الاثنين ٣ حزيران (يونيو) ٢٠١٣
بقلم عبد الرحمان رعد

وابتدأ العمر

.. ها هو الحزن.. رفيقنا في كل الأوقات.. هو الأنيس هو صاحبنا في العمر القصير.. هو ذاك الشعور الذي ما يلبث أن يُغادر.. ثمّ يعود حاملاً الأوجاع والأوهام..

أمّا نحن.. ها هيَ حياتنا تدور وتدور.. فَلَكُها قاتِم مُظلم.. ويدور معها الزمان.. هادماً كلّ القصور.. كلّ الذكريات والجنون.. كلّ الحب الأمل والوعود..

أمّا أنا.. ها أنا جالسٌ.. لا أنيسَ معي سِوى بِضعة من أوراقٍ.. تناثرت في رياح ألمٍ صارخ.. بعثرها الزمان.. شوّه ملامحها.. قتل الفرحة من كلماتها.. أردى حلمها.. أبعدها عن رونقها..

صفحاتٌ كانت هي الصاحب والرفيق.. فرحُها كان يأسي.. عِشقٌها كان حزني ..حلمها كان انكساري..
ما زِلتُ جالساً.. أقلّب صفحات أيامي.. هنا ذكرياتٌ ممّا كان.. شظايا من فرح الماضي.. وهنا يأسٌ وبعدٌ وحرمان..
أُكمل تصفّح كتابي العتيق.. صفحاتٌ ملأها أناسٌ دخلوا نفقي.. فجعلوه أقتم وأظلم.. فرِحوا في حزني.. في ضعفي وانهزامي.. وصلوا.. نجحوا.. ثم غادروا.. ها هي أوراقهم بين يديّ.. أمزّقها.. أحرقها.. أرميها..

وأكمل التصفّح.. أناسٌ غدروا.. ظلموا.. نسوا العشرة والإحسان.. وآخرين أحبّوا.. على طريقتهم.. وفقاً لأهوائهم.. فكانوا كمن قبلهم.. وشهدوا المصير نفسه.. وأوراقهم مُزّقت.. حُرقت.. ورُميت.. من الكتاب والقلب..
وأكمل.. أكمل التصفّح.. أعود بالزمن.. أتذكّر.. أبتسم.. أتعلّم.. وأرمي..

أرمي الكتاب.. أبدأ من جديد.. أبتسم.. أحلم.. وأدعو.. آملاً أن يكون اسمك ناصعاً في كتابي الأخير....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى