زاد وزنها واتسعت مساحتها في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، وكانت الجائزة الكبرى لها اعتبار مجمل نضالات الفلسطينيين إرهاباً، وثمة هدية أخرى لها جاءتها من العالم العربي الذي أنهى علاقته، فيما يخص القضية الفلسطينية، بانسحابه التدريجي منها، والتطبيع مع الجانب الإسرائيلي.
وأكد الشاعر طبعوني أنه برغم ما عانته القضية الفلسطينية من تآمر عليها في المسمَّى والمضمون، تظل الذاكرة الفلسطينية أقوى من كل ما لحق بها من صدأ وتآكل على مذابح التآمر العالمي والعربي، وأكد أن الذين راهنوا على نسيان القضية قد باءوا بالفشل، مشيراً إلى أن الأجيال الفلسطينية الأولى التي شهدت مأساة الشعب الفلسطيني قد طوى الموت معظمها، إلا أن الأجيال اللاحقة لم تزل وفية لها، ولم تنسها ولم تَخُنها، ولم تتَخلَّ عنها، لم ولن ترضى بديلاً عن ثوابتها وحقوقها.

وقال الشاعر طارق عبد الكريم محمود: لنتذكر على الدوام بأن القيادة والحركة الوطنية الفلسطينية، تعتبر قضية اللاجئين أساس الصراع، وجعلت تلك القضية في سلم أولوياتها، وثابتاً من الثوابت الفلسطينية، مؤكداً أن إعلان وثيقة الاستقلال أكد على ذلك، ولا يخلو موقف للقيادة الفلسطينية من التأكيد على حق العودة، فهو حق إنساني وقانوني نصَّتْ عليه القوانين الدولية، وهو حق فردي وجماعي لا يسقط بالتقادم، وأشار إلى أنه يقع على كاهلنا مسؤوليات لعل أبرزها تذكير الأجيال بهذا الحق وتعريفهم بمدنهم وقراهم، وحبذا لو نستطيع إرسال وفود من أبناء اللاجئين إلى أرض الوطن من أجل ربطهم بجذورهم، لأن ذلك سيكون رافعة في صقل هويتهم وانتمائهم.

مشيراً إلى أن مطالبتنا بحقنا في وطننا، وطن آبائنا وأجدادنا، تقوّي وتدعم موقف القيادة الفلسطينية في المطالبة بالحرية وتقرير المصير لشعبنا، وأن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس تجعلنا أقرب إلى تحقيق حق العودة، وأننا نحن أصحاب الأرض، وأكد أن الماضي والحاضر والمستقبل لنا..ولن يضيع حق وراءه مُطالب.

وجدد الشعراء مواقفهم من خلال إبداعاتهم الوطنية التي ألقيت أمام الحضور، مؤكدين، بصدق مشاعرهم، أن النكبة ستبقى ذكرى محفوفة بالحزن والعذاب والأسى في ذاكرة الأجيال القادمة حتى تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال، واستحضر الشعراء، في قصائدهم التي تماهت مع هذه الذكرى، أحلام العودة التي لا تتوقف عن التدفق رغم أمواج الحسرة والأسى العاتية، حيث أكدت أنه بالرغم من كل العصور الضبابية السائدة، إلا أن روح الأمل معلقة تماماً مثل مفاتيح العودة بانتظار أن يؤذن لها بالعبور.

عبد الناصر صالح

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى