الجمعة ١٢ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم سليمان نزال

في الموعد المحدد

في الموعد المحدد, استندتُ على عصا الزمان الآخر في طريقي, و مضيتُ لأمكنة ٍ قريبة ٍ من جراحي و دفاتري..لم تمهلني الفراشات فرصة لكسر ِ المسافات على سهو ٍ و تردد, قبل الخطوة الأولى في المهمة, مرَّت عليَّ و ناولتني رمحَ المسيرة ِ الذي كان معلقاً على جدار مزدان ٍ بصور الصقور الخالدة.

خرجتُ إلى ذاكرتي في مشية ٍ سريعة, تحدثتُ قليلا مع شجرة ِ التوت التي وعدتني بزيارة قريبة كي تطمئنَ على أحوال البراعم التي تركها والدها في عهدة جذوري قبل سنوات..

قطعتُ في اللهاث ِ دروبا..سارتْ في منعرجات رحلتي, و أنا متمسكٌ بشهقات ِ الوصول ِ..كانت النداءاتُ تصدرُ عن جبين جدي, تتشظى علامات..أرصدها بمهجتي.. تنتشرُ إشارات, التقطها بزفيري و أتابعُ المشي الحثيث.

كان الرمحُ في يدي بوصلة.. و النهارات تدفعني لأكملَ سيري..تقطَّعت أنفاسي..لم أتوقف..تعرَّقت أحلامي, لم أتوقف..تمزَّقت ملابسي و أنا أعبرُ فوق العوسج و أقفزُ فوق دوائر الشك المعيق..لكن ارتطام الصدى بجسمي جعلني ألتفت إلى مصدر الصوت.

  قُل لهم شيئاً , يا بني, قد فاضَ بنا الأسى جدوال من لهيب.. و قد اهتزَّ عرشُ المنى حروقا .قل لهم هذا كثير...قل لهم يا "فارس" إن الذئابَ تسخر منكم و المخالب بالمرصاد..

  لي رفقة تقول و معهم أقول..و لا يسمعون.. علِمتُ أن وفداً وصلَ نيابة عن الصخور..و قد تبادلنا وجهات الجمر في كلام..و هنالك صيحات مثمرة!

و دَّعتُ المرأة و بقيتُ على تعبي أماشي الدروب في أنّاتها حتى وصلت قبل المغيب بقليل, إلى بداية سهل يمتد بين تضاريسي المتصارعة و حالة تتوكأ أوقاتها الجريحة على رايتين.

أخذتُ أنظرُ في جرحي.. و في وجوه الأشجار و النباتات, و هالني التشابه الواضح في الحزن و الكدمات..أوصلتني مهجتي إلى نبضات زيتونة , دنوتُ منها , سمعتُ نشيجها..لمستُ أغصانها,,سمعتُ نشيدها..
كان جذعها يحدق بي قائلا: - لا تتعجب.

أجبت: أتعجبُ منهم و منك لا..لكني أسير..نظرَ الجذعُ يمنة و يسرة..و بدأ يجمع بعضَ الأوراق القليلة المتساقطة..

كدتُ أمسك كلماتها بضلوعي..و أنا أسمعها تقول:

  قل لهم كفانا.

في الموعد المحدد رجعتُ إلى البيت..و الرمح معي.. و الطريق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى