الخميس ١١ تموز (يوليو) ٢٠١٣
التلوث البيئي:
بقلم مهند النابلسي

سمكة بثلاثة عيون!

...استيقظ الجميع بنشاط صبيحة اليوم التالي، وقدمت نورا لزوجها كأسا ساخنا من الشاي بالنعناع المجفف، ومنحته ابتسامة ساحرة نادرة أدخلت السرور لقلبه وازالت جبلا من الاحباط...ذلك الاحباط الذي بدا يتراكم ويعيق تفكيره الابداعي، فشكرها بود بالغ، وغلب تناغم اسري على الجو، ثم قاجأ رامز امه بسؤالل ذكي عندما طالبته بايقاف ماء الحنفية والكف عن هدر الماء:

  اماه، كيف يجب الاقتصاد باستخدام المياه العذبة ونحن على بعد ألف كيلومتر تقريبا من نهر الكونغو، ذلك النهر الذي يوفر حوالي ثلاثة ونصف بالمئة من مصادر المياه العذبة بالعالم، وربما يأتي في المرتبة الثانية بعد نهر الأمازون الشهير، ثم استطرد مفسرا سر معرفته الدقيقة:
  لقد تعلمت كل ذلك في دروس الجغرافيا وعلقت في ذاكرتي!

لقد كان سؤاله منطقيا، فهناك تقنين في استخدام المياه العذبة، فقد أحضروا معهم كمية كافية لاستخداماتهم الأساسية، ولم يكن هناك مجال للهدر!

مر اليوم بهدؤ: عمل وترقب واستراحة، واستعداد حثيث للرحلة المرتقبة، ومراقبة دقيقة للمكان والبيئة ولسلوكيات الحيوانات المختلفة، وفي المساء تراكمت اندهشاتهم: فقد اصطاد الباحثان منير وعلي سمكة كبيرة ذات رأس شاذ غريب وبأعين ثلاثة! واستطاعا بصعوبة جرها للساحل، حيث بدت كوحش خرافي نائم بطولها الذي تجاوز الثلاثة امتار ولونها الفسفوري، وبدت خالية من القشور، واثناء جرها بحبل لموقع السكن القريب، وبعد معاينتها الدقيقة من قبل البرفسور مراد لاحظ انها أصبحت هلامية بصورة فجائية وذات شفافية تسمح برؤية اعضاؤها الداخلية!

فانقلب مزاج زوجة البرفسور على عادة مواليد برج الجوزاء، فقالت بسخرية مجازية:
 كائن مسخ ملوث آخر، نمى وترعرع في مياه حمضية، وتغذى سموما بترولية وعناصر ثقيلة وربما اشعاعية! حمدا للله أني لست حاملا، والا لكان مسخ هذا الذي سأحمله في بطني!

واكتفى البرفسور كعادته بالصمت المعبر، وقال لمساعديه بعد ذهابها:
 أقترح قطع الرأس أولا وحفظه بالمحاليل لدراسته ومعرفة الوضع النسيجي ونسبة التلوث ومكوناته.

ثم عاد البرفسور لخيمته، ألقى تحية المساء على زوجته، قبل طفليه وداعبهم قليلا، ثم نام مبكرا...وأيقظته زوجته بعد منتصف الليل قائلة: "انك تشخر كأسد"! عذبه الأرق اللعين حتى مطلع الفجر، وبدأ يفكر بنسائم الهواء حتى هب هواء عليل ساعده أخيرا على النوم، وكان آخر ما فكر فيه "بالتأكيد هذا الهواء لم ياتي من جهة البحيرة، فقد أصبحت هذه البحيرة كالكابوس، يبدو ان نورا محقة فيما تقول"!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى