الأربعاء ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم محمد محمد علي جنيدي

أصحاب السفينة

نقلا عن المفكر الإسلامي/ محمد عبد المحسن العلي

إن النظام السياسي الإسلامي نظام كوني محكم بإحكام الكون وبدقة صنعته، فسبحان من خلق الأشياء ومكننا منها وسخرها لنا، فآلية الإسلام السياسية آلية كونية تتوافق حركتها مع نواميس وقوانين حركة الكون وما به من خلق ظاهر وخفي وهو أشبه بالسفينة المحكمة الصنع التي تمخر عباب الماء وتعبر البحار والمحيطات، فهو نظام سياسي يسير بروح من الله يعبر به المسلمون الزمن ومحيطات المستقبل إلى بر الأمان، وهو ( الجنة ) ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) الحديث .
وأصحاب السفينة هم المسلمون، ولكن هناك من يدرك حقائق الأشياء بأبعادها المادية والروحية ويعرف شكل السفينة أو النظم والآليات السياسية أو الأفكار والقيم والمفاهيم والمعتقدات التي تشكل هيكل وبنية السفينة وتفاصيل بنائها وهم قلة،وهناك من لا يدرك حقائق الأشياء ولا يعرف شكل السفينة أو النظم والآليات السياسية أو الأفكار والقيم والمفاهيم والمعتقدات التي تشكل هيكل وبنية السفينة وتفاصيل بنائها بعد ما غيبتها عنه السلطات الحاكمة لبلاد المسلمين ولسنين طويلة .
فكل فرد يعبر الزمن بأفكار وقيم ومفاهيم ومعتقدات يعتنقها، وهي إما تقوده لبر الأمان أو إلى الهلاك والخسران، وكذلك كل دولة تعبر الزمن بأفكار وقيم ومفاهيم ومعتقدات السلطة الحاكمة،وهي إما تقود لبر الأمان أو إلى الهلاك والخسران،ولكن هناك من يغادر سفينة السلطة الحاكمة إذا ما أستشعر بأنها تقوده للهلاك لتصبح له أفكاره وقيمه ومفاهيمه ومعتقداته الصحيحة التي يعبر بها الزمن منفردا - ما أمكنه ذلك - بعد ما أصبح إلهه هواه،وبعد ما حنف ومال عن الأفكار المغلوطة والقيم الفاسدة والمفاهيم الخاطئة والمعتقدات المنحرفة التي تتبناها السلطة الحاكمة وتجعل رعاياها يعتنقونها بعد ما تفرض عليهم بواسطة التربية والتعليم والإعلام والمنهج السياسي العام،وكما حنف ومال سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم عن الأفكار والقيم والمفاهيم والمعتقدات الفاسدة التي كانت تسود في عصره وأنفرد في ذلك . ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) النحل-120.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة فقال: إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قال فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة. رواه أحمد

فالمسلمون سيمكنون من سفينتهم بعد ما تتضافر جهود العلماء والساسة المخلصين لعقيدة التوحيد لصياغة منظومة فكرية سياسية شاملة ومحكمة من أجل بناء نظام سياسي جديد يسع كل نفس وروح ليعبر به المسلمون محيطات المستقبل إلى بر الأمان،فبصائر الوحي – الكتاب والسنة – تقدم لنا منظار ندرك به حقائق الأشياء وميزان نقيس ونزن به الأعمال والأفكار وخارطة للإبحار وبوصلة تحدد المسار ومعدات ترصد الأخطار التي ستواجهنا في سفرنا عبر الزمن .
فبالحوار تكتشف الآفاق الفكرية وتصبح الصور جلية ويعرف حقيقة الأخبار وجواهر الأفكار التي تبنى بواسطتها سفينة النجاة .

( يا أبا ذر جدد السفينة فإن البحر عميق، وأكثر الزاد فإن السفر طويل، وأخلص العمل فإن الناقد بصير، وخفف الأثقال فإن في الطريق عقبة كؤود لا يقطعها إلا المخفون )

( رواه الإمام المقدسي والديلمي في الفردوس )


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى