السبت ١٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

الأضحى وذاكرة التاريخ

الرئيس العراقي صدام حسين تم إعدامه فجر يوم عيد الأضحى السبت العاشر من ذو الحجة 1427هـ الموافق 30 ديسمبر عام 2006م ودفن في مسقط رأسه بالعوجة في محافظة صلاح الدين في مدينة تكريت حيث قامت القوات الأمريكية بتسليم جثمانه لعشيرته من المحافظة وأقام أهله وأقاربه عليه مجالس العزاء بما فيهم ابنته رغد صدام حسين التي قامت بتأبينه في الأردن حيث تسكن.

وأذكر أن الجندي الأمريكي الذي تواجد أثناء إعدام الرئيس العراقي صدام حسين بكى بشدة وبعث برسالة إلى زوجته وصف فيها ما شاهده وتعجب من اللحظات الأخيرة التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام نظرا لتماسك الرئيس صدام حسين بدرجة تشبه المعجزة حيث كان مبتسما على منصة الموت.

نطق الجندي الأمريكي بشهادة المسلمين (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأضاف في رسالته: ظل الرئيس العراقي صدام حسين مبتسما حتى توفي وقد طلب مني في منتصف الليل وجبة من الأرز مع لحم دجاج مسلوق ثم شرب عدة كؤوس من الماء الساخن مع العسل وهو الشراب الذى اعتاد عليه منذ طفولته وبعدها قام وتوضأ وجلس على طرف سريره المعدني يقرأ القرآن وطلب المعطف الذي كان يرتديه قبل القبض عليه فسأله الضباط: لماذا تريده؟ فقال: لأن الطقس فى العراق عند الفجر بارد وحتى لا أرتعد من البرد فيظن شعبى إنى خائف من الموت.

قال أيضا الجندي الأمريكي في رسالته إلى زوجته: في نفس الوقت كان فريق الإعدام يجرب حبال الإعدام وأرضية المنصة وأحضروا على وجه الشرعة اثنين من المشرحة ومعهما تابوت خشبي ووضعاه بجانب المنصة وفي الساعة الثالثة إلا عشر دقائق قاموا تم إدخال الرئيس صدام حسين إلى قاعة الإعدام ووقف الشهود أمام جدار غرفة الإعدام وكانوا رجال من القضاة ورجال دين وممثلين عن الحكومة وطبيبا وبدأ تنفيذ حكم الإعدام فى الساعة الثالثة و5 دقائق فجرا واللذين أمروا بتنفيذ حكم الإعدام كانوا في منتهى الخوف والذعر وأرتدوا أقنعة تشبه المافيا.

نذكر للتاريخ أن صدام حسين عبد المجيد التكريتي ينتمي إلى عشيرة البيجات وهو من مواليد شهر أبريل عام 1937 في قرية العوجة التي تبعد 23 كيلو متر عن مدينة تكريت شمال غرب بغداد التابعة لمحافظة صلاح الدين وكانت العائلة تمتهن الزراعة وتوفي والده قبل ولادته بستة أشهر وبعدها بفترة قصيرة توفي الأخ الأكبر لصدام وهو في الثالثة عشرة بعد إصابته بالسرطان.

مات جد صدام وهو في الثانية من عمره فانتقلت به أمه ليعيشا في كنف خاله في بغداد وأمه صبحة طلفاح المسلط تزوجت إبراهيم الحسن وله من الإخوة غير الأشقاء برزان ووطبان وسبعاوي وعاشت في تكريت حتى توفيت عام 1982 ورعى صدام الغنم في صغره وتعلم السباحة والرماية وركوب الخيل.

في عام 1947 عاش صدام مع خاله خير الله طلفاح الضابط في الجيش بقرية شاويش بالقرب من تكريت والتحق صدام حسين بالمدرسة الثانوية وبرغم أن صدام كان يقيم في بغداد إلا أنه كان يسافر باستمرار إلى تكريت.

لجأ صدام حسين إلى سوريا في رحلة طويلة وشاقة تكتنفها المخاطر وأقام بها ثلاثة أشهر ومنها توجه إلى مصر في 21 فبراير عام 1960 م في القاهرة التحق بمدرسة قصر النيل لإكمال دراسته الثانوية وسكن مع عدد من رفاقه في حي الدقي وفي بغداد أصدرت المحكمة العسكرية العليا الخاصة في شهر ديسمبر عام 1960 م حكمها بالإعدام عليه وعلى مجموعة من الهاربين خارج البلاد لمشاركته في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم.

كان إسقاط الملكية العراقية إبان ثورة عام 1958 م واحداً من أكثر الأحداث دموية في التاريخ الحديث للشرق الأوسط انتسب صدام إلى كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 م ولكنه لم يكمل دراسته فقد عاد إلى بغداد في أعقاب الانقلاب ضد عبد الكريم قاسم.

احتفل صدام حسين عام 1962 في القاهرة بزواجه من ساجدة ابنة خاله خير الله طلفاح التي كانت لا تزال في العراق في ذلك الوقت حيث أقام حفلاً كبيراً بحضور رفاقه المنفيين وقد تم العقد عن طريق المراسلة وأنجب منها قصي وعدي ورنا ورغد وحلا.

أمام الكاميرات على الهواء مباشرة أعدم عبد الكريم قاسم رمياً بالرصاص وخلال هذه الأحداث كان صدام حسين لا يزال في القاهرة لكن سرعان ما عاد إلى بغداد ليصبح عبد السلام عارف رئيساً للجمهورية وبعد وصوله أعاد صدام تقديم نفسه وتولى منصب رئيس الوزراء وتوالت الأحداث وتولى أحمد حسن البكر رئاسة العراق وأجرى صدام حسين بصفته نائباً للرئيس إصلاحات واسعة النطاق وأقام أجهزة أمنية صارمة وقد أثارت سياسيات كل من صدام والبكر قلقاً في الغرب ففي عام 1978 م وفي أوج الحرب الباردة عقد العراق معاهدة التعاون والصداقة مدها 15 مع الإتحاد السوفييتي كما أمم شركة النفط الوطنية التي تأسست في ظل الإدارة البريطانية والتي كانت تصدر النفط الرخيص إلى الغرب وقد استثمرت بعض أموال النفط عقب فورة النفطية التي أعقبت أزمة عام 1973 م في الصناعة والتعليم والعناية الصحية مما رفع المستوى المعيشي في العراق إلى أعلى مستوى في العالم العربي.

كانت ثورة الأكراد في شمال العراق عام 1974 م ضد الحكومة العراقية فرصة لتنامي سيطرة صدام حسين على الأمور في العراق فقد كان هناك نزاع على شط العرب بين العراق وإيران وكانت إيران في عهد الشاه تساعد الأكراد مما ساعد على تفاقم القتال وموت مائة ألف عراقي من الأكراد والعرب ما بين عامي 1974 م إلى 1975 م وتدخلت الجزائر وتم توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975 م بين إيران والعراق كان بنودها تقسيم شط العرب بين الطرفين وامتناع إيران عن مساعدة الأكراد وأن تقوم العراق بطرد الخميني من النجف ووقع الاتفاق عن الجانب العراق صدام الذي كان وقتها نائباً لرئيس الجمهورية.

تمكن صدام حسين من إحكام قبضته على السلطة من خلال تعيين أقاربه وحلفائه في المناصب الحكومية المهمة بالإضافة إلى مراكز التجارة والأعمال وهو ما تمكن معه في نهاية عام 1970 م من أن يحتكر السلطة فعلياً في العراق تمهيداً للاستيلاء عليها نهائياً في يوليو عام 1979 م حيث اضطر البكر إلى الاستقالة وكان السبب الرسمي المعلن للاستقالة العجز عن أداء المهام الرئاسية لأسباب صحية وسلمت كل مناصبه لصدام حسين الذي أعلن نفسه رئيساً للجمهورية ورئيساً لمجلس قيادة الثورة وقائداً عاماً للقوات المسلحة.

قابل صدام استقالة البكر بتحديد إقامته في منزله إلى أن توفى في شهر أكتوبر عام 1982 م وكان صدام يعمل في ذلك الوقت من 14 إلى 16 ساعة يومياً ومن بين أهم الأعمال التي لاقت ترحيباً من العامة والتي قام بها صدام في بداية توليه السلطة الإفراج عن الآلاف المعتقلين والتقرب إلى الشعب العراقي وللمواطن البسيط.

أطلق صدام مشروع التقدم النووي العراقي في الثمانينات من القرن الماضي وذلك بدعم فرنسي وأسس الفرنسيون أول مفاعل نووي عراقي باسم أوسيراك وسماه العراق تموز 1 وتم تدمير المفاعل بضربة جوية إسرائيلية بحجة أن إسرائيل شكت في أن العراق كان سيبدأ إنتاج مواد نووية تسليحية وقال صدام بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية مهدداً إسرائيل: بأنه يمتلك الكيمياوي المزدوج وأنه قادر على حرق نصف إسرائيل لو قامت بالاعتداء على العراق.

أشعلت اتلحرب بين العراق وإيران ابتداءً من عام 1980م واستمرت 8 سنوات وكانت الدول العربية والخليجية تدعم صدام حسين إلا أن هذه العلاقة بدأ يشوبها التوتر إلى أن وصلت إلى حد القطيعة خاصة بعد إقدامه على غزو الكويت عام 1990 م.

بقيت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق متوترة بعد حرب الخليج الثانية ونتيجة للحرب فقد فرض مجلس الأمن حصاراً اقتصادياً شاملاً على العراق وعانى العراقيون من نقص المواد الأساسية الغذائية والمستلزمات الصحية وزادت عزلة الحكومة العراقية وأطلقت الولايات المتحدة الأمريكية أول هجوم صاروخي منذ نهاية الحرب مستهدفة مركز الاستخبارات العراقية في بغداد في 26 يونيو عام 1993م متذرعة بالخرق المتكرر لمنطقة الحظر الجوي المفروضة بعد حرب الخليج والتوغلات في الأراضي الكويتية.

بدأ العراق في عام 1997م ببيع النفط مقابل الغذاء والدواء وفق قرار مجلس الأمن رقم 986 لكن هذا لم يكن ليشكل سوى 10 إلى 40% من إنتاج العراق النفطي الحقيقي وفي 16 ديسمبر عام 1998م شنت الولايات المتحدة مع بريطانيا عملية ثعلب الصحراء متذرعة برفض الحكومة العراقية الاستجابة لقرارات الشرعية الدولية ولطرد العراق مفتشي أسلحة الدمار الشامل وفي عام 1999 م أقدم نظام صدام حسين على قتل السيد محمد محمد صادق الصدر زعيم الحوزة العلمية في النجف مما أدى إلى اندلاع انتفاضة ما سمي بساعة الصفر في بغداد والمحافظات الأخرى للقصاص من الحزب الحاكم.
يوم 7 سبتمبر عام 2002 م اعتذر صدام حسين عن غزو الكويت لكنه ألقى باللوم على قادتها وطالب الشعب الكويتي بتصدي للقوات الأمريكية الموجودة على أرضه ورفضت الكويت اعتذاره في اليوم التالي.

أصرت الإدارة الأمريكية على إسقاط نظام صدام وفي 20 مارس عام 2003م تحركت القوات الأمريكية البريطانية في سعيها نحو ما تم تسميته بحرية العراق 9 إبريل عام 2003م وبعد سقوط نظام صدام حسين على يد القوات الأمريكية ظلت أخبار صدام مجهولة في الأسابيع الأولى بعد سقوط النظام وانتهاء العمليات الرئيسية للحرب وتم قتل أبنائه عدي وقصي في 23 يوليو 2003م أثناء اشتباك عنيف مع القوات الأمريكية في الموصل ويوم 6 ديسمبر عام 2003م تم القبض على صدام حسين الموجود في مزرعة الفجر الأحمر بالقرب تكريت.


مشاركة منتدى

  • ارجو التصحيح اولا صدام حسين لم يكن رئيس وزراء زمن عبد السلام بل رئيس الوزراء احمد حسن البكر ثانيا مقتل محمد صادق الصدر تن من قبل عصابة مرتبطة باطلاعات الايرانية والتسجيل موجود وهنام بعض الامور لااود التطرق لها هنا مع التحية

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى