الثلاثاء ١٩ أيار (مايو) ٢٠١٥
كتاب الطفل بالمغرب: الواقع والآفاق
بقلم عزيز العرباوي

موضوع مائدة مستديرة

تحت عنوان «كتاب الطفل بالمغرب: الواقع والآفاق» نظمت المكتبة الوسائطية التاشفيني بالجديدة وجمعية أصدقائها، وفي إطار المعرض الدولي لكتاب وصحافة الطفل، مائدة مستديرة، شارك فيها العديد من الباحثين والمهتمين بكتاب الطفل، سواء من الباحثين والكتاب المبدعين أم من الناشرين والداعمين لهذا المجال. ونذكر منهم الإعلامي المغربي صاحب برنامج «الناقد» بالقناة الثانية الأستاذ أحمد زايد، الذي سير المائدة ونشط الفعالية الثقافية باقتدار واضح...
ومن خلال الأسئلة الكبرى التي طرحها الأستاذ أحمد زايد، من قبيل: من يكتب للطفل؟ وما قيمة هذه الإصدارات؟ ومن يكتبها؟ وهل هناك استراتيجية واضحة في هذا المجال؟ وما هو اثر تراجع الإقبال على كتاب الطفل؟... وغيرها من الأسئلة الهامة، تحدث الناقد والكاتب المبدع الشهير العربي بنجلون عن قلة كتاب الطفل في العالم العربي عامة، في حين يتواجد في أيرلندا على سبيل المثال ما يفوق 200 كاتب لأدب الطفل، أما في العالم العربي فإنهم لا يتجاوزون 30 أو 40 كاتباً على أكثر تقدير. كما اتهم الأستاذ بنجلون دور النشر المغربية والعربية الكثيرة التي تنظر إلى كتاب الطفل على أنه صناعة وتجارة فقط، وتهمش الكتاب المبدعين الحقيقيين في هذا المجال، دون دراسة الأمور والقضايا التي تحيط به، والتي تقود إلى هندسة شخصية الطفل ومعرفة ما يرغب فيه وما يحتاجه وما يصلح له... بل إن هذه الدور حسب رأيه دائماً لا تقبل إلا على كتاب بعيدين عن مجال كتاب الطفل في أغلب الأحيان، فالكتابة للطفل ينبغي أن تكون حرفة وثقافة وعلماً انطلاقاً من معرفة مراحل النمو عند الطفل وارتباطها بشخصيته وبمتطلباته في القراءة... أما عن أسباب أزمة القراءة عند الطفل المغربي بالخصوص، فإن بنجلون يؤكد على أن التكنولوجيا الحديثة وهيمنة الصورة لهما اليد الطولى في هذا التراجع، والحل الوحيد يكمن في أن تكون للدولة استراتيجية تكمن في معرفة ما هي فوائد القراءة، وتعمل على تحقيقها انطلاقاً من اعتماد ميزانية لثقافة الطفل وتزامن التعليم مع القراءة الحرة، لأن القراءة هي التي تصنع الإنسان، والذي يصير قادراً على المساهمة في التنمية...

وانطلاقاً من نفس الأسئلة المطروحة، فقد تحدث الكاتب المبدع خليل البحري عن أن من يكتب للطفل ينبغي عليه أن يمر بسلك التعليم، ويعرف الجوانب النفسية لدى الطفل حتى يستطيع الكتابة حسب هذه المسائل... أما عن دور النشر فقد اعتبر المتدخل أنه من الصعب الحصول على ناشر يختص في كتاب الطفل اليوم، لأنه صار يتخوف من الكساد ومن عدم بيع الكتاب وبالتالي يخاف من الخسارة لأنه في الأخير مجرد تاجر صاحب مقاولة. وأضاف الأستاذ البحري أن أغلب الكتب الموجودة اليوم هي كتب مليئة بالأخطاء الإملائية والنحوية ورديئة الطباعة والتنسيق... فأغلب الكتاب لم يعودوا يستطيعون الاستمرار في الكتابة في ذا المجال لغياب الاهتمام اللائق بالطفل وكتاب أدب الطفل عامة. أما من ناحية الحلول فإنه أشار إلى حلول تتعلق بالناشرين أولاً والذين ينبغي عليهم أن ينشروا لكتاب غير المعروفين والمبتدئين ويتجاوزون الكتاب المعروفين على غرار إحدى دور النشر الفرنسية، وفيما يتعلق بلجان القراءة في دور النشر فإنه دعا إلى تنويعها والاقتصار على المتخصصين في المجال لا الاقتصار على قراء لجان خاصة بكتاب الكبار، أما فيما يتعلق بالدولة فإنه طالب وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية أن تقوما بدورهما في الرقابة وتطبيق مسطرة القانون على المخالفين للشكل والمضمون فيما يخص كتاب الطفل عموماً....

الشاعر ورئيس قسم المعارض بوزارة الثقافة الأستاذ عبد الله صادق فقد أشار إلى أن طفرة المجتمع القارئ تمر عبر تنظيم مثل هذه التظاهرات الثقافية التي تتمثل في معرض كتاب الطفل، والاشتغال على الأجيال الصاعدة وذلك بالقراءة اليومية في كل المؤسسات المتعددة. فاستمرار الناشر، حسب رأيه، هين بالربح وليس بالخسارة، وقد أكد الأستاذ صادق على أن المعرض الدولي الأخير بالدار البيضاء قد عرف عرضاً مرتفعاً لكتاب الطفل، كما عرف إقبالاً مهماً. وعن سؤال من المسؤول عن المراقبة فإنه أكد أن وزارة الثقافة ليست هي المسؤولة عن الرقابة الخاصة بالكتب التي تدخل إلى المغرب، بل وزارة الاتصال هي المسؤولة، لكن في شكل محدود... وعن الحلول فقد أوجزها المتدخل في مسائل منها:
إنزال مشاريع للتثقيف العام، وهذا ما تقوم به وزارة الثقافة... حيث وضح بالأرقام ما تمَّ إنجازه في هذا الصدد من خلال إحداث 11 مكتبة وسائطية منذ 2003 على صعيد المغرب...

تأسيس شبكة القراءة العمومية...

تخصيص رفوف/ فضاءات لكتاب الطفل في كل مكتبة...
أما الناشر المهتم بكتاب الطفل السيد عبد الرحمان حنصال فقد تطرق إلى مسألة ضعف وغياب المكتبات المدرسية بالعالم القروي، وإلى مشكل القراءة في المغرب الذي يتعدد بتعدد المتدخلين، وذكر منهم: الأسرة، المؤسسة التعليمية، الإعلام، ضعف تكوين الشباب/ غياب الفضاء العمومي الخاص بالقراءة... وفي حديثه عن الحلول الممكنة لتجاوز أزمة القراءة أكد على ضرورة القيام بمثل هذه التظاهرات الخاصة بالكتاب والقراءة، كما تحدث عن استيراد المعايير الدولية لإنشاء المكتبات العمومية، باعتباره علماً...

في حين تحدثت الباحثة في مجال كتاب الطفل والطفولة الأستاذة حسناء شاهر عن أن كل ما يُقدم من خلال دور النشر المغربية هو دون مستوى اللغة العربية، وأن الاستيراد من الخارج هو الحل في انتظار تصحيح الوضعية، فالكتب الفرنسية والإنجليزية هي كتب صالحة على مستوى الشكل والمضمون معاً. أما في مسألة الحلول فقد دعت إلى الاستثمار في الإبداع والمنافسة في تحقيق المتعة والجمالية والاهتمام بأدب الطفل على غرار الغرب، فالأديب الإنجليزي كارل لويس مثلاً الذي كتب "أليس وبلاد العجائب" كتبه في البداية للكبار، ثم بعد ذلك بسَّطه ووجهه إلى الأطفال والصغار... ورغم أن هناك وعي في مستويات التعليم الإعدادي والثانوي وذلك بإقرار مؤلفات معينة في المقررات المدرسية، فإنه لا يكفي في غياب استراتيجية لتحقيق القراءة الحرة للجميع. ومردُّ ذلك هو غياب ثقافة القراءة وحب الكتاب، فمادام هناك غياب لمكتبات البيوت، وعدم الاهتمام بها إن وُجدت، فإنه يصعب تحقيق أهداف كبرى تروم الاهتمام بالقراءة والتنمية والتوعية العامة...
الطفلة القارئة فاتحة غازي، والتي أصرت على المشاركة في هذه الندوة، فقد قدمت شهادة مؤثرة، حيث صرحت بأنها لا تقرأ إلا الكتب والقصص العالمية بلغتها، وإن حصل ووجدت قصة عالمية مترجمة إلى العربية فإنها لا تروقها ولا تستطيع إتمامها، لأنها تحتوي على العديد من الأخطاء والأشياء المنفرة، وقد أعطت أمثلة على ذلك، مثل وجود مصطلحات وألفاظ بالدارجة المصرية أو المغربية التي لا علاقة لها بالنص، أو بالقصة، فأغلب الكتب العربية لا يوجد بها إبداع مستمر، بل مجرد إبداع لحظي... وطالبت الطفلة في الأخير بتحقيق أمنية جميلة وتكمن في دعوة كتاب الطفل العرب إلى تبسيط كتب الكتاب العرب العالميين والكبار أمثال طه حسين ونجيب محفوظ... وغيرهما، لفائدة الطفل حتى يستطيع تذوق هذا الأدب الجميل والمستمر في الزمن على خلاف ما يوجد اليوم في سوق كتاب الطفل...


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى