الثلاثاء ٢٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٩

مقالات نقدية في الأدب الفلسطيني

محمود البنّا

(1)- حالة العداء للأدب الفلسطيني.. شهادات إسرائيلية: (محمود درويش- غسان كنفاني- عز الدين المناصرة

بتاريخ (16-2-1981)، أذاعت (وكالة رويتر) للأنباء خبراً موسعاً لقائمة من الكتب الفلسطينية، أصدرت بشأنها الرقابة الإسرائيلية(تسنزورا)، قراراً بمنع تداولها، من بينها روايات غسّان كنفاني، وجميع دواوين (عزالدين المناصرة)، وبعض دواوين محمود درويش، وسميح القاسم و فدوى طوقان. وقالت الوكالة نقلا عن الرقابة الإسرائيلية، بأن أشعار (المناصرة)، تتحدث دائما عن (الألوان الأربعة) – ألوان العلم الفلسطيني، وتحرّض على العودة إلى (الجذور الكنعانية)، ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي. وفيما يلي، شهادات اسرائيلية تحريضية ضد (الأدب الفلسطيني).

بروفيسور دوف شينعار:

في عام 1982، لم تكن صحافة الضفة الغربية وحدها، هي التي كشفت إجراءات الرقابة الإسرائيلية، بل كشفها أيضا صحافيون إسرائيليون وعالميون، مثل آموس إيلون (صحيفة هآرتس الإسرائيلية)، وأنثوني ليوس (نيويورك تايمز)، وكشفوا أيضا عن إلغاء الأوامر التي أصدرتها السلطات العسكرية الإسرائيلية المحرجة، والتي كانت قد صدرت 1977، ثمَّ أصدرت في أيلول 1982، قائمة رئيسية منقحة، تحتوي على (1002) عنوانا، ثلثها أعمال شعرية، وقصصية، وأدبية، وثقافية كذلك، فإن أقل من 10% من الأعمال المراقبة، هي كتب دينية:إسلامية ومسيحية، وفي الحقيقة أن الكثير من هذه العناوين المراقبة كانت لشعراء وروائيين وطنيين، من بينهم (غسان كنفاني – سميح القاسم –محمود درويش – عزالدين المناصرة). وهذا يشير إلى تشويه أهمية الأدب الفلسطيني من قبل الرقيب الإسرائيلي. إن نقد المعالجة الأدبية لمعضلة الكبرياء القومي، في مواجهة البقاء اليومي، ومفارقة المعالجة، لواقع معاد ومشوش، يثير أسئلة أكثر تحديدا، بالإضافة إلى نقد البلاغة المنمقة، المسهبة المحاكية لذاتها، فإن التركيز العاطفي والعقلاني على الأسئلة،حول ما إذا كان العمل الأدبي، قد لازم الفعل، وحول إذا ما كان بوسع المبدعين الفلسطينيين، أن يشبعوا ميولهم الفردية في مواجهة الحاجة الجماعية، نحو الإتزان الوطني، السؤال الأول حول التوتر بين الحاجة للتعبير النشيط عن المشاعر العظيمة، والضغوطات الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي. وقد تمَّ تصوير الخيارين، تصويرا مؤثرا. فالخيار الأدبي، تم توضيحه، أما الخيار الثاني (اختيار الفعل)، فقد مارسه: (الشاعر عزالدين المناصرة،والروائي غسان كنفاني، وكمال ناصر) الذين أضافوا إلى النشاط الأدبي، اختيار (الفعل الثوري الكامل) في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. والحقيقة أن كنفاني وناصر،قد قتلا في عمل عسكري، (أما المناصرة، فما زال على قيد الحياة)، مّما يجعل من التوتر بين الخيارين المتعارضين ظاهريا، يجعله ملموسا بشكل أكبر.

2. إيهود يعاري و زئيف شيف:

كان الشباب في المناطق المحتلة، يتبادلون المنشورات،وكراسات الإرشاد، والتدريب السري، ويستمعون إلى المحاضرات في جلسات مغلقة، تعقدها الخلايا السرية. جيل كامل من الشباب الذين تربوا على نظرية النضال، وطرقه وأساليبه، الأمر الذي جعلهم متعطشين للعمل، فالكراسات والمنشورات التي صودرت بأيدي السلطات الإسرائيلية،...أُتلفت، واعتقل موزعوها، وحكم عليهم بالسجن بتهمة التحريض، غير أن التوزيع واسع النطاق (لأدب النضال)، لم يكن بإمكان السلطات الإسرائيلية، منع استمراره، مثلما لم يكن باستطاعة السلطات الإسرائيلية، منع الشباب من حفظ أناشيد وقصائد، (معين بسيسو، وعزالدين المناصرة) التي تمثل روح الصمود.

3. جريدة (الأخبار الكندية اليهودية):
وف يقيم (بيت الثقافة) في مونتريال، أمسية للشاعر الفلسطيني الخليلي- عز الدين المناصرة، بعد ثلاثة أيام، 29-10-2000، وقد سألنا بعض نقاد الأدب الإسرائليين عن هذا الشاعر، فقالوا: إن قصائده، تحرض على (الانتفاضة)، ضد إسرائيل، وتدعو إلى البحث عن الجذور الكنعانية.

هوامش:

1- Dov Shinar: Palestinian voices, Lynne Rienner Publishers, Colorado, U.S.A, 1987- (P.124)+ (P.130+131)

- 2 إيهود يعاري (مساعد وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق)، وزئيف شيف (المعلق العسكري لصحيفة هآرتس الإسرائيلية) في كتابهما المشترك: انتفاضة – ترجمة دار الجليل، عمان،الأردن 1990- ص49

3- The Canadian Jewish News, 26/10/2000, Canada

(2)-عباس عبدالقادر: شاعرٌ عالمي (مجهول!!)

عباس عبدالقادر January 13, 2018

(عزالدين المناصرة) هو (شاعر الثورة الفلسطينية 1964-1994) الحقيقي العصامي، الذي حصل على كل شهرته في الوطن العربي، بجهده الخاص. فقد صدرت له (11 مجموعة شعرية)، وصدر له (25 كتاباً نقدياً ثقافياً). وصدرت له (سبعة كتب شعرية) بلغات أجنبية، وهي (الإنجليزية، والفرنسية، والفارسية، والهولاندية). كما تُرجمت قصائده منفردة إلى عشرين لغة تقريباً. ورغم أنه أصدر مجموعته الشعرية (يا عنب الخليل، 1968)، فإنه حتى عام (1999)، لم يصدر عنه أي كتاب، ومعنى ذلك أنه تعرَّض للإقصاء والتعتيم في عصر الثورة الفلسطينية (1964-1994)، ونقول هذا لأن بعض (الاندماجيين) في أنظمتهم، الذين لم يشاركوا في الثورة، كانوا يشيعون كذباً بأن (شهرة المناصرة، جاءت من كونه عاش مرحلة الثورة الفلسطينية المعاصرة!!). ثمَّ جاء عصر اتفاق أوسلو (1993-2018)، فكان الشاعر المناصرة هو من الكبار الذين تصدّوا لاتفاق أوسلو، بل أعلن أنه يدخل فلسطين عندما يحصل على (المواطنة الكاملة): (أنا فلسطيني من أصل فلسطيني، وكنعاني العروبة الديمقراطية – 1997)، و(لا أزور مسقط رأسي فلسطين كسائح)!!. والمعروف أن المناصرة غادر فلسطين إلى القاهرة بتاريخ (15/10/1964)، ولم يُسمح له بالعودة بعد كارثة 1967، التي عاشها كاملة في القاهرة، حيث ولدت من جديد (شخصية قناع امرئ القيس) في معظم قصائده.

– يقول القاص الفلسطيني (خليل قنديل) – (جريدة الدستور الأردنية، 19/11/2004) ما يلي: (لقد نهض الشاعر الكنعاني الساحر عزالدين المناصرة منذ منتصف الستينات – ممسكاً بقصيدة حضارية رعوية كنعانية – هي حقاً أكبر بكثير من مراحل منبرية، مرّت بها القصيدة الفلسطينية والعربية، قافزاً باتجاه جذور الأرض الموعودة لأهلها الأصليين. كان هذا يحدث في أرض تشتعل فيها الثورة في بيروت).

– ويقول الصحافي والمسرحي (سامر محمد إسماعيل) – (جريدة السفير اللبنانية، 11/8/2014) ما يلي: (لم يحصل سميح القاسم على نصف النجومية التي حصل عليها محمود درويش – كذلك، فإن مواطنهما الشاعر (عزالدين المناصرة)، البعيد كل البعد عن الضجيج السياسي والإعلامي، الذي رافق كلاً من (درويش والقاسم) منذ عام 1967 على الأقل – تتمتع قصائده (بخصوصية شعرية عالية، وموهبة نادرة، تضاهي هذين الشاعرين، وتتفوق عليهما في كثير من المواضع). ويقول (الدكتور علي حافظ) – (جريدة النور، دمشق، 10/3/2010) ما يلي: ((عزالدين المناصرة)، أيضاً، هو شاعر الثورة الفلسطينية، مثل محمود درويش، لكن لكل شاعر منهما، نبرته الثورية الخاصة، فالشاعر (المناصرة) (نبرته أسطورية كنعانية غامضة، لأنها رمزية). أما الشاعر محمود درويش، (فنبرته، حماسية مرتفعة)). أما عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، (كريم مروّة) فيقول في (موقع الحوار المتمدن، 6/8/2009) ما يلي: (أكثر مثقفي الثورة الفلسطينية في مرحلتها اللبنانية (1972-1982) – قرباً إلى قلبي ووجداني، هم: (عبدالكريم الكرمي (أبو سلمى)، وكمال ناصر، وعزالدين المناصرة، ومعين بسيسو، ومحمود درويش). لقد كانت تربطني بهؤلاء صداقة حميمة أعتز بها، إذْ هي شكّلت جزءاً من تكويني في ما أنا فيه اليوم بعد سنوات العمر التي انقضت). وقال (الطاهر وطار – 2004) في حفل تكريم مؤسسة الجاحظية في الجزائر العاصمة للشاعر المناصرة، ما يلي: (المناصرة شاعر عالمي جزئياً، معروف لدى مثقفي فرنسا، ومعروف جداً في الجزائر، وكُتبت عنه كتب كثيرة، بل هو مشهور جداً في إيران، فهو كما قال عنه الروائي (الطاهر وطّار): (لا يقل أهمية عن صديقه وزميله محمود درويش في (الشعر)، ولا يقل أهمية عن مواطنه إدوارد سعيد في النقد الثقافي المقارن)). ويقول الدكتور أمين الزاوي: (المناصرة… واحد من أكبر الشعراء العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، لكن تجربته الشعرية لم تدرس بعمق للأسف حتى اليوم… إنه (يوسف) الذي تركه إخوته في صحراء المنافي في قاع الجُبّ… و(عادوا إلى الوطن!!)). ويقول الشاعر والناقد المغربي (محمد بودويك – 2004): (نقول مع إليوت، بتحوير بسيط – يمتلك (المناصرة) مثل (تينسون)، ثلاث صفات لا تجتمع إلا في أعاظم الشعراء، هي: (الغزارة – التنوع – والإحكام الكامل).

– في عام (2003)، شارك المناصرة في أضخم مهرجان شعري عالمي في أوروبا (مهرجان روتردام)، وعلقت (جريدة (Volks Krant – الهولاندية)، بتاريخ 16/6/2003) ما يلي حرفياً: (ألقى المشاركون في(مهرجان الشعر العالمي) في روتردام قصائدهم، وهم من (إسبانيا، فرنسا، بلجيكا، الولايات المتحدة، ألمانيا، إيطاليا، يوغسلافيا، اليونان، والمكسيك، وشعراء عرب) وغيرهم- لكن الشاعر الفلسطيني (عزالدين المناصرة)، هو الذي كسر الحاجز اللغوي بينه وبين الجمهور الأوروبي، حيث أسرنا بموسيقية شعره، نصعد معه حين يعلو صوته، ونهدأ عندما يخفت صوته).

– ويقول كتاب (دراسات في الأدب الفلسطيني)، منشورات (جامعة القدس المفتوحة، رام الله، فلسطين، 2003) ما يلي: (حركة الشعر العربي في فلسطين – كما تكشف عنها تجربة كل من (محمود درويش، وعزالدين المناصرة)، تجربة غنية ومتنوعة، تستوعب اتجاهات وأشكالاً شعرية متعددة، فهمت، أي (المناصرة، ودرويش)، يشكلان حالة شعرية ناضجة متطورة باستمرار. وقد ارتقيا بالقصيدة العربية إلى آفاق متقدمة). وقد قيلت مئات الشهادات النقدية. الإيجابية حول (شاعرية المناصرة)، اقتطعنا منها القليل.

– أما (نضالياً)، فقد بدأ (المناصرة) نضالاته في سبيل قضيته فلسطين، منذ وصوله إلى القاهرة، (عام 1964)، أي في العام نفسه، الذي تأسست فيه (منظمة التحرير الفلسطينية في القدس)، بل غادر المناصرة إلى القاهرة من (مطار قلنديا) في القدس، ليلة (15/10/1964)، وفي الشهر التالي أي في نوفمبر 1964، أصبح عضواً في (الاتحاد العام لطلبة فلسطين- فرع القاهرة)، الذي تخرج منه معظم قيادات الثورة الفلسطينية مثل ياسر عرفات في الخمسينات، وقادة آخرون، وترشح عام (1966) كمستقل في قائمة للحصول على مقعد الهيئة الإدارية في الاتحاد – وأصبح المناصرة،أيضاً، عضواً في (الجمعية الأدبية المصرية)، بترشيح من (صلاح عبدالصبور، وعزالدين إسماعيل). وأصبح عضواً في جماعة (مقهى ريش)، الذين يحاورون (نجيب محفوظ) كل يوم تقريباً، وخصوصاً (يوم الجمعة)، طيلة السنوات (1964-1970) – ومنذ أكتوبر 1964 وحتى نهاية عام 1966 – كان المناصرة (في سن الثامنة عشرة) – مراسلاً صحفياً، لمجلة (الأفق الجديد) في القدس. وتلقى (دورة عسكرية) في جامعة القاهرة، صيف 1967. كذلك عمل المناصرة مراسلاً صحفياً لمجلة (الهدف) الناطقة بلسان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ومراسلاً لمجلة أدونيس: (مواقف) اللبنانية منذ عام 1968. وقد تعرّف على معظم أدباء مصر، وتعرّف في القاهرة على (أحمد الشقيري) – مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، كما يؤكد ذلك في مقال منشور له، كتبه زميل دراسته في (كلية دار العلوم- جامعة القاهرة) – (نبيل خالد الآغا). وشارك في (مؤتمر اتحاد كتاب فلسطين الثاني، القاهرة، 1969).

– أما في (الأردن)، فقد ساهم في تحرير (عدد واحد، ديسمبر 1973) من (مجلة أفكار)، التي كان يشغل فيها نائباً لرئيس التحرير محمود سيف الدين الإيراني، وفُصل من عمله. وقام بتأسيس (رابطة الكتاب الأردنيين) في ديسمبر 1973، قبل رحيله إلى بيروت، فكتب نظامها الداخلي وأعلنه في (المؤتمر التأسيسي) بنفسه، في (نادي خريجي الجامعة الأردنية)، وأشرف مع (الإيراني، عيسى الناعوري، محمود السمرة) على اختيار أعضاء الهيئة التأسيسية الرسمية، بصفته (مقرر الهيئة التأسيسية (التحضيرية)). وكان في عمّان (ممنوعاً من السفر) في هذه الفترة، حيث أعيد من حدود مدينة (الرمثا)، آخر مرّة، لكنه استطاع بعد تدخلات أن يسافر إلى بيروت.

– في بيروت، كان (الشاعر الفلسطيني الوحيد، الذي حمل السلاح، في المرحلة اللبنانية، وشارك في المعارك العسكرية، دفاعاً عن المخيمات، والجنوب اللبناني)، حتى قال شاعر فيروز، (جوزف حرب) بصفته رئيساً لاتحاد الكتاب اللبنانيين في تقديمه للشاعر المناصرة في مهرجان (صور) عام (1999) مازحاً – (المناصرة شاعر جنوبي لبناني، فلسطيني، لكنه يحب الجنوب اللبناني، (أكثر مني)، لأنه يعرف الجنوب مدينة، مدينة، وقرية، قرية، لهذا جاء عدد من أصدقائه الجنوبيين إلى هذه الأمسية يحيونه بعد غيابه الطويل). وجوزف حرب، هو الذي وصف (المناصرة) بأنه (صنّاجة العرب في العصر الحديث)، وصفاً لطريقة المناصرة الاحتفالية في إنشاد شعره.

– وتقول الإيرانية (مريم سادات ميرقادري)، (عزالدين المناصرة، هو شاعر عالمي بكل المقاييس النقدية). كما أكد الحقيقة نفسها كثيرون منهم: (الطاهر وطّار – الدكتور غسان غنيم) – وفيلسوف التفكيكية (جاك ديريدا) الذي وصف قصيدة (جفرا)، بأنها (السحر بعينه) في مسرح موليير الباريسي، بعد أن ألقاها المناصرة بالعربية، وألقاها ممثلان فرنسيان محترفان بالفرنسية عام 1997. كذلك وصفه (كلود روكيه) بأنه (لايقلُّ أهمية عن شعراء فرنسا العظام في النصف الثاني من القرن العشرين). ولا ننسى أن (المناصرة مع درويش وفدوى طوقان)، هم من بادر إلى (ضرورة تسمية (يوم الشعر العالمي) في 15 أيار 1997). بل إن الشاعر والصحافي اللبناني (أحمد فرحات) يقول بأن محمود درويش اعترف له في باريس عام 2004، بأن (الفكرة نبعت من رأس المناصرة، وعرضها علينا، فوافقنا عليها فوراً، وقمنا معاً بصياغة البيان الذي سلمّناه إلى (مايور، مدير اليونسكو الدولية).

– غنى قصائده عدد من المطربين، أهمهم (مارسيل خليفة)، الذي غنى له قصيدتين هما: (جفرا – وبالأخضر كفناه)، رددهما ملايين العرب. وغنى له المطرب المقدسي مصطفى الكرد (يا عنب الخليل). وغنى له البحريني خالد الشيخ (وكان الصيف موعدنا). وغنى له (كمال خليل – عمّان)، قصيدته (الباب). وغنى له عصام الحاج علي (1977) قصيدته (مواصلات إلى جسد الأرض).

– هذا هو الشاعر الفلسطيني العربي الكبير (عزالدين المناصرة)، المناضل، الناقد، والأكاديمي، والمفكر – (المجهول في وطنه فلسطين!!).

– عزالدين المناصرة (الشاعر، والمناضل، والناقد، والمفكر، والأكاديمي) – هو (شخصية كارزمية)، تقول (حدّة حزّام – رئيسة تحرير جريدة الفجر الجزائرية في افتتاحية الجريدة – 16/9/2011) ما يلي: (يا (هذا)… ما هكذا تكلم (ياسر عرفات، وعزالدين المناصرة، ومحمود درويش)… قضية فلسطين بحاجة إلى شخصيات كارزمية كهؤلاء الثلاثة).

– وقال المثقف الباحث الفلسطيني (محمد سعيد مضية) ما يلي: (الشاعر، والمفكر المناصرة، شاعر غزير الثقافة، ينتمي إلى الوفاء وعزّة النفس، تنبأ وحذّر، ونظم الأهاجي في التخاذل المتبوع بالتصحر والصمت القاتل، فـ(المناصرة) ينتمي إلى كوكبة المتمردين على الزيف، وقد ظل طيلة حياته، مسترشداً بمرجعية الحقيقة وحدها. وكان في قصيدته (أرى، 1976)، قد حذّر القيادة الفلسطينية: (يا سيّدي، إنّي أرى ما لا يُرى، وأشمُّ رائحة، أرى سُمّاً شهياً قدّموه لقتلنا هو في طعامكْ – وأرى الخليل حبيبتي، نهباً لتجار الممالك)، ونصح بإخلاص ووفاء. ونمّت نصائحه عن بصيرة ثاقبة في قصيدته (حصار قرطاج، 1983)، التي منع من إنشادها (بقرار من ياسر عرفات) أمام أعضاء المجلس الوطني في الجزائر، وهي بالضبط القصيدة الموازية لقصيدة محمود درويش (مديح الظل العالي) في ذلك الزمن، مع أن (أبو عمّار) كان قد وجّه دعوة خطية إلى الشاعر المناصرة (محمد سعيد مضية، مجلة أفكار، العدد 306، عمّان، تموز 2010).
– ويقول الشاعر (ماجد أبو غوش، رام الله، موقع ديوان العرب، 8/5/2006) ما يلي: (شاعر كبير حقاً هو عزالدين المناصرة، مورس ضده (طوال عقود): – (التعتيم، والإقصاء، والحذف المتعمد)، رغم أنه شاعر عظيم.

– ويقول (فوزي الديماسي، (تونس) – موقع جهة الشعر، 5/8/2007)، ما يلي: (لم تحدث نقلة كوبرنيكية في مجال (قصيدة النثر) في تونس، كما هو الشأن لبعض أصوات (المشرق العربي) – على غرار (عزالدين المناصرة – أدونيس، أنسي الحاج، محمد الماغوط، وبول شاؤول). لقد أصدر المناصرة أحد عشر ديواناً من الشعر الحر التفعيلي، من بينها، مجموعتان من نوع (قصيدة النثر الرعوية): (مذكرات البحر الميت، 1969) – (كنعانياذا، 1983)، وهما مختلفتان عن جماعة (مجلة شعر).

– ويقول (نبيل سليمان): (كنعانياذا)، هي ملحمة الشعب الفلسطيني في القرن العشرين… وربما لسواه)- في كتابه (فتنة السرد). وقد اعترفت (مجلة السجل الأردنية) بأن (المناصرة) هو (رائد قصيدة النثر في الأردن)، منذ (عام 1969).

– عندما ننظر لشهادات الشعراء والنقاد العرب المختصرة جداً في نهاية الطبعة التاسعة لمجلدي الأعمال الشعرية – وهي شهادات موثقة، نجد بعض الحقيقة هي أهمية هذا الشاعر الكبير، والخلاصة هي:

– بدأ الشاعر المناصرة، شاعراً ناضجاً، منذ (1967)،كما قال عنه (صلاح عبدالصبور)، و(عزالدين إسماعيل)، وكتب الشعر عام (1962، غزال زراعي). وكان (مراسلاًصحفياً) لمجلة (الأفق الجديد) المقدسية (1964-1966)، وكما قال القاص خليل السواحري (المناصرة هو من أطلق مصطلح (جماعة الأفق الجديد)، في مقابل (جماعة مجلة شعر) البيروتية. آنذاك، لم يكن (بعض زملائه) يكتب الشعر والنقد. أما أبناء جيله من الشعراء في (الأفق الجديد)، فقد كانوا سابقين له تاريخياً بعام أو عامين، لكنهم ظلوا (تقليديين في إطار حداثة الشعر). لقد تطور (المناصرة) وسبقهم في قفزات متوالية، وبعضهم تلاشى تماماً، أو أصيب بالغيرة القاتلة، والحسد القاتل، ولم يبق منهم (شعرياً) سوى القليل، الذين يعيشون على (الذكريات)، وليس على (الشعر).

– هكذا (بجهده العصامي الخاص)، أصبح (الشاعر المناصرة) هو الأعلى مرتبة في الشعر والنقد والثقافة، في فلسطين والأردن على الأقل، وفي عام (2017)، قرأ المناصرة في ندوات، قصائده التي كتبها في الستينات والسبعينات دون أن يلاحظ الجمهور أنها قديمة. وكان يهدف إلى اختبار (حركية شعر الحياة الباقي، الذي تشاجر مع حركية الحياة وتبدلاتها، وهكذا ظل هو (الشعر الباقي الحقيقي)، لأنه بالضبط (تشاجر مع الحياة). بينما كان الاتجاه الآخر هو الذي يحاول البقاء ويكتب (شعراً شفافاً، لكنه (شعر بلاستيكي) ميت يتمحور حول الذات النرجسية).

– (شاعرٌوناقدٌ عظيمان):

كان يقال بين الأكاديميين (المناصرة شاعر عظيم)، وكان يقال بين الشعراء، (المناصرة ناقد عظيم)… ولكن مؤخراً، انهمرت الاعترافات النقدية لتقول: (المناصرة… شاعرُ وناقد عظيمان). وكان هذا كله، بسبب (الإقصاء والإبعاد والظلم النقدي الذي تعرّض له هذا الرجل طيلة عقود من الزمن!!!.

(3)-عز الدين المناصرة: (يتوهَّجُ كنعان) بين الخليل وبيروت – بقلم: طلال سلمان
30 مايو، 2019

طلال سلمان (بيروت): مؤسس جريدة السفير اللبنانية …

اختلفت الأزمنة علينا، فافترقنا، وتباعدت المسافات ما بيننا، وغامت الأسماء وسط افتقاد العناوين، لا سيّما بالنسبة إلى المخلوق الفلسطيني، الذي يُراد له أن يكون خارج الزمان، وخارج المكان، إلاّ إذا صارت الأرض، (دار حرب).

 عز الدين المناصرة… ما زال للاسم رنينُه، وما زالت في الذاكرة بعض الملامح، والكثير من الأبيات، والمقاطع المتحدّرة من قصائده، التي حفظت بيروت، بعضها، أو تلك التي جاءت أصداؤها من دمشق، وعمّان، والجزائر، وكلها تأتينا بفلسطين، وتأخذنا إليها.

 شعَّ الاسم (عز الدين المناصرة) على الغلاف الذي تحتلُّ صدره لوحة الصنوبر، حارس البحر للفنّان مصطفى فَرُّوخ. وأما عنوان الديوان (يتوهَّج كنعان)، فهو جديد – قديم، لأنه عبارة عن (مختارات شعرية)، من مجلَّدي أعماله الشعرية، ومع أنّ بعض قصائده تنتمي زمنياً إلى النصف الثاني من القرن العشرين، وحتى مطلع الألفية الجديدة، فقد وجدتُ فيه الكثير من ملامح الغد. و (بشيء من التسامح، يمكن أن يُعدَّ عز الدين المناصرة، رائداً من روّاد الحركة الشعرية الحديثة)، كما وصفه حارس الذائقة الشعرية العربية، (إحسان عباس، 1993). أو كما قال محمود شريح: (بعد نزار قباني، وأدونيس، جاء إلى بيروت، ثلاثة شعراء، كانوا يساهمون في تشكيل ملامح بيروت الشعرية في السبعينات هم: محمود درويش (العكّاوي)، وعز الدين المناصرة (الخليلي)، وسعدي يوسف (البصري)، ممّا ساهم في تحوّل جذري في خريطة الحداثة الشعريّة

 وبشيء من التسامح، وجَّه عز الدين المناصرة إهداء ديوانه الجديد- القديم إلى (الصديق العتيق المُعتَّق)، فاتحاً أمامه، مرّةً أخرى، أبواب (سنوات النهوض)، التي كادت تكون ثورة، بشعر أقرب إلى (الحُداء)، مُتدرجاً عبر النزول المتسارع سقوطاً مع الزمن الفلسطيني إلى بكائيات، هي أقرب إلى (التحريض)، وليس الرثاء: ينهض (محمود درويش، وعز الدين المناصرة)، أمام أسوار عكّا، وجبال الخليل. فكلاهما أعطانا عبر فلسطين، ملحمة النضال العربي في هذا العصر. (والأخطر) أنّ كليهما، رسم لنا (طريق الغد)، يقول المناصرة:

(حين تكون الجُملةُ مخفيَّةْ / بدهاليز الفتنةِ، أو في قلب الريحْ/ وتكون الجملةُ ضوءاً يجهل زيتَ القنديلْ/ لا تشرحْ أسرار المنديلْ/ بل يكفي أنْ تتركَ شيئاً للقال وللقيلْ/ يكفي أنْ تترك للقارئِ، فَسْحةَ صمتٍ بيضاءْ/ من أجل التأويل). وما أكثر التأويلات، وما أحوج القارئ العربي إلى فسحة صمت بيضاء، بعدما ازدحمت فوق صدره الخيبات، التي التهمت الآمال العريضة، والتي كانت لا تلبث أن تجدد نفسها بدم الشهداء، فتزهر ربيعاً جديداً.

 (خليليٌّ حتى العظم، هو عز الدين المناصرة)، وهو لشدّة عشقه للخليل، يوزّعَها على كل شيء بفلسطين:

(مَنْ مُجيري إذا طاردوني، وكانت شعاراتُهم واحدةْ./ آخر الليل، حتماً تجيء الخليلُ إليَّ على شكل طفلٍ يُفجّرُ فيَّ شقاوته، وأنا ساهمٌ، والمقاهي هنا علَّمتني السَهَرْ./ صِحْتُ: إنَّ الخليل، رمادٌ، ترون، ولكنَّها عندما يبلغُ النهر أعلى الجبال، تكون الخليلُ رعوداً مُجلجلةً، ثمَّ برقا، تكون الخليل شَرَرْ). وفي مقطع آخر من قصيدة (القبائل): (قَدَمٌ في الريح وفي التابوت/ قَدَمٌ أخرى في بيروت/ قلبي في المنفى يا (باجسُ)، يخضرُّ قليلاً، ويموتْ).

 بيروت، بيروت، بيروت… المدينة التي توهمها (بعض الفلسطينيين) وطناً، لم تكن الوطن، قدَّمت نفسها معبراً، ولم تكن تريد، أو تهيئ نفسها لتكون (مقبرة)، لكن البريق مخادع، ووهم السلطة قاتلٌ للأوطان:

(يا هِلي، إنَّ بيروت في دمنا، إنْ سكنتُمْ بها/ قبِّلوا نحو باب الخليلْ… يا هِلي…/ شمِّلوا باتجاه بحار الجليلْ، يا هِلي، يا هِلي، يا هِلي).

 حتى (جفرا)، تستحضر بيروت، التي غدت تميمةً فلسطينية، يُعلّقها الشاعر في رقبتها، لعلّها تدرأ عنه (خطرها)، ثمَّ يقبّلها باشتهاءٍ، لأنه يتمنى أن تعود جفرا إلى وطنها، حتى لا يتخذ من بيروت، (وطناً بديلاً):!!

(منديلكِ في جيبي تذكار/ لم أرفع صاريةً إلاّ قلتُ: فِدى جفرا/ جفرا ظلَّت تبكي في الكرمل، ظلَّت تركض في بيروتْ/ وأبو الليل الأخضر من أجلِكِ يا جفرا/ يقذف من قهرٍ طلقته.. ويموتْ).
 عز الدين المناصرة، لم يكن في يوم من الأيام (شاعر سُلطة). كتب جورج ناصيف (جريدة السفير، 28/1/1981)، ما يلي: (الثورة، أملُنا… والسلطة الثورية، مأساتنا.. هذا التوقيع لعزالدين المناصرة، أستأذنه، لأضع توقيعي إلى جانب توقيعه، تماماً)، لكن قيادة الثورة الفلسطينية، لم تكن تقدر، ولم تكن تريد، ولعلّها لم تكن تستطيع أن ترفض (السلطة)، حتى لو وعت السلطة مقتلها وتابوت الأحلام:

اذبحوا الخوف فينا، يُشرِّشُ، حتى يثور الذليلْ/ واركلوا جُثَّة الخوف في حُفرةٍ، وبلا أثرٍ، أو دليلْ/ خَرَسٌ وارفٌ كالنخيلْ/ من خليج المحيط/ من محيط الخليج/ بكاءٌ يزلزل أركانَ هذي البيوتْ/ نحاول مُلْكاً، وقد لا نموتْ/ بثوب السُموم الذي أرسلته لنا الرومْ/ خلفك رومٌ، حواليك رومٌ، وفي الماء رومْ/ وفي الشاي رومْ/ في الصحافةِ رومٌ، وفي كتب الجامعاتْ/ في أَسرَّةِ زوجاتنا والبيوتْ.

 أما حين وقعت جريمة اغتيال المبدع (ناجي العلي)، فقد تفجَّر غضب عز الدين المناصرة، واندفع يطارد (الريح السوداء)، التي قتلت فلسطين مرّة أخرى:

رَجُلٌ من عنبٍ، قهوائيُّ السِحْنةِ، لا فرق إذا كان المطرُ الصيفيُّ، يحاصرنا بخليط الألوانْ/ رجلٌ يحمل أسئلةً، ويطوف بها فوق الأمواجْ: / خُذ سيفاً يا بوشكينْ، خُذ وتراً يا ناجي، خذ حِذْرك يا حلاّجْ./ رجلٌ من جسدٍ مهترئٍ مكسورْ، لكنْ ما طأطأ أبداً لهدير الاضواء/ أين إذنْ حنظلةُ، وكنعانْ: / الأوَّل قبرٌ في لندنَ، الأوَّل رسمٌ في صُحُفٍ، والقاتلُ أوَّلُ من يرثيه/ الثاني شعرٌ ممنوعٌ يركض في التيهْ/والثالث يشرب قهوته في البار، ويعنيهِ الأمرُ، ولا يعنيهْ./ يا كنعانيَّ الطوب الأحمر يا ناجي، وحدك عوسجةٌ ومديحْ/ يا سيف الدولة في تطوانْ/ يا شجر الدولة في وهرانْ/ مَنْ يوقف هذي الريح السوداءْ، مَنْ يشفطُ من قلبي هذا الشيحْ.

 تتهاوى الحماسة تحت ضغوطات اجتياحات اليأس، ثمَّ لا تلبث أن تجدد نفسها بقرار واع: على الفلسطيني أن يستمر في المقاومة، وإلاّ انتهى: يقاتل العدوّ، يقاتل اليأس، يقاتل العالم، يقاتل ضدَّ نفسه أحياناً، لكنه، إن توقَّف عن القتال، خرج من فلسطين، ولم يعد:

سنخترعُ البحرَ، ثمَّ نرشُّ البهار عليهِ، ونجلبُ من جبل الشام أقمار غوطتها، ومن القدس صخرتها، مِنْ ضلوعك، بيروت، رَوْشتكِ القرمزية، نَشْوي على الفحم، فوق التلال المحيطة، قلْبكَ يا بحرُ، أحجاركَ المرمريّة، ننشرها فوق حبل النهارْ/ جهِّز جوادَكَ للرعي في مرج ذاكرة الغيم قبل المساءْ/ كعاصفةٍ من صباح كروم اليقينْ/ بطيءٌ بريدُكَ يا وطني، والرسائلُ لا تصل العاشقينْ.
 عز الدين المناصرة، شكراً أنك ما زلت حيّاً، تقول فلسطين شعراً، وتغني (الخليل، وجفرا، وكنعان، وعكا، وبيت لحم، وأريحا والناصرة، والبحر الميّت)، وتواصل (المقاومة حتى الشهادة)، ونحن مثلك، نردّد:

(ما الذي سوف أُعطي لطفلة هذا الشهيدْ: ناشفٌ غَضَبي/ جارحٌ عَتَبي/ ناحلٌ قَصَبي/ فاردٌ حُجُبي/ غامضٌ طربي/ واضحٌ عجبي/ مُسْدلٌ كُتُبي/ مُشرعٌ تعبي/ مازجٌ خَبَـبي/ فاعلنْ، فعلنْ…وفعولن سأحشرها في المحيط الذي طوَّق الدائرةْ/ القصيدةُ زعلانةٌ مثل أسوارها الناطرةْ).

(4)-قصة تأسيس اليوم العالمي للشعر: (فدوى طوقان – محمود درويش – عز الدين المناصرة) March 17, 2018

باريس ـ (خاص):

انعقد في باريس، ومدن فرنسية أخرى (بوردو – غرونوبل – مارسيه)، مهرجان (ربيع الثقافة الفلسطينية) لمدة أسبوعين، في (مايو، 1997)، بمشاركة ثلاثة شعراء فلسطينيين عالميين، هم: (محمود درويش – عز الدين المناصرة – فدوى طوقان)، وهم على التوالي ينتمون للمدن الفلسطينية التالية (عكا – الخليل – نابلس) –كما شارك في هذا المهرجان الهام، عدد من القصاصين والروائيين من مدن فلسطينية أخرى، أبرزهم: (سحر خليفة – أنطون شمَّاس – زكي العيلة – غريب عسقلاني – ليانة بدر – رياض بيدس)، والمؤرخ الفلسطيني (الياس صنبر). وقد وصفت (جريدة القدس العربي 2/3/2014)، المهرجان بأنه (يشكّل نقلة نوعينة، وغير مسبوقة على الصعيد الأوروبي). وقد حضرت حشود عربية وفرنسية، فعاليات وأمسيات المهرجان، يتقدمهم مثقفون ومفكرون ونقاد فرنسيون منهم: (جاك ديريدا – مكسيم رودونسون – تسفتيان تودوروف).

كانت أبرز فعاليات المهرجان (ندوة الأدب والمنفى)، كذلك أقيمت أضخم ندوتين شعريتين:

إحداهما: صباحية محمود درويش الشعرية في جامعة الصوربون – وأمسية عز الدين المناصرة وفدوى طوقان الشعرية في (مسرح موليير الباريسي). وأقيم حفل توقيع لديوان (رذاذ اللغة) بالفرنسية لعز الدين المناصرة في (مكتبة ابن سينا في باريس) وأقيم حفل توقيع آخر لهذه المختارات الشعرية في (مدينة بوردو)، بمشاركة ناشر الكتاب مدير دار سكامبيت (كلود روكيه)، الذي قال في كلمته: (بعد أن قرأت مختارات (رذاذ اللغة) – أعتقد أن الشاعر المناصرة، لا يقلّ أهمية عن شعراء فرنسا العظام في النصف الثاني من القرن العشرين) وأقيمت أمسية ثقافية في (معهد الحضارة)، كذلك أمسية ثقافية في (مدينة غرونوبل)، وفي (مدينة مارسيه).
وفي ظل النجاح الكبير لفعاليات المهرجان (ربيع الثقافة الفلسطينية)، اجتمع الشعراء الثلاثة (درويش والمناصرة وطوقان) في (فندق لوتسيا التاريخي) في باريس، بتاريخ (15/5/1997)، وتفاهموا حول فكرة (المبادرة الفلسطينية لتأسيس اليوم العالمي للشعر) فأرسلوا إلى فيديريكو مايور (مدير عام اليونسكو الدولية)، عبر ممثل فلسطين في اليونسكو (عمر مصالحة) – رسالة – بيانا بعنوان: (مانيفستو: الشعر شغف الإنسانية – الشعر بوصلة العالم) – ووقع الرسالة الشعراء الثلاثة: (فدوى طوقان، مواليد 1917 – محمود درويش – 1941 – وعز الدين المناصرة– 1946) وطالبوا بتخصيص يوم عالمي للشعر في نهاية الرسالة.

أطلق على هذه المبادرة صفة (المبادرة الفلسطينية، 15/5/1997). أرسلتْ (اليونسكو) – الفكرة – أو المبادرة الفلسطينية إلى (30 منظمة ثقافية في العالم) أو أكثر، وتمت مساندة (المبادرة) من قبل (اللجنة الوطنية المغربية) … بتاريخ (29/11/1998). وفي عام (1998، 1999) تواصلت الاستشارات، حتى أصدرت اليونسكو عام (1999) قرارها بالموافقة على فكرة (تأسيس يوم عالمي للشعر). وأعلنت أن يوم (21 مارس) من كل عام، هو يوم عالمي للشعر.
كتب كثيرون عن هذه المبادرة، ومن بينهم الشاعر والصحافي اللبناني (أحمد فرحات) بعنوان (تحية إلى شعراء العزلة الكبار) في (جريدة الاتحاد الإماراتية – بتاريخ 24/3/2016) ما ننقله حرفيا: (لا بُدّ من التنويه بما أعلنته منظمة اليونسكو في عام 1999، بتكريس يوم عالمي للشعر في 21 مارس من كل عام، بناء على اقتراح ثقافي عربي فلسطيني مسبق، أعقبه دعم ثقافي مغربي، قدمته (اللجنة الوطنية المغربية 1998)، لليونسكو – كان تقدم به في عام 1997، الشعراء العرب: (فدوى طوقان – محمود درويش – عز الدين المناصرة) إلى مدير اليونسكو وقتها، الإسباني فيدريكو مايور، الذي رحَّب بالفكرة، وسهَّل تنفيذها، انطلاقاً من كونه شاعراً في المقام الأول، ولكونه أيضاً ينتمي لعائلة برشلونية مُطعَّمة بجذور عربية أندلسية، تعود إلى القرن الثامن الميلادي). ويضيف أحمد فرحات في مقالته قوله: (ينبغي أن نذكر هنا بأن فكرة قيام يوم عالمي للشعر، نبعت أساساً من رأس الشاعر عز الدين المناصرة، باعتراف الشاعر محمود درويش، الذي تبناها من فوره مع الشاعرة فدوى طوقان – وذلك كما أسرَّ لي الشاعر درويش نفسه في باريس، عام 2004). ويختتم فرحات مقالته بالقول: (في كل الأحوال … من المهم جدّا أن نسجّل للعرب، هذه الفكرة الريادية في المحافل الثقافية الدولية، ولا سيما الشعرية منها).

(5) - عز الدين المناصرة - الشاعر الأهم بين الفلسطينيين
بقلم عادل سمارة الخميس ٢٣ أيار (مايو) ٢٠١٩

كلام موجز وحميم إلى العزيز عز الدين المناصرة تعقيبا على ما نشره الصديق عادل سالم في ديوان العرب

حديث ممتلىء وموثق، أعادني إلى سؤال طالما فكرت فيه وسمعته من كثيرين وهو: حبذا لو قيل هذا من العزيز الشاعر الأفضل عز الدين المناصرة ومن آخرين في المقاومة سواء فيما يخص هذا التنظيم أو ذاك، ومع ذلك فإن تأخير الحديث لا يقلل من أهميته.

أمّا وأن هذا الشاعر المميز ظل خارجا عن التدجين، فأهنئه بالسلامة لأن من وقف خارج التيار السائد والقابض، لم يكن في أمان، ولا أعتقد أنه في أمان حتى الآن، رغم انهيار البناء القمعي للمغفور لها م.ت.ف.

وبعيداً عن تقديري العالي لشاعرية عز الدين المناصرة منذ البدابات حيث كنت قرأت له «باجس أبو عظوان يزرع اشجار العنب» على ما اذكر عام 1975. كان ذلك عن مقاتل غواري في جبال الخليل، وحتى قصائده المغناة وآخر ما أتحف به مكتبة الرفض الشعري الفلسطينية، فإنني أرى المناصرة هو الشاعر الأهم بين الفلسطينيين فهو الأكثر التزاما وطنيا حيث حافظ على شرف الشعر بشرف الموقف. أما وقد كلفه ذلك تمييزاَ ضده، فذلك يؤكد أن ما كان ليس سوى حركة مقاومة وليست ثورة، ولا تزال حركة مقاومة فقط. لقد خدم المناصرة الوطن في الكثير كمقاتل وشاعر وثابت على الثوابت. أما في هذا اللقاء فقد أدهشني ما قاله:

لنتذكر أن هذا حدث في نفس عام اغتيال ناجي العلي. لعل هذا مثابة تأكيد بان ما وصل المرء إليه بالتحليل تأتي الوثائق لتدعمه. وأعتقد أن هذا أخطر من القبول بصفقة القرن.

ربما لا يعرف الشاعر عز الدين المناصرة بأنه وقد حورب، فإن الراحل أحمد حسين قد حورب أكثر، ولذا لم ينتبه مناصرة إلى أهم شعراء الأرض المحتلة وهو المفكر والفيلسوف ايضا.
أما عن 25 شاعر مرتزق، فحبذا لو نشر الأسماء حتى في حينه، لكان أسدى للشعر على الأقل خدمة جُلّى، ذلك لأن كشف هؤلاء مثابة تنظيف الحقل الشعري بما قد نسميه
بالمناسبة، فإن (إلتر تركمان) الذي كان المدير العام للأنروا في جنيف، هو أساساً جنرال متقاعد من حلف شمال الأطلسي، وقد عرفته حينما عملت مستشارا اقتصاديا للأنروا عام 1994 حيث قابلني هو وسكرتيرته الباكستانية نُزهة حسن، وأخبرته بأنني شيوعي وأرياه أطروحتى للدكتوراة وعنوانها
Industrialization in the West Bank: A Marxist Socio-Economic Analysis.

ومع ذلك اصر على اختياري للمنصب. ربما راهن بأنني سوف اسقط، وحيث لم يحصل فقد تم تذويب منصبي لأنني رفضت المشاركة في محادثات بروتوكول باريس الاقتصادي المفعم بالتطبيع.

وفيما يخص تسمية «شعر المقاومة في الأرض المحتلة» أذكر ان هذا كان عنوان كتاب للشهيد غسان كنفاني عام 1965. وبالصدفة استمعت إلى مراجعة له بالمذياع في اكتوبر 1965 من صوت العرب حيث كنت أقطف الزيتون.

بقي أن أذكر العزيز عز الدين بأن إيلان هليفي هو الذي أنقذني من الاغتيال جرَّاء موقفي ضد اغتبال الرفيق ناجي العلي في لندن. ولهذا حديث ذات يوم.

مع تحياتي ومحبتي

عادل سمارة

مشاركة منتدى

17 حزيران (يونيو), 04:31, بقلم عايد العلي - لبنان

دواوين عزالدين المناصرة (11ديوانا شعرية) صدرت في الخارج في عشر طبعات - لكن للأسف لم تصدر أعماله الشعرية (الديوان الكامل) في مسقط رأسه فلسطين حتى اليوم 2019:

يا عنب الخليل 1968
مذكرات البحر الميت
قاع العالم
قمر جرش كان حزينا
بالأخضر كفناه
جفرا أمي
كنعانياذا
مطر حامض
حيزية- عاشقة من رذاذ الواحات
لا أثق بطائر الوقواق
البنات البنات البنات – 2009
توقيعات عز الدين المناصرة

ويذكر أن ملايين العرب يحفظون بعض قصائده المغناه مثل: (جفرا أمي + بالأخضر كفناه) يغنيها منذ 1976 وحتى اليوم مارسيل خليفة

يا عنب الخليل+عتم الليل يغنيها منذ 1984 المطرب المقدسي مصطفى الكرد.

وكان الصيف موعدنا - يغنيها منذ أول الثمانينات المطربان البحرينيان الجميري - وخالد الشيخ.
جفرا أمي تغنيها التونسية امال المثلوثي منذ 2008

(6) - الدكتور محمد جمال صقر: التوقيعة الشعريَّة عند الشاعر المناصرة

الدكتور محمد جمال صقر(جامعة القاهرة) March 13, 2019
التوقيعة اسم مرة،التوقيع الذي هو إيقاع شيء على شيء من أشياء دون شيء، وهذا من عجائب العربية؛ فعلى رغم دلالة صيغة التفعيل على تكثير الفعل، تدل على المراوحة بين الفعل وعدم الفعل، فكأن التكثير قد شمل مع الفعل عدم الفعل؛ فإذا هما كلاهما كأنهما فعلان، لا فعل وعدم فعل! من ذلك توقيع المطر أي إصابته بعض الأرض دون بعض، ومنه توقيع الدَّبَر (الحفاء) أي إصابته بعض الجلد دون بعض؛ فأما هذا فمنه أُخذ توقيع الكتاب أي إجابته بعبارة بليغة نافذة، تضاف إليه من آخره بلون غير لونه، وأما ذاك فمنه أخذ تنسيق الأصوات الموسيقية، أي المراوحة بين إطلاقها وحبسها.

ولـعل الـدكـتـور أحـمـد بـسـام ساعي حين سمى الشعر الحر شعر التوقيع، بكتابه حركـة الشعر الــحـديـث فـي سـوريـة مـن خلال أعلامه”، الـمـنـشـور أول مرة عـام 1398 … 1978، بدار المأمون الدمشقية- إنما نظر إلى معنى تنسيق الأصوات الموسيقية، من حيث يستبيح الشاعر فيه لنفسه أن يستحدث ما شاء من الأوضاع الصوتية العَروضية وغير العَروضية. ولكن الدكتور عز الدين المناصرة الشاعر الفلسطيني الكبير، المتخرج عام 1968 في كلية دار العلوم من جامعة القاهرة، المشتغل بتوقيع الشعر منذ 1964 إلى 2013، إنما نظر إلى معنى إجابة الكتاب بالعبارة البليغة النافذة المضافة بلون غير لونه، ولعله الذي نبه الدكتور أحمد بسام ساعي نفسه، إلى تسمية الشعر الحر شعر التوقيع!

لقد ألقى الدكتور عز الدين المناصرة عام 1965 (الجمعية الأدبية المصرية) -وكان أحد أعضائها- نصًّا سماه “توقيعات”، بعشر توقيعات مُرَقَّمة غير مُعَنْوَنة- ثم عام 1968 نشره بكتابه الشعري “يا عنب الخليل”، فإذا فيه نص ثانٍ سماه “توقيعات مرئية”، بتوقيعتين اثنتين مرقمتين ومعنونتين. ثم عام 1969 ضمَّن كتابه الشعري “الخروج من البحر الميت”، نصا ثالثا سماه كذلك “توقيعات”، بعشرين توقيعة مرقمة غير معنونة -وكتابه النثري “مذكرات البحر الميت: قصائد نثرية رعوية”، نصا رابعا سماه “لا تغازلوا الأشجار حتى نعود: توقيعات”، بتسع عشرة توقيعة مرقمة ومعنونة. ثم عام 1974 ضمَّن كتابه الشعري “قمر جرش كان حزينا”، نصين خامسًا سماه “توقيعات مجروحة إلى السيدة ميجنا”، بأربع عشرة توقيعة مرقمة غير معنونة- وسادسًا سماه “توقيعات في حفل التدشين”، بخمس توقيعات مرقمة غير معنونة. ثم عام 2000 ضمَّن كتابه الشعري “لا أثق بطائر الوقواق”، نصا سابعا سماه كذلك “توقيعات”، بعشرين توقيعة مرقمة ومعنونة. ثم عام 2013 اختار من ذلك كله كتابه “توقيعات عز الدين المناصرة: إبيجرامات شعرية مختارة”.

لقد شمل بكل نص من تلك النصوص السبعة، تسعين نُصَيْصًا مُرَقَّمًا، أي منصوصًا على تميزه من داخل نصه، بل عَنْوَنَ من هذه التسعين واحدًا وأربعين، مبالغة في تمييز بعضها من بعض، ثم لما دعته فاتن أنور منصور إلى تسميتها غير ما سمَّاها، قال مما نشرته بعنوان “عز الدين المناصرة… رائد شعر التوقيعات (شعر هايكو عربي) 1964″، بصحيفة رأي اليوم اللندنية، في 26/12/2017:

– “البداية كانت مع بداية نشوء منظمة التحرير الفلسطينية في القدس 1964. عام 1964 كان انطلاق الشعر الحقيقي لي ولمحمود درويش، ولغيرنا من شعراء فلسطين. إنّ الذي أثر فعليا في كتابتي للتوقيعات، هي التوقيعات العباسية النثرية، وقصيدة البيت الواحد، والمقطعات الشعرية الجاهلية، والهايكو الياباني المترجم والإبيجرام، والسونيتات الإنجليزية… هذه كلها دفعتني لكتابة التوقيعات.

– هل التّوقيعة هي الهايكو العربي؟

– نعم؛ سمّيتها أولا هايكو، ثم عدت وأسميتها توقيعة، لأن فن الهايكو الياباني هو أحد مصادري الشعرية الهايكو فرع من فروع التوقيعة الشعرية.

– نحن نسميها هايكو أستاذ وهناك نادي الهايكو العربي!

– لماذا لا تسمّونه توقيعة، توقيعات؟ وهو فن نثري ظهر بالعصر العباسي يقوم على الاختصار والتكثيف. أنا لست ضد إدخال كلمة هايكو أبدا؛ إنما أخشى على اللغة من التبريد ومحو الهوية وتقليد غيرنا. أنا مع الشّعر العربي. ليس كل شعر موزون شعرا، وهنا أشير كمثال الى ألفية ابن مالك (اللاشعر).

– إذن التوقيعات كانت في سنة 1964؟

– نعم؛ وقد ألقيتُ تلك القصائد في القاهرة منذ عام 1964 حتى فبراير 1970. كنت عضوا في الجمعية الأدبية المصرية، والتي كان الدكتور عزالدين اسماعيل رئيسا لها. وبعيدا عن ذلك هي منشورة في مجلدي الأعمال الشّعرية في طبعاتها العشر”. ومؤخراً تذكر أحد النقاد العراقيين بأنني ألقيت (قصيدة توقيعات) عام 1971 في مهرجان المربد الشعري في البصرة، لفت اليه الانظار.

ثم تداول المشتغلون بظاهرة النص القصير قوله في تعريف التوقيعة -وقد أوردته فاتن أنور منصور في حوارها السابق نفسه-: “قصيدة قصيرة جدا، من نوع جنس الحافة، تتناسب مع الاقتصاد والسرعة، وتتميز بالإيجاز والتركيز وكثافة التوتُّر. عَصَبُها المفارقة الساخرة، والإيحاء، والانزياح، والترميز. ولها ختامٌ مفتوح قاطع أو حاسم، مدهش، أي إنَّ لها قفلة تشبه النَّقْفَة المتقنة، ملائمة للحالة. تحكُمُها الوحدة العضوية؛ فهي متمركزة حول ذاتها، مستقلة. أو تكون مجتزأة يمكن اقتطاعها من بناء القصيدة الطويلة. وهي في شفافيتها وسرعتها تشبه ومضة البرق، لكنها ليست مائعة الحدود كالومضة. وتستخدم التوقيعة أحيانًا أساليب السرد. وكلُّ توقيعة هي قصيدة قصيرة جدا، لكن ليست كلُّ قصيدة قصيرة توقيعة”.

لكأني بالدكتور عز الدين المناصرة الشاعر الناقد، يقول –وإن لم يقل-: ألست الذي استحدث لكم هذه التوقيعات؛ أولستم منذئذ تحطبون في حبلي وتنهجون نهجي صغارا وكبارا منكرين وعارفين؛ أفلست الأولى إذن بتعريف التوقيعة وتحديد حدودها؛ ألا قد فعلت؛ فاللهم اشهد!
للدكتور عز الدين المناصرة (تسعون توقيعة) في سبعة نصوص:

– أما نصه الأول “توقيعات” -وفيه عشر توقيعات- فقد كان من الشعر الحر، مُتدارَكيّ الوزن متعدّد القوافي، إلا توقيعته الأخيرة التي كانت من النثر، بخمس وخمسين كلمة، على ستة وثمانين سطرا.

– وأما نصه الثاني “توقيعات مرئية” –وفيه توقيعتان اثنتان- فقد كان من الشعر الحر، مُتدارَكيّ الوزن متعدّد القوافي، بثلاث وأربعين ومئة كلمة، على اثنين وثلاثين سطرا.

– وأما نصه الثالث “توقيعات” –وفيه عشرون توقيعة- فقد كان من الشعر الحر، متعدّد الأوزان والقوافي، بست وأربعين وأربعمئة كلمة، على ثمانية ومئة سطر.

– وأما نصه الرابع “لا تغازلوا الأشجار حتى نعود (توقيعات)” –وفيه تسع عشرة توقيعة- فقد كان من النثر، بأربع وثلاثمئة كلمة، على خمسة وتسعين ومئة سطر.

– وأما نصه الخامس “توقيعات مجروحة إلى السيدة ميجنا” –وفيه أربع عشرة توقيعة- فقد كان من الشعر الحر، متعدّد الأوزان والقوافي، بسبع وعشرين وأربعمئة كلمة، على اثنين وتسعين سطرا.

– وأما نصه السادس “توقيعات في حفل التدشين” –وفيه خمس توقيعات- فقد كان من الشعر الحر، متعدّد الأوزان والقوافي، باثنتين وأربعين ومئة كلمة، على واحد وثلاثين سطرا.
– وأما نصه السابع “توقيعات” –وفيه عشرون توقيعة- فقد كان من الشعر الحر، رمَليّ الوزن متعدّد القوافي، بأربع وسبعين وخمسمئة كلمة، على أربعة وثلاثين ومئة سطر.

تتخرج أوزان التوقيعات الشعرية –وهي إحدى وسبعون من التسعين، بنسبة 78.88%- بأبحر المتدارك والرمل اللذين انفرد أولهما بنصين اثنين وآخرهما بنص واحد، واشتركا هما والوافر والمتقارب والرجز في أربعة النصوص الباقية- كل ذلك بأربع وأربعين وثلاثة آلاف كلمة، متوسط ما في التوقيعة الواحدة منها 33.82، على ثمانية وسبعين وستمئة سطر، متوسط ما وزعت عليه التوقيعة الواحدة منها 7.53.

أقصر تلك التوقيعات كلهن هاتان التوقيعتان (الثانية والسادسة عشرة من نصه الثالث “توقيعات”):

– “أَنْتَ أَمِيرْ
أَنَا أَمِيرْ
فَمَنْ تُرَى يَقُودُ هَذَا الْفَيْلَقَ الْكَبِيرْ”.

– (2) “رَحَلَ الْأَحْبَابُ بَقِيتُ هُنَا وَحْدِي
صِرْتُ يَتِيمًا كَالنَّخْلَةِ فِي الصَّحْرَاءْ”.
وأطولهن هذه التوقيعة (الثامنة من نصه الرابع “لا تغازلوا الأشجار حتى نعود (توقيعات)”:

– (3) “لَا تُغَازِلِ الْأَشْجَارَ حَتَّى أَعُودَ
أَصْفَرَ أَصْفَرَ كَالْغَيْرَةِ وَالْفِرَاقِ
هَكَذَا كَانَ وَجْهُهُ الْإِجَّاصِيُّ وَقْتَ الْمَسَاءِ
أَشْقَرَ أَشْقَرَ أَشْقَرَ كَتُنْبَاكٍ عَجَمِيٍّ
كَزَبِيبِ الْخَلِيلِ
يَا مَجْنُونَةَ الْقَلْبِ وَالشَّرَايِينِ
لَا تُغَازِلْ سَمَاءَ الْجَلِيدِ
لَا تُغَازِلْ أَشْجَارًا مُثْمِرَةً مَسْمُومَةً
لَا تُغَازِلْ أَفْعَى الْمَاءِ الشَّقْرَاءَ
لَا تَجْدِلْ لَهَا ضَفِيرَةً مِنْ عَسَالِيجِ الْعِنَبِ
لَا بَأْسَ إِذَا غَازَلْتَ شَجَرَةَ الْحُمَّى
لَا بَأْسَ أَنْ تَشْرَبَ كَأْسَكَ حَتَّى النَّزْفِ
آخِرَ اللَّيْلِ سَتَقُولُ لِي
بَعْدَ الْمَطَرِ تَأْتِي الْعَصَافِيرُ يَا رَفِيقُ
مُبَلَّلَةَ الرِّيشِ لَيْسَ لَكَ سِوَى ارْتِعَاشِهَا
لَهُمُ الْبَحْرُ وَحِيتَانُ الْبَحْرِ
لَكَ زَبَدُ الْبَحْرِ الْأَبْيَضُ يَا هَذَا
لَهُمُ الثَّرَوَاتُ الْفِضِّيَّةُ
وَالْفِيلَّاتُ الْغَامِضَةُ السِّحْرِيَّةُ
لَكَ مُتْعَةُ الْخَدِيعَةِ وَالْفُرْجَةُ يَا هَذَا
لَكَ قَبْرٌ فِي الْمَنْفَى تَحْتَ الشَّجَرَةِ يَا هَذَا
حَقًّا إِنَّهُ زَمَنٌ أَسْوَدُ
يَا بِرْتُولْدْ بِرِشْتْ”.

وأوسطهن هذه التوقيعة (السادسة من نصه الخامس “توقيعات مجروحة إلى السيدة ميجنا”):

– “أَزْرَعُ نَخْلًا فِي السَّاحَاتْ
يَا مِيجَنَا وْيَا مِيجَنَا دُومِي
أَتَمَنَّى أَنْ تَلْدَغَنِي أَفْعَى الْمَرْجَانْ
تَرْقُدَ تَحْتَ الْعُشْبِ الْأَصْفَرِ
تُنْهِيَ أَشْجَانِي وَهُمُومِي
حَتَّى لَا أَسْمَعَ عَنْكِ أَسِيرَةَ سِجْنِ الرُّومِي
أَوْ خَادِمَةً فِي قَصْرٍ أَوْ خَانْ”.
(كلية دار العلوم،جامعة القاهرة)

محمود البنّا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى