الخميس ٢١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٣
بقلم فراس حج محمد

الطفولة الغائبة في عيدها

احتفى موقع جوجل، كعادته في إحياء المناسبات المهمة باليوم العالمي للطفولة الذي يصادف هذا اليوم 20- نوفمبر، وكانت الأمم المتحدة قد أقرت يوما للاحتفال بالطفل عام 1954، فغدا يوما عالميا لتقدير موقع الطفل في الحياة الإنسانية، فهم زينة الحياة وسرها وبهجتها، وهم المستقبل والغد الآتي، وانبثق عن ذلك فيما بعد الإعلان العالمي لحقوق الطفل عام 1959، واتفاقية حقوق الطفل عام 1989، وأنشئت للغرض نفسه منظمة اليونيسف التي تعنى أساسا بالرعاية الصحية للأطفال.

فهل ستتذكر الأمم المتحدة والعالم وشركة جوجل ملايين الأطفال على امتداد البقعة الجغرافية ممن يعانون من ويلات الحروب والقتل اليومي والتشريد؟ وهل سيتذكر العالم ملايين الأطفال ممن لم يعيشوا طفولتهم نتيجة ظروف أهلهم الاقتصادية والاجتماعية المزرية؟ وهل ستتذكر الدول الصديقة الغنية أن هناك أطفالا يقتاتون على ما يلقى في حاويات الزبالة من بقايا طعام المترفين؟ وهل ستتذكر الدول الوطنية وصانعو السياسات أن هناك جيلا قادما عليهم رعايته وتوفير الحقوق الأساسية له من مأكل وملبس وتعليم وترفيه وأمن؟

هل سيتذكر العالم المستقبل ولبنات هذا المستقبل أم أنهم قد انشغلوا بما يسد الأفق والتفكير، فلا خطط ولا إستراتيجيات ولا أفق مفتوحا لهؤلاء الذين ليسوا هم أبناءنا فقط، بل هم صانعو حياتنا؟ وهل سيلتفت المفكرون ممن غاصوا في شئون عامة وخاصة إلى ضرورة العمل على هذه الفئة التي هي ضعيفة بحكم المرحلة والتركيبة البيولوجية والنفسية؟

لعل هذا الموضوع من الأهمية بمكان لأن يتحدث فيه كل ذي فكر، وأن يوليه كل صاحب مسؤولية الاهتمام المرجو، فكل ما في هذه الحياة يدور في فلك الطفولة، ليس من أجل الطفولة بحد ذاتها، بل لأنها تلك المرحلة التي يجب أن تكون في بؤرة كل دولة وصانع قرار، فإذا ما أردنا حياة حرة وكريمة وخالية من العطب فلا بد من الاهتمام بالأم والأب وكل العناصر البشرية الأخرى المشكلة للحياة الإنسانية، لتهيئة المناخ الفكري والنفسي للطفل ليعيش حياته مستقرا بعيدا عن أي خلافات أو منغصات، و"حماية الطفل من أي إيذاء أو سوء معاملة في جميع أنحاء العالم".

إن مما يؤسف له حقا، تخلي بعض الحكومات عن واجبها الأخلاقي والإنساني في رعاية الطفولة، لتترك الأمر بأيدي الجمعيات والمراكز غير الوطنية، ظنا منها أنها تساهم معها في تحمل أعباء في البناء والتوجيه، ونسيت تلك الحكومات أو تناست ما تجره تلك المؤسسات المدعومة بالدولار الأمريكي أنها توجه البلاد بكاملها الوجهة غير الصحيحة، فماذا على تلك الحكومات لو اقتطعت من نثريات الوزراء المتكاثرين في حكوماتها القليل من تلك المخصصات لتصب في برامج رعاية الطفولة بفكر يرعاه المخلصون والواعون في هذه الدولة أو تلك؟
علينا أن نتذكر جميعا ما جاء في تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة الاستثنائية السابعة والعشرين المعنية بالطفولة والذي عقدت عام 2001، "لقد كنا جميعا أطفالا في يوم ما. ونحن نتقاسم جميعا الرغبة في تحقيق رفاه أطفالنا، ذلك الرفاه الذي لم ينفك أبدا، وسيظل يشكل الطموح الذي تتعلق به البشرية قاطبة أكثر من أي طموح آخر".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى