الجمعة ١٩ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم ناصر ثابت

شمسٌ بين أوردتي

أطلْ مكوثَكَ، لا تستعجلِ السفرا
واستأذنِ الأرضَ، والأطيارَ، والشجرا
واستأذنِ القلبَ، إذ تبكي حبيبتُه
إن الرحيلَ على أشواقِها انتصرا
هذي فلسطينُ، ماضيها وحاضرها
يبثُّ في الكونِ هذا الدفءَ والمطرا
أتيتَ أحضانَها تهفو لروعتِها
فعلقتْ في سَماكَ النجمَ والقمرا
ورغمَ أن لها جرحاً يعذبُها
أخفته عنك، ولم تظهر لك الكدرا
أيا فلسطينُ، إني جئتُ ممتطياً
غيمَ الحنين، وشوقي عمَّ وازدهرا
والعشقُ يسكنُ في حرفي وفي لغتي
ويصبغُ الدمعَ والأشعارَ والفِكَرا
والغربةُ استنزفتْ روحي لقسوتِها
واسّاقطتْ سنواتُ العمر، فانحسرا
اشتقتُ وديانَك الْفاضتْ بخضرتها
واشتقتُ قدسَك والأسواقَ والبشرا
واشتقتُ من علمَ الدنيا بطولتَه
الطفلَ إذ يحملُ المقلاعَ والحجرا
إني حملتكِ شمساً بين أوردتي
بكل فخرٍ، ولم أهجرْ كمن هجرا
فلا غرابةَ أنَّ النارَ تسكنني
وأنَّ في راحتي الأنواءَ والشررا
أمَّ البطولاتِ، إنَّ العربَ قد قبلوا
صداقة الذل، ما أخفى وما جهرا
والعهرُ في أرضهم يبني له مدنا
وعزة النفس فيهم لا تكادُ تُرى
ماذا أريدُ سواكِ اليومَ مفخرةً
ومن سوايَ سيحمي إسمَكِ العطرا
فلا العروبة والعربان قد غضبوا
لطفلةٍ داسها صهيون واحتقرا
ولا الشيوخُ، وإن طالتْ عمائمُهم
ولا الملوكُ، ولا الحكامُ والأمرا
ولا الذي يمتطي الإسلامَ راحلةً
حتى وإن حجَّ طولَ الدهرِ واعتمرا
ولا الذي يجمعُ الأموال في شَرَهٍ
ولا الذي يعشقُ النسوانَ والسهرا
ولا الذينَ تمادوا في تذللهم
كأنهم يكرهونَ العزَّ والظفرا
لقد نسوْكِ، فلا تبكي لأجلهمُ
إن الخيانةَ نالتْ منهمُ وطرا
إني حملتُكِ فجرًا بين أوردتي
فمن سوايَ، سيفدي إسمَكِ العطرا
أنا الذي جئتُ من حيفا وكرملها
وذقتُ من أجلك الأهوالَ والخطرا
أنا ابن تاريخِكِ المملوءِ أوسمةً
أنا الذي بسِماكِ الشامخ افتخرا
وأنتِ خيرُ بقاع الأرض منزلةً
زيتونُكِ المُرُّ، فاقَ التبرَ والدُرَرا
قرأتُ في سِفره درساً سأحفظه
"من عاش لحظةَ ذلٍ هان واندثرا"

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى