السبت ٦ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم مهند النابلسي

زهرة النتن!

حمل الهواء في هباته المتواصلة رائحة معينة ، كانت الرائحة القوية تنبعث من جهة البحيرة، انها نفس الرائحة الطاغية في كل مكان، وغادر الطفلان للعب بعد ان وجهت لهما التحذيرات المكررة بألا يبعدا وبأن يكونا يقظين تماما، فالمكان حافل بالخطر... وضاقت نورا ذرعا بالرائحة الخانفة، فعادت لتكرر نفس الاسطوانة:

اتعلم أنه كان من الخطا تماما احضار طفلين ليتنفسا هواء استوائي مشبع بغازات الكبريت السامة ، انهما في اجازة وفي أشد الحاجة لهواء شديد النقاء مفعم بالعافية ! قأجاب شاردا وقد تعب قلبه من تكرار هذا النقاش العائلي العقيم:

بالفعل، يبدو الوجود هنا لغير المهتم شديد الوطء! فعادت لتسأله متوسلة:

ألا تخاف؟ فلم تعد وحدك في هذه الحياة، ونجن بحاجة لوجودك وأخشى ان نفقدك! فأجاب بهدؤ وبكل طقوس الكبرياء بعد ان اختنق صوته وسالت مدامعه، وقصد ان لا ترى انفعاله:

ولم اخاف؟ فبعد الموت اما العدم واما الرحمة! ...وفجاة اندفع الطفلان للداخل بصخب:

بابا...ماما... شاهدنا في دغل قريب حديقة غريبة تعج بالزهور الملونة البهيجة المنظر، ولكن روائح كريهة تنبعث منها!...فهرول ونورا وراء الأطفال لمعاينة الحدبقة والتحقق من الادعاء الذي بدا طفوليا ومبالغا به، وبالفعل فقد انبهرا من المنظر الخلاب، كما انزعجا من رائحة "نتنة" تزكم الانوف، فقال البرفسور معلقا:

يا الهي...انها زهرة نادرة في العالم، وهي تتكائر هنا ببيئتها الطبيعية الخاصة، وما هذه الرائحة الكريهة الا مزيجا غريبا من روائح " اللحم المتعفن والسمك النتن والسكر المحروق"! وربما تتغذى على الحشرات، كما انها تجذب الطيور التي تحمل بذورها بغرض التكاثر...أجل انها زهرة " النتن"!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى