السبت ٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
مرحبا بكم ... ولكن
بقلم إدريس ولد القابلة

تداعيات حرمان المهاجرين من المشاركة السياسية

أقر الكثيرون، بعد صدور قرار حرمان المغاربة المقيمين بالخارج من المساهمة في استحقاقات 2007، بأن المواطنين المقيمين بالخارج يعتبرون من طرف القائمين على الأمور بالمغرب مجرد بقرة حلوب تحلب منها سنويا العملة الصعبة دون الاعتراف لهم بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة. ويضيف أصحاب هذا الرأي أن هذا المسار سيدفع مغاربة الخارج إلى فك ارتباطهم بالبلاد. إن هذا المنحى أضحى واضحا الآن بجلاء في صفوف الجيل الثاني والثالث بفعل السياسيات الانتهازية والاستغلالية المعتمدة في حقهم منذ سنوات خلت إلى أن أصبحوا يشعرون بالغبن، فما هم مواطنين كاملي المواطنة في بلدهم الأصلي ولا في بلد إقامتهم.

وتتحمل الحكومات المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية مسؤولية هذا الوضع.

فمنذ الستينيات شجع المغرب هجرة المغاربة إلى الخارج، لا سيما في اتجاه أوروبا، ويكاد عددهم الآن يناهز 3 ملايين نسمة (بدون احتساب المهاجرين السريين).وفي السابق حاول المغرب حث مغاربة المهجر على العودة للبلاد، إلا أن السياسة المعتمدة في هذا الصدد أعلنت عن فشلها بامتياز بفعل الفساد، الشيء الذي كان سببا في جملة من الكوارث الاجتماعية دفعت الكثير من مغاربة الخارج إلى التراجع كليا عن الرجوع إلى أرض الوطن، ومع مرور الوقت واستفحال الأزمة البنيوية أضحى من المستحيل التفكير في مثل هذه السياسيات. لاسيما وانه تبين بجلاء بأنه من أجل التمكن من الشروع في تحقيق تنمية فعلية بالمغرب يتوجب رفع عشرات المرات المبلغ المخصص للاستثمار، على سبيل المثال إن 76 مليار المخصصة في القطاع العام كاستثمار برسم سنة 2006 لا يمكنه بأي حال من الأحوال تفعيل أي تنمية أو نمو مؤثر، وذلك بفعل الفوارق الاجتماعية الشاملة وبفعل احتداد آليات التهميش والإقصاء التي مازالت مكرسة إلى حد الآن. وحتى ولو تم تسجيل نسبة نمو 3.7 في المائة (وهذا مستبعد جدا) فلا يمكن تحقيق نمو فاعل في السيرورة التنموية اعتبارا لتراكمات المعضلات البنيوية. وبالرجوع إلى إشكالية مشاركة مغاربة الخارج من المظاهر المؤسفة حقا، ما يعيشه الآن مغاربة بلجيكا التي تحاول استيعابهم كمواطنين في وقت يحرمهم بلدهم الأصلي، المغرب، من حق المشاركة في استحقاقات 2007 خوفا من تفعيل ثقافة الحرية والديمقراطية والتي يمكنها أن تساند الإسلاميين في المرحلة الحالية. وهذا هو سبب حرمانهم من حق المشاركة حسب بعض جمعياتهم ببلجيكا. وتضيف، هذا ما يدفع القائمين على الأمور بالمغرب إلى التعامل الفولكلوري مع مغاربة الخارج عبر استقبالهم "بالبندير والتعريجة" ورفع الشعارات "التي لا يمكن نعتها إلا بالضحك على الذقون من قبيل مرحبا في بلدكم، "انتم في بلدكم"،" أينما كنا المغرب في وجداننا.. " وما إلى ذلك من الشعارات الجوفاء.

ومن انعكاسات قرار حرمان مغاربة الخارج من المشاركة في استحقاقات 2007 بروز الآن العديد من الأصوات الداعية بشدة إلى مقاطعة المجلس البلدي للمغاربة المهاجرين، بل هناك من دعا إلى الاحتجاج والتنديد أمام سفرات وقنصليات المغرب بالخارج، في حين تحرك آخرون للمطالبة بتدخل الملك محمد السادس في هذا الشأن الذي يعتبرونه خطير ولا يمكن السكوت عليه. ومن الجهات التي تتقدم جملة التصدي لقرار حرمان مغاربة الخارج من المشاركة في استحقاقات 2007، الكونغرس العالمي للمواطنين من أصل مغربي، وهي منطقة دولية غير حكومية أحدثت في بداية نوفمبر 2001 بطنجة. وذلك لتمكين المهاجرين المغاربة من هيأة تدافع عن مصالحهم وتعبر عن آرائهم بعد أن عانوا سنوات طويلة من التلاعب بأصواتهم ومواقفهم من طرف سماسرة سياسة المكر والمكر السياسي.

وتلعب الجالية المغربية بأوروبا دور الدينامو المحرك للكونغرس العالمي باعتبارها تمثل 85 في المائة من مجموع المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج. ورغم حداثة ميلاده تمكن الكونغرس العالمي للمواطنين من أصل مغربي أن يحرز صفة مستشار لدى العديد من المنظمات الدولية، لاسيما الأوروبية منها، كما فرض نفسه على كل الهيآت المغربية ذات العلاقة بقضية المهاجرين المغاربة.
وقد أخذ الكونغرس على عاتقه أن يكون لسان حال المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج والدفاع عن مصالحهم في مختلف المجالات : التنمية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، الحفاظ على الهوية الثقافية ة والدينية، المساواة أمام القانون ومساواة الفرص، المشاركة السياسية الفعلية، مناهضة التمييز، التصدي للتهميش...

في واقع الأمر يسعى الكونغرس العالمي للمواطنين المغاربة بالخارج إلى أن يتشكل كلوبي قوي يمتلك القوة الكافية للضغط والتأثير، سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد الدولي. علما أنه لا يسعى إلا حصر اهتماماته في دائرة واقع المغاربة بالخارج وإنما يسعى كذلك وبقوة إلى تمكينهم من المشاركة والمساهمة في صنع القرار بالمغرب لإخراجه من حالة الأزمة البنيوية التي ظل يحياها على امتداد عقود بفعل الاختيارات والسياسيات المعتمدة في مختلف القطاعات والمجالات، لا سيما وأن الكثير من العقول فرضت عليها الظروف هجرة المغرب اعتبارا لغياب الشروط التي من شأنها تفعيل المساهمة في بناء غد صالح للبلاد والعباد، واعتبار لعدم تمكن أبناء الوطن من إيجاد مكان تحت شمسه.

لكن من بين أولى مطالب الكونغرس العالمي للمواطنين من أصل مغربي تغيير نعتهم بـ " المغاربة المقيمين بالخارج"، وتعويضه بـ "مواطينين بالخارج" وهذا للفصل بين مرحلتين، مرحلة التهميش والاستغلال الممنهجين ومرحلة تفعيل المشاركة والمساهمة في صنع القرار، لكن مع الأسف الشديد، يبدو أن عقلية مرحلة التهميش والاستغلال لا زالت سائدة إلى حد الآن، وهذا باعتبار أن هناك إرادة فعلية لحرمان المواطنين من أصل مغربي من المشاركة والمساهمة في صناعة القرار. وهذا ما كرسه، بالتمام والكمال، بلاغ وزارة الخارجية والتعاون المؤرخ في 16 يونيو 2003 الرامي إلى حرمانهم من المشاركة في استحقاقات 2007. والحالة هذه أليس الشعار المرفوع هذه السنة "أينما كنا المغرب في وجداننا" هو تعبير جلي عن الضحك على الذقون، إذ كيف لمثل هذا الشعور أن يتعايش مع الحرمان من أحد شروط المواطنة الجوهرية، ألا وهو أحقية المساهمة في صنع القرار من أجل بناء مغرب الغد؟ هذا هو السؤال.

+ + +

تحويلات مغاربة الخارج

حول المواطنون المغاربة المقيمين بالخارج ما يناهز 18.474 مليار درهم (1.624 مليار أورو) خلال 5 الأشهر الأولى لسنة 2006، وبذلك تم تسجيل ارتفاع بنسبة تناهز 23 في المائة بمقارنة بتحويلات نفس الفترة الزمنية من السنة الفارطة (2005).

وحسب مصادر مغربية رسمية تم تسجيل ارتفاع مطرد على امتداد الخمس سنوات الأخيرة، وذلك بمعدل 38 في المائة تقريبا، ومثلت التحويلات البنكية ما يناهز 13 في المائة من مجموع التحويلات، في حين مثلت التحويلات البريدية، ما يفوق 43 في المائة. علما أن أكثر من مليون ونصف مواطن مغربي يقيمون بالخارج ويمثلون ما نسبته 10 في المائة من ساكنة المغرب. وتعد تحويلاتهم إلى المغرب المصدر الأول بعد مداخيل السياحة والفوسفاط. وتمثل تحولاتهم أكثر من 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام وأكثر من 25 في المائة من قيمة الواردات الإجمالية للمغرب.

+ + +

مغاربة بالخارج

أوروبا : 2.800.000

البلدان العربية: 290.000

أمريكا : 180.000

إفريقيا : 5.400

آسيا : 5.200

(هذه الأرقام لا تأخذ بعين الاعتبار المهاجرين السريين)

مغاربة أوروبا

فرنسا : 1.300.000

اسبانيا : 430.000

بلجيكا: 300.000

هولندا: 300.000

ألمانيا : 102.000

انجلترا : 36.000

سويسرا : 12.000

السويد: 10.000

روسيا : 9.000

دانمارك : 6.400

نرويج : 6.300

برتغال: 3.000

المجر: 1.200

فنلندة : 1.150

لوكسمبورغ: 670

قبرص واليونان: 630

رومانيا : 380

بولندة: 250

تشيك: 220

بلغاريا: 170

أيرلندة: 70

هنغاري: 40


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى