الخميس ٨ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم سليمان نزال

مهاتفة الينابيع/إلى أمي

أضغطُ بقلبي على قرص التمنيات, وروداً ملائكية يحملُ لي الهاتف, سنوات عمري تذوبُ في أسلاك, أمسكُ الشوقَ من أول الجمر و أنا أسمعها تخاطبني و تنزل الحرقات على أصابع الكلام, تربت على كتفي و تطلق من حنجرة الدعاء سيلاً من المحبة.

تطلبُ مني أن أرجعَ إلى أيامي, فأضم أيامها إلى صدري, شرفات من الحبق و الحنان. الصوت يصلني, بكلِّ رياحين الحنين. الصوتُ يطوقني بذراعيه, مساكبُ الشوق ِ تزهرُ مع كلِّ كلمة تقولها ..و أنا ما بين نداءات الوجد و أحزان السفر أقيسُ المسافات ِ بالرغبات ِ الصعبة.

يترددُ الصدى, في أركان الالتياعات, أدنيه من دمي.. و أتذكرُ دمي طفلا.. أبصرهُ صبياً, يمتشقُ الطريقَ علامات للعرفان, تصيحُ أفئدة ضلوعي: يا أمي..يا أمي..

تعاتبني قائلة: كل عام ترسل لي أطفالك, فيرفع المسرات جبيني, ألثمهم, ألثمُ أثرك, كيف تفهمني؟ أرى وجهك في وجوههم, أحمدُ الله و أشكره كثيرا.. لكني أشتاق إليك أكثر و أنت تنجب سلالة في منفى, فيكبرون في قيود البعاد..بعيداً عني يكبرون..

أشكرها على هدايا الزعتر و الميرمية و "الزوفا". تحيطُ نسيج الخطاب في أهازيج, يتراقصُ "التلفون" في يدي, أرمقُ طرفَ ابتسامة ٍ في الفضاء.

 متى تأتي؟

 سآتي مع أول الغيث.. لن يقطعَ الذئاب دروب التلاقي, أماه..

  قلتَ هذا غير مرة..هل تلقاني تحت شجرة أغصان شجرة التوت, أنسجُ لأولادك "كنزات" الربيع, أم تراكَ تجدني راحلة هناك تحت جذورها ؟

  حماك الله يا أمي, أطالَ الله في عمرك..سأرسلُ لك ِ حفيداً "أو حفيدة" مع مطلع البراعم, أرجو أن تقصِّي على مسامعه حكايات البحيرة و البلد.

و تنتهي مكالمتي مع الينابيع..أشعلُ الفراقَ لفافات تبغ متلاحقة..أكبرُ في المنفى, و لا تسقط في الانتظار قلاعي..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى