الخميس ١٩ آذار (مارس) ٢٠١٥

رذاذ الكلام .... عشق وخبر

د. جبرائيل جرجي عبدوكة

لا أدري كيف جمعتني الصدف لأتعرّف على مبدعة من بلادي.. إنه " الفيس بوك "، الذي قادني إليها، وقادتها كلماتي لئن تهديني مجموعتها الرابعة " رذاذ الكلام" ، على ما اعتقد، فكان من رذاذها أن أغشى بصري، وأنار بصيرتي، فشدّتني أشعارها برذاذ شعرها، وأسرتني صورها الشعرية التي فاضت رقّة وسلاسة وشاعرية.
تغنّت بالهوى، في زمن كفرت الإنسانية به، وغنّت له الشاعرة بكلمة " أحبك" فأدخلت الأمل والرجاء إلى القلوب المعذبة التي نادت " ماذا تستطيع أن تفعل؟!"
إنها منارة تضيء الدروب إلى القلوب المتعبة فتنعشها بكلمة "أحبك" الجواب صراحةً، يتهامس البشر:
أنا مليون أحبك
فلتغنّ أمواج بردى والفرات
نشيد حبي
وليتهامس كلّ البشر
الخبر
ولا تقف عند هذا الحد، بل تحاول إقناعنا بأن حبّها كما هي لا شيء تغيّر فيه، وأن معاناة المحبين اليوم كحالها بالأمس القريب البعيد، ممنوعٌ إعلانه، فهي تعرف أنها:
سأرمى بمليون حجر
لكنّ قلبي
عاف سماء السّكون
وسكن :
على شواطئ أشواقه
أُحرقٌ مراكب الخوف
ورسم، وغنّى، وتهامس الجميع:
نشيد حبّي
....
أحبكَ
وإن مسّني عطر شفتيك
سترقص السماء
ويرتدي الغروب
عباءة السحَر
إنها على نمط المغرمين بالتحدّي، تنتفض من بحر الغرام، وتقف على ضفاف عينيه، وتنثر شفتاه عليهما، وتنتظر تفتّح براعم الوجد والهيام، حتى قهوة الصباح لا يكون لها عبقها الصباحي ولا معنى لوجودها بغيابه وهكذا يرفض صباحها طقوس قهوته وترفض قهوتها الانسكاب بفنجانها بدونه
رفض صباحي قهوته
رفضت قهوتي فنجانها
رفض فنجاني الحضور
وطالبني الجميع
بعبق حضورك
ولئن المرأة إذا عشقت تعشق وتسبح في بحر تجيش أمواجه بالحب والمحبّة، وتهدر أحاسيسه بسخاء العطاء، وتذهب بعيداً ...بعيداً حتى تجعل العالم بأسره يحتفل معها. فالطبيعة تشاركها هذا الحب وتحتفل معها به لـ " تورق النجوم" و " ترقص السماء" و " يغني الليل"
إنها المرأة الأبدية ... إنها أسطورة البدء مع ليليت أو تُيام :
أنا
كأسطورة البدء
فيطاوعها الرجل ويأتي إليها، ويصنع معها حياة سعيدة قد تكون أبدية، ولا تكون إلّ بوجوده، ومن دونها تحلّ التعاسة، ويعيش الشقاء، ويلعب الفناء:
تعال
تعال واحمل لي الحب في عينيك
الفرح في كفيّك
إن الحب جعله " نصف قديس" وهي بقلبها " نصف إله" .
إن روحها تعتريها الظلامة، ويشوبها اليأس، وتطوّعها الظلامة ، إلاّ أنها تفتح لنا أبواب السعادة والرجاء والأمل على امتداد الكون:
تجوب روحي مع الغيم أعالي الزرقة
لتمطر
وروداً
تعرّش على امتداد الكون
قلبها عاشق، وروحها متيّمة، ونفسها ريحانة من الحب والهيام، ولا أحد يقدر عليها، سوى سماء الرجل الذي حوّلها إلى معبودة أسطوريّة:
حوّلني حبّك
إلى سحابة استوائية
تمطر قوس قزح
إن الرجل يقاسمها الحياة المعشوقة العاشقة، فهي نصف والرجل نصفها الآخر، فقناعتها أنّ " الزهرة تشكّل ربيعاً"، فمن جمعه الله لا يفرّقه إنسان:
نعم، إن زرعتها بيديك في شَعري
......
وعلى صوتي نقشت وجهك
ورسمتُ صوتك على شغاف قلبي
....
أحبكَ
وأنا أشتاق
فأنّى للحزن أن يغلبني
وأنّى للإله أن يفارقني
تصول وتجول ... تعلو وتهبط، فنرى أن قلمها يقودها عبر الورق إلى موطن أجدادها " أورفه"
بيت جدّي كان في "أورفه"
وربما قبلاً في "كبادوكيا"
ما الذي تقوله الدروب لي؟؟
وأنا
أطرق بخطوي شوارعها
أتنشّق من سراديب المغائر
رائحة الصلاة
عطر السجود
وهمهمات الخشوع
تتذكّر ثمّ تتذكّر و " تبحث ذاكرتها في الركام" وتفتش عن أصولها، عن بيوت أجدادها، تدور في الشوارع، وتجوب طرقاتها، تتأمل المحال التجارية تبحث عن:
عكّاز جدّ أبي
عن رائحة نرجيلته
عن نقوش طاولة النرد التي رسمها أبي
وتبحر في التذكّر، حتى أنها في "أورفه" تسأل التراب :
أعتلي هضبة
أسأل ترابها
هل شقائق النعمان
تلوّنت بدمائهم ؟؟؟
قصائد ساحرة، أغشت الأبصار بكلماتها، وأنارت القلوب بشعاعها، فراحت تسبك معانيها بلغة شاعريّة، يُنتظر أن تتفتح إبداعاً شفّافاً كما هي، تسبح في بحر تجيش أمواجه بالمحبة، ويصوغ عطره ورذاذه برائحة البخور " الأورفه لي"
قصائد ليلى منير أورفه لي، شاعرتنا العاشقة، ألحان شجية، خطت في مجموعتها " رذاذ الكلام"، الصادرة عن دار البراق للنشر والتوزيع /تونس 2014، خطوات نقيّة، وحمّلت معانيها لغة سامية فولجت عالماً أظن أنه يتجه نحو الأبدية.
اللاذقية 20/2/2015

د. جبرائيل جرجي عبدوكة

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى