الخميس ٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٥
بقلم مهند النابلسي

البطولة الشخصية والذعر الوجودي

...وبالرغم من التفاوت بمواضيع الطرح واسلوب الاخراج ونمط استخدام المؤثرات وتكاليف الانتاج ، فقد وجدت هذه الأفلام تشترك بقاسمين مشتركين أعظمين هما الذعر الوجودي والبطولة الشخصية، كما أنها تشير لدرجة القلق والتوتر والخوف التي تعتمل داخل نفسية الانسان الأمريكي، فهو يخشى هجوما ارهابيا مرعبا على البيت الأبيض، فد يتصاحب مع تدمير ذاتي للصواريخ النووية مما يعيد أمريكا للعصر الحجري، كما يخشى من هجوم متوقع لكائنات فضائية وحشية تحيل كوكب الأرض "لخرابة" وأرض قاحلة مشعة، كما أن الانسان العادي يخشى على بناته المراهقات الجميلات من الاختطاف من قبل مجرم سادي مريض لا يرحم!

علما بأن البطولة الشخصية تحدث هنا بالصدفة وليست قصدا، فالأبطال في الأفلام الثلاثة يجدون انفسهم مجبرين وبوضع لا خيار لهم فيه، مما يضطرهم بايعاز من الضمير الذاتي والحس الأخلاقي والوظيفي لأن يقوموا بأعمال خارقة ترقى لمستوى البطولة بهدف انقاذ مجتمعاتهم الانسانية من دمار وشيك وكارثة مؤكدة، وبغض النظر عن المبالغات السينمائية الاستعراضية والطروحات السياسية الخفية التي تكمن مجاز بثنايا هذه الأفلام، الا انه يفضل ان نعترف أننا كعرب ربما نفتقد لحس البطولة الفردية لدرجة كبيرة، سواء على النطاق الفردي اوعلى المستويات الوطنية والقومية (الا ما ندر)!
بفيلم "سقوط اوليمبوس" يجد كبير حراس الرئاسة الأمريكية السابق المهان والمحبط "بانينغ" نفسه محاصرا داخل البيت الأبيض في اعقاب هجوم ارهابي كوري شمالي منظم، هكذا يجبر على استخدام معرفته الدقيقة بخفايا المكان وأسماء الحراس ومواقعهم، ساعيا للتنسيق الكامل مع وكالة الأمن القومي، باذلا قصارى جهده وطاقاته ومهاراته القتالية لانقاذ الرئيس الأمريكي من خاطفيه القساة ...

تمت اعادة بناء الطابق الأول ومدخل البيت الأبيض، فيما ساعد الكمبيوتر على اضافة مشاهد مطابقة للطابق الثاني وسقف المبنى، وتم الاعتماد كليا على المؤثرات البصرية المولدة بواسطة الحاسوب لاقناعنا بواقعية الأحداث، ومنها مشاهد الاستهلال التي انتهت مأساويا بمقتل السيدة الاولى أثناء عودتها بالطريق الخارج من منتجع "كامب ديفيد" الشهير...تضافرت هنا جهود المخرج البارع انتوني فوكوا (مخرج فيلم يوم التدريب) مع الأداء المعبر لجيرارد بتلر، وانسجمت مع حركات استيلاء عملاء كوريا الشمالية على الشقرة السرية "اوليمبوس" ونجاحهم باختطاف الرئيس، كما أبدع كل من آرون ايكهارت ومورغان فريمان وانجيلاباسيت وميليسيا ليو بأداء ادوارهم في تناغم ديناميكي أنجح فيلم الأكشن المثير هذا.

في الفيلم الثاني الذي أتعرض لتحليله بهذه الخلاصة، يلمع الممثل توم كروس بفيلم النسيان(2013)، ويبدو كاكاوبوي “متوحد” مستقبلي خيالي يمتطي طائرات الدرون المستحدثة بدلا من الخيل في سهول وهضاب الويسترن، حيث يستبدله هنا ببقايا عالم مدمر ومقفر وسيريالي عجيب، وتتحدث القصة عن مستقبل افتراضي كارثي لكوكب الأرض الذي دمر بطريقة مرعبة، وحيث يسعى ميكانيكي فضاء شجاع ليقوم باصلاح طائرات الدرون المعطوبة واستخلاص بقايا بعض الموارد الأرضية الهامة ومواجهة مسوخ فضائية عدائية، ليمنعها ببسالة وجرأة من التعرض للمحطات الأرضية المتبقية، ويدعمه بسعيه هذا قائد المحمية البشرية المتبقية (الممثل المخضرم مورغان فريمان بدور لافت)!

أما في الفيلم الثالث "المكالمة" فقد قام المخرج براد اندرسون بتقديم "شريط" تشويق لاهث حافل بالرعب وبمشاعر الشعور بالذنب، وخاصة عندما تستقبل مشغلة قسم الطوارىء مكالمة غامضة من فتاة مختطفة، حيث تدرك البطلة (الممثلة السمراء القديرة هالي بيري) أنها تواجه قاتلا محترفا من ماضيها، وأنها ربما تتحمل مسؤلية انقاذ حياة هذه الفتاة المجهولة (الممثلة الشابة أبجيل بريسلين)...وقد حضرت بيلي نفسها للدور الصعب بزيارتها لمركز الاتصالات 911 ، وبمراقبتها الحثيثة للمشغلين والتفاعل الواقعي مع الضغط الهائل على مدار الساعة...كما أتقنت حالةالاتصال الدائم مع الفتاة الضحية، وتدربت عمليا على قراءة 21 صفحة من الحوار المتواصل مع مشغلة المركز911

عملت هالي بيري لمدة 21 دقيقة كاملة بلا انقطاع لاتقان مشاهد الاتصال "الحابسة للأنفاس"، وحتى تنجح بالحفاظ على زخم الحالة العاطفية مع الضحية واظهار درجة الاحباط والرعب والقلق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى