الاثنين ١٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٤
بقلم هيثم نافل والي

كيف سيطر الغرب على الشرق؟

علينا ألا نيأس، معنوياتنا هي أجسادنا، إن هلكت هلكنا

لنتعلم من مقولة الزعيم الصيني الوطني" صن يات صن " عندما قال مبتسماً أثناء الأحتلال الياباني لبلده:
ماذا يعني كل الذي حصل لشعبنا؟! إنه مجرد فشلنا الثالث عشر!!

هلكنا والله من سياسة محلك سر!!

لذلك وكرد فعل غاضب لم يحيرني كتابة هذا المقال كثيراً، فقد كان واضحاً جلياً وصافيا مثل عين الديك!! حتى إني كنت دقيقاً جداً في تعاملي معه دقة وتر الكمان ورقته! لكن هذا لا يعني بأنني أريد أن أطلق الضحكات التي هي أسهل كثيراً من الكلمات... فالموقف الذي أحب الحديث عنه هنا حقيقةً لا يتحمل ولا يسمح لفعل ذلك! على الرغم من رغبتي المتألمة كبيرة وعارمة تدفعني بجنون لأن أضحك... أليس ما قيل( شر البلية ما يضحك ) صحيحاً؟! ألا ينطبق هذا المثل على حالتي التي لا أريد منها أن أسد خانات الحديث كما يقال، بل أن أضرب بالمليان وهذا أنجع وأفضل.
يقول الكاتب الساخر برنارد شو في إحدى صولاته الخطابية:

إن الناس العاديين لا يرعبهم وجودهم في حضرة إنسان ذكي. فهم متصورون أنهم بكثرة العمل والجد ممكن أن يعوضوا الذكاء، ولا يرعبهم أن يوجدوا في حضرة رجل غني، فكل إنسان يقول لنفسه إني أستطيع يوماً أن أكون غنياً، أما الذي يرعبهم حقاً فهو وجودهم في حضرة إنسان موهوب... ذلك أن الموهبة لا تخلق ولا تكتسب ولا تأتي بالجد والاجتهاد والعمل الشاق، إنها نفحة من عند الله. إما أن تكون أو لا تكون، فإذا كانت فإنك لا تستطيع قهرها إلا بأن تقتل صاحبها!!
والسؤال المطروح هنا:

كيف تقتل صاحبها؟! ما هي الأدوات التي لا تجعل من القاتل مفضوحاً أو مطاردا؟! هذا ما نحاول أن نسلط عليه الضوء من خلال مقالنا الذي قلت عنه واضحاً ولم يحيرنا كثيراً، خاصة ونحن لا نحتاج إلى أن نقترب من منطقة المعجزات كي نقول ما يصرخ به داخلنا.

عندما شعر المايسترو النمساوي" سيرياللي " الذي كان يعمل في البلاط الملكي النمساوي بموهبة موزارت، جعله يكون عازفاً في فرقته كي لا ينافسه في مكان آخر!! وفي إحدى الحفلات الموسيقية التي ينظمها البلاط الملكي وعندما كان العازفون منهمكون في عملهم سمع الملك النمساوي بعض الرنات التي كان يأتي بها موزارت تختلف عما يعزفه الآخرون، فطلب إيقاف العزف على أن يعزف موزارت لوحده!! ودار هذا الحوار بين الملك وصاحب الموهبة الرفيعة:
أريدك أن تعزف لوحدك!

 بكل سرور سعادة الملك وهو ينحني تبجيلا...
 رن صوت الملك في المكان آمراً: أعطوه النوته ليعزفها على البيانو بمفرده...
 تدخل موزارت بحماس صادقاً: لا أحتاج إلى النوته... سأعزفها هكذا... فقد حفظتها أثناء البروفات كلها!! وانهمك صاحب الموهبة بعزف السمفونية بطريقة مختلفة تماماً عما كانت تعزف بقيادة المايسترو سيرياللي، حتى وقف الحاضرون وأولهم الملك صائحاً مندهشاً ومبهورا:

إن ما نسمعه لم يعزفه إنسان، بل جاءنا من السماء وكأن الله هو من يرسله لنا بعذوبه وسحر كالمطر... عندها أحسَّ المايسترو بخطورة موقفه، فخطط بخبث شيطاني كيف يقضي على صاحب الموهبة دون أن يكون مطارداً أو أن توجه له أصابع الإتهام...

فطلب من موزارت في أشد ساعات حزنه على موت أبيه أن يكتب لحنا جنائزيا لم يكتب مثله من قبل!!
انهمك صاحب الموهبة بكتابة اللحن الحزين أياماً، غاص فيه وشعر بكل ما يملك من وجدان بالموت، فصدق الموت على إنه الحق ولابد منه وإنه الطريق الوحيد للخلاص... فمات بعد أن أنهى كتابة لحنه وهو في عمر لم يتجاوز الثانية والثلاثون!!

الآن وبحماس تراجيدي زائد نرجع إلى موضوعنا الذي من أجله كتبنا مقالنا هذا، ألا وهو كيف سيطر الغرب على الشرق؟! وهو ما جعلنا نربط بين هذا الحدث وما صار وآل إليه الشرق نتيجة السلوك الذي اتخذه وأتبعه الغرب في السيطرة على شرقنا...

بشيطنه وبنبرة استكثار لا تخطئها العين السليمة وفي مكان ما من الشرق لم يغيره الزمن كثيراً:
أصبح الموضوع كله مكشوفاً أمامكم بعد أن أعطيت من الأدلة والأمثلة والمشاهد ما يكفي التي أردت من خلالها أن أوضح للقارئ الكريم ما أريد أن أقوله( كي يخف عن كاهلي ثقل الفكرة والكيفية التي أشرحهها فيها ) أليس كذلك؟! خاصة( وهذا الكلام غير موجه إلى أحد ) عندما فاض الكيل بالشاعر الشعبي المصري" مأمون الشناوي " من سياسة محلك سر كما نوهنا جعجع مشخشخاً مشرشراً معسعساً ومصدوما مثل الذي يصدمه العجز:

يا تبلشفونا... يا ترسملونا... يا تموتونا وتريحونا... ملعون أبوكم على أبونا!!
ليست فزروة ولا هي حزورة، وليست هي معادلة يصعب حلها أو فهمها... السؤال كان لهم:
كيف نقتل الشرق ونجعله غارقاً في وحل الفقر والجهل والتخلف؟! وكان جوابهم حاسماً وصارما، فعالاً ونافذا:
أن يتراجع الإبداع الشرقي أولاً، ثم يغلق عقله، وتسد أذنيه، وتعصب عينيه ثم يتم تكميم الأفواه والطريق إلى كل ذلك أمره بسيط جداً عند دول تملك المال والنفوذ خاصة بعد أن تخلوا عن إنسانيتهم في تعاملاتهم مع الشرق!!

فجعلوا الفنان مؤذناً
ومن العالم متشرداً
ومن البصير أخرساً

وبسهولة لا نستغرب منها كعمل السحرة فعلوا كل ذلك من خلال تفجيرهم لقنبلة وباء الدين الخاطئ في عموم الشرق بعد أن حولوا الدين من رسالة إنبعاث إلى رسالة موت!! ومن ولادة الخير إلى ولادة البشاعة!! ومن إرث رباني جميل وسامي إلى تطرف أحمق بغيض يشبه التعويذات وعمل المشعوذون والدجالون والسحرة!! استعمروا المرأة، قمطوها تقميطا والعياذ بالله، جعلوها فتنة للرجل ومزاجه، صار لهم ما أرادوا بسرعة مذهلة وبمساعدة ذكور الشرق وفحولهم بعد أن أصابت فكرتهم الجهنمية الهدف كالسهم الذي لا يخطئ، فبتر بذلك نصف قوة المجتمع وأعتبر ميتاً، وإلا كيف تعمل المنقبة طبيبة؟ أو مضيفة في فندق أو طائرة؟ عاقبهم الله عقاباً عسيراً كعقاب من أشرك بربه؛ ثم أشعلوا حماس الشباب وأقنعوهم بأن الإيمان بالله لابد أن يمر بطريق الموت والذي يعني الخلاص كما أقنع سيرياللي موزارت تماماً!! فشوهوهم وجعلوهم أشبه بالمسخ اللعين الذي لا يعاشر ولا يطاق، ومن يعارضهم اليوم يذبح بأسم الدين وإعلاء كلمة الله!!

رهيبة هي أفكارهم وطموحاتهم؟ لعنة الله عليهم وجعلهم لا ينامون الليالي إلا مقرفصين كالسجناء في زنزانة صغيرة.
ثم شيئاً فشيئاً قالوا لنا هيا:

من يريد أن ينفذ بجلده... عليه أن يأتينا... بشرط ألا ينظر إلى وراءه... حيث جهة الشرق وإلا يصير كزوجة نوح... عموداً من ملح!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى