السبت ٢٥ نيسان (أبريل) ٢٠١٥
بقلم مهند النابلسي

فيلم «ما نموتش» للتونسي نوري بوزيد

جرأة جدلية غير مسبوقة بطرح موضوعي «الحجاب والسفور»!
حضرت بالأمس بسينما الرينبو بعمان (ضمن اسبوع الفيلم التونسي الذي تنظمه مؤسسة شومان) فيلم «ما نموتش» للمخرج التونسي نوري بوزيد: الفيلم استفزازي وجدلي وجريء وغير مسبوق بطرحه لموضوع حجاب البنات، كما أنه متوازن ويكشف نفاق المجتمع والتلاعب بالنصوص الدينية، كما يكشف سطوة الاسلاميين المتعصبين ولجؤهم للعنف والبلطجة، وربما يفسر ضمنيا كذلك أسباب كثرة وجود التونسيين المتعصبين المتطرفين ب"داعش"...حيث يلقي الضؤ على انقسام المجتمع التونسي وتضارب وجهات النظر حتى داخل العائلة الواحدة، كما يتعرض للمنفتحين المنافقين ولامبالاتهم واستهتارهم واستفزازهم بطريقة تناولهم السافر للخمور، وبسلط الأضواء على بدايات الثورة التونسية وممارسات النظام القمعية المتوحشة، ويعالج موضوع الحجاب والسفور من زاوية "نسوية-انسانية وعاطفية" كما من الناحية الاجتماعية والدينية...ويوضح الفيلم كثرة الضغوط التي تتعرض لها الفتاة التونسية "عائليا واجتماعيا" المتعلقة بحجابها او بسفورها، والتي ترتبط أكثر بالرغبة الذكورية وليس بالتدين "كقضيلة أخلاقية"، ونرى الشقيق وقد تحول لسلفي عنيف بعد خروجه من السجن يرفض فكرة سفور شقيقته وعملها كنادلة بكوفيشوب حلويات بالرغم من كونها معيلة للاسرة بعد تقاعد الأب، فيما نلاحظ كثرة الضغوط التي يمارسها خطيبها الافتراضي لكي "تتحجب" يالتحريض واللجؤ لوالدتها وخالتها، حتى يصل الأمر لحبسها ومنعها من العمل وممارسة الشعوذة واعطاء الأعشاب المخدرة لها وسرقة موبايلها، فيما نلاحظ تسامح الأب (وهو من الجيل القديم) وتعاطفه مع ابنته، بل وتناوله للخمر مع الخطيب "المنفتح ظاهريا وغير المتدين" والذي يقيم بليون الفرنسية... كما نرى الشقيق المتعصب (العاطل عن العمل) وهو يلاحق بدوره حبيبته المتحجبة بلا هوادة ويهدد زميلها، كما لا يتورع عن دخول منزلها وضمها بشغف "عاطفي" حميم بعد ان يلقى تجاوبا منها، علما بأنه يتعرض لاحقا للتهديد والضرب المبرح من قبل زملاؤه الاسلاميين بعد أن لاحظوا تغير اسلوب حياته واستقلاليته، كما نلاحظ ان نفس الفتاة المتحجبة تتعرض للتحرش الدائم والاغراء الوظيفي من قبل مدير الكوقيشوب الاستغلالي "الولهان"! المخرج الشهير لعب دور عازف أوكورديون أعمى فقير يعزف على قارعة الطريق، ويتعرض للتعاطف من قبل الفتيات والناس الطيبين البسطاء، ولكنه يقتل ضمن تداعيات العنف والملاحقات،(حيث يظهر بوزيد كعازف أوكورديون أعمى يضربه شباب إسلاميون متطرفون حتى الموت)، ويبدو هنا وهو يستعرض طريقة استرجاع "الاوكورديون" المهشم في مكب النفايات من قبل الفتيات اللائي يعزفن عليه بمرح غريب ومجازي معبر، كما بطقوس تغسيله وتكفينه الدقيقة على مراحل وكأنه يعرض نفسه كضحية لأفكاره ورؤياه التقدمية الاستباقية بمجتمع منافق وراكد ومتخلف و"مرعب" كما هو "منفتح وواعد وحساس" في آن واحد! لقد وجدته فيلما متوازنا عميقا وشيقا، فيما واجه المخرج بشجاعة واقناع أسئلة محرجة حول تمويل الفيلم وموضوعيته و"تهجمه على الحجاب" كرمز اسلامي تقليدي (كنتيجة لسؤ فهم مضمون الشريط) وجرأته الغير مسبوقة بتناول هذا الموضوع "المثير للجدل"!

هامش منقول من الانترنت:

وردا على سؤال حول ما اذا كان في الشريط رد على تعرضه للضرب والتهديد من قبل المتطرفين الاسلاميين يقول بو زيد "لست وحدي من تعرض للضرب والتهديد. انهم يهددونك حين تتكلم والفنان شخص مستقل ولا حواجز امامه حين يتكلم. هو مستقل في علاقته بالسياسة وحر في علاقته بالدين".

اما عن تخوفه من ان يؤدي عرض فيلمه في تونس الى رد فعل عنيف من البعض فيجيب "اذا حصل مثل رد الفعل هذا فلن يكون من اي شخص شاهد الفيلم بل سيكون من اشخاص لم يشاهدوه".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى