الاثنين ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

هاتِ، هاتي، هاتيا...

هات: فعل أمر جامد بمعنى (أعط) مبني على حذف حرف العلة.

وللمؤنثة نقول: هاتي، مبني على حذف النون، والياء فاعل.

ومنه قول امرئ القيس:

إذا قلت هاتي ناوليني تمايلت
عليَّ هضيمَ الكَشْح ريّا المُخَلْخَلِ

(روي الصدر أيضًا:

هَصَرتُ بفَودَي رأسها فتمايلت...)

وتتصل بالفعل (هات) ألف الاثنين، وواو الجماعة، فنقول: هاتِيا، وهاتوا.

ومنه قوله تعالى هاتوا برهانكم- وردت أربع مرات في القرآن: البقرة، 111؛ الأنبياء، 24؛ النمل، 64؛ القصص، 75.

ونقول : يا فتيات هاتين ما أخذتنَّ.

رأى البعض أن (هاتِ) اسم فعل أمر، وهذا غريب، فـ (هاتِ) يلحق بها ضمائر الرفع البارزة التي تُعرب فاعلاً، فهي مثل (عاطِ) و (آتِ)؛ ثم إني لم أجد أي شاهد على كونها اسم فعل- كأن يخاطب أحد جماعة ويقول: هاتِ يا رجال ما أخذتم، أسوة بـ (صهْ) مثلاً!

جاء في (لسان العرب) لابن منظور:

"…ويقال: هاتِ يا رجل بكسر التاء أَي أَعطني، وللاثنين: هاتِيا- مثل آتِيا، وللجمع: هاتُوا، وللمرأَة: هاتي بالياء، وللمرأَتين: هاتِيا، وللنساء: هاتِينَ- مثل عاطِينَ.

قال الخليل أَصل "هاتِ" مِن "آتَى- يُؤَاتِي"، فقلبت الأَلف هاء".
ولا بدع في أن أصل الهاء همزة، فقد قالت العرب (هراق) و (أراق).

لعل سائلاً يسأل: أين قرأت أن (هاتِ) اسم فعل؟

أجيب:

في عدد من المصادر الحديثة، منها (معجم الإعراب والإملاء) لإميل يعقوب، ص 433، إذ يكتب:
"هاتِ: اسم فعل أمر مبني على الكسر بمعنى أعطني، يستوي فيه المذكر والمؤنث مفردًا ومثنى وجمعًا، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنتَ أو أنتِ أو أنتما أو أنتم أو أنتنّ - حسب المخاطب" أ.هـ

من العجيب أن يعقوب لم يذكر عن (هات) إلا ما أورده أعلاه، وذلك في كتابه الآخر بالاشتراك مع ميشال عاصي (المعجم المفصل في اللغة والأدب، المجلد الثاني- مادة "هات"، ص 1279)
ويشير ابن هشام إلى "جماعة من النحْويين"، وذلك في شرحه لـ (قطر الندى وبلّ الصدى)، ص 21- 22:

"وأما (هاتِ و تعالَ) فعدّهما جماعة من النحويين في أسماء الأفعال، والصواب أنهما فعلا أمر بدليل أنهما دالان على الطلب، وتلحقهما ياء المخاطبة، تقول: هاتِي، و تعالَي، واعلم أن آخر (هاتِ) مكسور أبدًا إلا اذا كان لجماعة المذكرين فإنه يضم فتقول: هاتِ يا زيد، وهاتِي يا هند، وهاتِيا يا زيدان أو يا هندان، وهاتِين يا هندات، كل ذلك بكسر التاء، وتقول: هاتُوا يا قوم- بضمها".

ثم إن هناك من يخاطب المثنى، ويقول: هاتا!

وهذا خطأ، والصواب هو (هاتيا)

(انظر الحريري: درة الغواص، ص 185)

يذكر الحريري كذلك أن (هاتا) هي اسم إشارة، ويستشهد بقول عِمران بن حِطّان:

وليس لعيشنا هذا مهاةٌ
وليست دارُنا هاتا بدار

وبعد،
فإلى من يصرون على أن (هاتِ) اسم فعل أقول: "هاتوا برهانكم"!


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى