السبت ١٣ تموز (يوليو) ٢٠١٣
مصافحة..
بقلم بلقاسم بن عبد الله

مفدي زكريا عاشق تلمسان

.. ولماذا منع شاعرنا الثوري مفدي زكريا من إلقاء قصيدته المطولة عن تلمسان وجمالها وأمجادها في الملتقى التاسع للفكر الإسلامي الذي أقيم منتصف جويلية 1975 بعاصمة الزيانيين؟.. تساؤل مثير للجدل واجهني اليوم من جديد، قبيل المساهمة الفعالة في ملتقى وطني عقد يوم 3 جويلية الجاري بالجزائر العاصمة حول محور رئيسي: مفدي زكريا والأبعاد الدينية والحضارية.

وقبل هذا وذاك، لا بأس أن نعود إلى حكاية العلاقة الوثيقة بين شاعرنا العظيم مفدي وعشقه الوجداني والصوفي والنضالي لتلمسان مدينة الثقافة والحضارة، عبر أربعين سنة ممتدة من سبتمبر 1935 إلى جويلية 1975 من خلال ترصد خطوات ومحطات اللقاء والأشواق، قبل أن نتوقف في المحطة الأخيرة مع واقعة الوقائع، في لحظات الفراق والوداع.

المحطة الأولى: وقعت أول خطوة لشاعرنا بتلمسان أثناء احتضانها للمؤتمر الخامس لطلبة شمال إفريقيا المسلمين يوم 24 سبتمبر 1935 حيث ألقى قصيدته الرائعة التي تضم 60 بيتا أمام المشاركين، ونشرت بجريدة الأمة لصاحبها الشيخ أبو اليقظان رائد الصحافة الوطنية في الجزائر.

المحطة الثانية: حدثت بعدما وقع التعارف بين الشاعر مفدي والمثقف الوطني التلمساني محمد قنانش في إطار حزب نجم شمال إفريقيا، ثم حزب الشعب الجزائري بزعامة مصالي الحاج. بعد أن حل شاعرنا مفدي بتلمسان معززا مكرما، في أواخر نوفمبر 1936.

المحطة الثالثة: توثقت أواصر الصداقة والنضال بين مفدي زكريا والزعيم مصالي الحاج، فجمعت بينهما المبادئ السامية والأهداف الوطنية، وقد أبرز الشاعر ذلك في نشيد الإنطلاقة الأولى لحزب نجم إفريقيا الشمالية الذي نظمه سنة 1936 وحفظته الألسنة والقلوب نابضا بالنغمة الموزونة.

المحطة الرابعة: تدعمت الصلة الوثقى لشاعرنا بتلمسان بعد الإستقلال، حيث كانت أول مدينة يدخلها سنة 1962 لينزل ضيفا مكرما. وقد عبر الشاعر عن حبه لتلمسان في إلياذة الجزائر التي ألقاها أثناء الملتقى السادس للفكر الإسلامي المنعقد من 24 جويلية إلى 10 أوت 1972 وكانت فرصة ثمينة بالنسبة لي لإجراء أول حوار مطول مع شاعرنا الكبير، نشر كاملا وقتئذ بجريدة الشعب الثقافي يوم 5 أوت 1972 قبل أن يظهر في كتابي: مفدي زكريا شاعر مجّد ثورة.في ثلاث طبعات. وفي هذه الإلياذة الخالدة تغنى الشاعر بجمال وأمجاد تلمسان في عدة مقاطع، وجسدها في أوصاف بليغة: ربوع الندى والحسب، مغنى الأدب، عروس الدنا، حلم الليالي، سلوى المحب، معبد الحب، دار سلام.

المحطة الخامسة: أثناء انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي بتلمسان من 10 إلى 19 جويلية 1975 وأتيحت لي من جديد فرصة محاورة شاعرنا المبجل قبيل اضطراره لمغادرة مدينته المحبوبة تلمسان وأمها العزيزة الجزائر، هاربا خفية إلى المغرب الشقيق، بعد أن شعر بالملاحقة والمضايقة عقب منعه من إلقاء قصيدته المطولة الرائعة عن تلمسان وجمالها وأمجادها، رغم محاولات عديدة لإقناع المنظمين، ونشرت لأول مرة كاملة بخط يده ضمن مواد كتابي المذكور. و تضم أزيد من مائة بيت شعري، وتمثل تجربة فريدة متميزة في شعره الوجداني الصوفي والوطني..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى