السبت ٧ آذار (مارس) ٢٠١٥

دقيقة من فضلك

مأمون شحادة

“من لا يحترم الشارع العام لا يحترم صندوق الانتخابات”، عبارة تبحث عن إجابة بين ممرات الثقافة والتثاقف لإيجاد حل يقاس من خلاله السلوك الاجتماعي والسياسي.

أمام هذا الطرح الموشح بالنظريات نطرح أسئلة بسيطة لمعرفة مدى التطبيق المتناثر بين أفراد المجتمع: بما أن المحافظة على نظافة المنزل من الأمور المهمة والبديهية لكل المجتمعات، فهل يُحترم الشارع العام بنفس الوتيرة التي تُحتَرم بها المنازل؟ وإذا كان المنزل يمثل واجهتك الخاصة امام مجتمعك المناطقي، فما هي واجهتك العامة امام المناطق او الدول الأخرى؟

المقياس واضح لتمييز الأفراد والمجتمعات، ففي الحالة الأولى (خصوصية البيت) تُظهر مدى احترام البيت ونظافته، اما في الحالة الثانية (الشارع العام) تبين مدى الرقي والتحضر الفرداني المنخرط في اطار الجمعانية المجتمعية؛ اذا كان ما يمارس في الحالة الأولى يطبق على الشارع العام.

“احترامك ورعايتك لبيتك وإهانتك وتحقيرك للشارع العام” مؤشرات واضحة تنفي اكتساب ثقافة التعاون الاجتماعي التي تؤهلك لاكتساب الثقافة السياسية واحترام صندوق الانتخابات وتقدير قيم الـ “أنا” والـ “آخر”، وتصبغك (أي المؤشرات) بالأنانية والشخصانية والنرجسية واللامبالاة، وبدون تفهمك لمعنى المشاركة المجتمعية تنطبق عليك الحكمة القائلة “كمن يخض الماء ليصنع لبناً”، وكما قال كونفيشوس: “المرء الساخط ممتلئ بالسم”.

الشارع العام ونظافته من المحددات الأساسية لانعكاس صورتك السلوكية والنفسية بين المجتمعات الأخرى، الأمر الذي يستوجب تهذيب أفعالنا الخاصة والعامة، وكما قال عالم النفس “أراد وليم جيمس”: ليس بمقدورنا أن نغيّر شيئاً من إحساساتنا بمحض إرادتنا، ولكن في مقدورنا أن نغيّر أفعالنا، فإذا غيرنا أفعالنا تغيرت إحساساتنا بطريقة آلية”، كذلك قال المؤلف “جيمس لين ألي”: “سوف يلاحظ المرء عندما يقوم بتغيير اتجاهه الذهني نحو الأشياء والناس بأنهم سيرضخون معه للتغيير، وسيلاحظ أن الدهشة سوف تتملك الناس نظراً للتحول والتغيّر السريع الذي سيحدث في كل جوانب حياتهم، وكل ما يجول في خواطرهم هو السبب الرئيسي في صنع تصرفاتهم”، الى ذلك قال العالم النفساني “الفرد أولر”: “إن من أروع مزايا أي إنسان هو مدى قدرته على تحويل السالب الى موجب”.

نحن لا نطلب المستحيل لتحويل السالب الى موجب، بل ان تكون هناك ثقافة صاعدة تكسب الفرد أدبيات السلوك العام بعيداً عن الثقافة الهابطة بمقاسها الفضفاض، فالكلمة الطيبة بداية للوعي والرقي الحضاري، فأجمل النصائح نصيحة نقدية تدخل العقل قبل القلب، وكما قال الشاعر فهد العسكر ناقداً: “وطني، وما ساءت بغير بَنيكَ، يا وطني، ظنوني”.
هذا المطلب يعتبر من ابسط الاشياء التي تُكسِب المجتمع باكورة مفاهيم التحضر والرقي الانساني، فكيف بنا التغلب على المعضلات الكبيرة إن لم نراع احترام الشارع العام؟ وبما ان الاخير يمنحك الحرية، فلماذا تسلبه حقوقه مخالفاً بذلك مبادئ الحرية والاحترام.

قال تعالى “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” صدق الله العظيم.

مأمون شحادة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى