الجمعة ٢٨ شباط (فبراير) ٢٠١٤
بقلم زهير كمال

الفلسطينيون بنادق للإيجار

في خطابه في عيد المقاومة بتاريخ 17 فبراير 2014 نبه السيد حسن نصرالله الى المشروع الجاري حالياً وهو شيطنة الفلسطينيين ، فبعض الذين يقومون بالعمليات الانتحارية في لبنان وسوريا، إن لم يكن معظمهم ، هم من الفلسطينيين.
وقد أكد على أن هناك خطراً على فلسطين وشعبها، والوقت الآن مناسب لتصفية القضية بفعل الضعف العربي وانشغال العرب بمعاركهم الداخلية.

ما لم يقله حسن نصرالله إن هناك عاملاً آخر في الحسابات الأمريكية الإسرائيلية وهو عمر محمود عباس فقد بلغ التاسعة والسبعين وهم يسابقون الزمن قبل موته لعقد اتفاق معه ينص أحد بنود ه على يهودية دولة إسرائيل.
اذا تحقق لهم ذلك فإن هذا يعتبر الانتصار الناجز والكامل للصهيونية في الاستيلاء على أرض فلسطين وتشريد ما تبقى من أهلها في أصقاع الأرض.

إن صبغ أي دولة على هذا الكوكب بصبغة معينة لهو أمر في منتهى العنصرية ، ولا يحق للولايات المتحدة أو غيرها من المتواطئين معها في أوروبا تأييد هذه الخطوة ودعمها والعمل على تحقيقها، فبالإضافة الى العامل الأخلاقي فإنها ستخلق مشاكل أكبر في الشرق الأوسط والعالم.

ولكن يجب أن لا ننسى أن الولايات المتحدة قد دعمت وأيدت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا حتى النهاية.
بعد توقيع محمود عباس على اتفاقية كهذه فإن مصيره يصبح محدداً ، نهاية سريعة بحكم أمراض الشيخوخة المستعصية، فلم يعد الرجل مهماً بعد أن تشكل واقع جديد وعلى خلفه أن يتعامل معه، حدثت قبل ذلك مع أنور السادات بعد اتفاقية كامب دافيد ، ومع الملك حسين بعد اتفاقية وادي عربة ، رغم أن العائلة الهاشمية قد تكون مصابة بأمراض عدة ولكنها لا تمتلك جينات تصيب أفرادها بمرض السرطان !

وقد تكون نهاية محمود عباس نهاية للسلطة الفلسطينية ذاتها فلم تعد هناك حاجة إليها بعد أن أدت الغرض منها.
بعد يومين من خطاب حسن نصرالله قام فلسطيني وكان أحد اثنين يقودان سيارتين، بتفجير نفسه في مركز ثقافي إيراني في بير حسن في الضاحية الجنوبية.

كانت نتيجة العملية عدداً كبيراً من الأبرياء سقطوا شهداء أو جرحى.

وأعلنت كتائب عبد الله عزام ( هو أيضاً فلسطيني ويعتبر الأب الروحي لأسامة بن لادن) مسؤوليتها عن الهجوم.
منذ نكبة عام 1948 وحتى تاريخ قريب لم نر أفراداً من الفلسطينيين يتدخلون في الشؤون العربية وكانوا حتى تاريخ قريب ينأون بأنفسهم عن ذلك ، فهم أصحاب قضية يكرسون جل اهتمامهم لها..

ولكن لابد من الاعتراف أنه كانت هناك تدخلات محدودة في الشأن العربي مثل تأييد ياسر عرفات لصدام في غزو الكويت، وتدخلات أخرى عندما كان الأمر يمس القضية الفلسطينية ولكن ما يحدث في سوريا ولبنان وفي مصر أيضاً وبخاصة في سيناء هو تدخل لا علاقة له بالقضية الفلسطينية ويمكن القول إن الفلسطينيين أصبحوا نسيجاً من التفاعلات التي تجري في المنطقة وأصبحوا بنادق للإيجار.

هناك أسباب عديدة لهذا التحول الهام منها ما هو سياسي ومنها ما هو اقتصادي اجتماعي
ومن ضمن الأسباب السياسية

أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد الحضن الذي يضم كافة الفلسطينيين فقد تم إضعافها بشكل مذهل بحيث أصبحت منظمة ورقية غير فاعلة .

فالسلطة الفلسطينية انحصر اهتمامها بالضفة الغربية وتوجه رئيسها عباس الى إسقاط حق العودة وأصبح فلسطينيو الخارج يشكلون عبئاً عليه ، وبعض التدخلات البسيطة إنما هي من قبيل رفع العتب ، إضافة لذلك فالخلاف بين فتح وحماس انعكس على الخارج الفلسطيني بحيث أصبح هناك رأسان في كل مخيم ، ووجود رأسين يعني عدم وجود أي رأس. ولكن أهمية ما يحدث أن الشباب الفلسطيني الموجود في المخيمات بدأ يفقد الأمل في حق العودة وهو يشاهد ويستوعب تخلي القيادة الفلسطينية عن مسؤولياتها.

لابد من الإشارة هنا الى أن أحداً لم يضر بشعبه مثلما أضر محمود عباس بالشعب الفلسطيني.

أما الأسباب الاقتصادية الاجتماعية فترجع الى نسبة البطالة العالية جداً بين شباب المخيمات بسبب القوانين اللبنانية الجائرة بحق أهالي المخيمات ، هذه المخيمات المكدسة التي تضاعف عدد سكانها عدة مرات بدون زيادة في المساحة أصبحت مرتعاً لليأس والأفق المسدود والأمر نفسه ينطبق على قطاع غزة.

وإذاً فلن تجد المخابرات الغربية وتوابعها في المخابرات العربية أفضل من هذه البيئة لتجنيد الشباب العاطل عن العمل ، ومع توجيه ديني بسيط ، ولكن منحرف ، تكتمل المسرحية في إيهام الشباب بسيط التعليم أن الشيعة أشد خطراً من اليهود.

وهذا أمر غريب على الشعب الفلسطيني بخاصة، والعربي بعامة، الذي لم يعرف أبداً أي تمييز ديني أو مذهبي ونرى شبابه الآن كباقي الشباب العرب يمارسون هذه التفرقة الخطيرة والقاتلة.

ما يؤسف له أن كثيراً من الشباب العربي المعول عليه بناء المستقبل يموت سدى بفعل التربية الخاطئة والمال العربي الموظف لخدمة أهداف الأعداء واستمرار الأوضاع القائمة التي تنحدر الى الدرك الأسفل كل يوم.
تعلمنا تجارب الشعوب أن الحل الأمني وحده لا يقضي على الإرهاب.

يعلمنا التاريخ أن الشعوب التي لا تنتبه الى ما يحاك لها تندثر وقد استطاع شعب فلسطين أن يصمد مائة عام ، فهل يستطيع الصمود فترة أطول ؟ الأمل معقود على ذلك.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى