الجمعة ٢٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٤
بقلم عـادل عطية

ربيع في الخريف!

جاء الخريف زاحفاً على الطبيعة، عرفت ذلك؛ من أوراق الشجر التي ترميها الرياح، فتتساقط وتتناثر على الأرض!
جعلت واحدة من هذه الوريقات الذابلة في حضن كفي، ونظرت إلى شجرتي الرابضة في هدوء وسكينة بجوار بيتي!
كان الخريف الأصفر، يعتصر جذورها، ويمتص آخر قطرة من اخضرارها!

وكانت تتعرّى إلا من ذكرياتي!

ومع ذلك، فهي صامدة صلدة، كعهدي بها، تستسلم في دعة، وتسامح، وتواضع، ورضا كامل لمقراض الطبيعة، في موسم التجرّد!

لا تئن ولا تشتكي، بل تترقب في حكمة، وثقة، يوم النقاء في حضن المطر، فلا يبقى لغبار الكون مكاناً في كيانها، إلى أن تستريح في بيات شتوي في انتظار الربيع الواعد!

ويعود تفكيري إلى نفسي؛ فأنا أيضاً بين فكي خريف العمر، وأوراق أيامي، تتساقط عني، وتطير إلى التلاشي!
تذكّرت بداياتي الأولى، ورغبتي الحميمة في أن أطاول قامة الكبار!

ولم أكن أدرك، وأنا في وهج طفولتي:

أنه كلما زادت أيام حياتي، كلما نقصت أيام عمري بالمقابل!

وانني سوف أرحل يوماً ما إلى الغروب في سبات طويل!

وفي ثقة قلت لنفسي:

قد أكون كالشجرة في الخريف العاصف، ولكني لست بشجرة، بل إنسان!

وكل ورقة يوميّة، تتساقط من عمري:

تمنحني التجرّد، والتحكم الكامل في الغرائز والشهوات!

وتبعدني عن التزاحم المرهق، وعن المظاهر الخادعة!

وتُضيف إلى عقلي وفكري: علماً، وخبرة، ودراية!

وتبقى جذوري الإنسانية ليست ممتدة في الأرض، بل عميقاً في قلب من أعرفهم، ويعرفونني!

عارفاً بأن ربيع الإنسان، كل إنسان، ليس ربيعاً واحداً، بل ربيعين:

ربيع في أولاده، وأحفاده!

وربيع في الأبد، وسمائه!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى