الأحد ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٤
سلسلة قصص من التراث الفلسطيني

اللي وقعت في البير

هناك هالزلام بقوا يبيعوا مثل ما تقول فحم وروحوا. وهم مروحين في الطريق واحد منهم قال: "الله يقطعكم، والله جعنا". قالوا: "ميّل اشحدلنا يا فلان". ميّل على هالبيت يشحد. لاقى هالمره قاعدة في هالدار (1).

قالها: "ياختي إن كان عندك رغيفين خبز تعطيني لهالجمالة. إحنا مسافرين من بلاد بعيدة، وجُعنا".

قالته: "طيب".

تناولت اللي الله قدرها عليه، رغيف، رغيفين، وأعطتهم لهالزلمة. والله وهو طالع من هالدار وقام في هالكلب عرق الشجرة وقام يفعّ فيه. نقز (2). الزلمة ورجع لورا، والا في هالبير - بير ناشف ما في ميّ - وقام هالزلمة يندب في هالبير.

قالت المره: "لا حول ولا".

قالها: "ياختي دلي الحبل وانشليني".

دبت الحبل عليه، ودارت تنشف فيه. لمن صار بده يصل باب البير ماقدرتش، غلب عليها، اندبت هي واياه.

قال الزلمة: "لا حول ولا. أقعدي ياختي، إنت أختي في كتاب الله".

قعدوا شويه. هي إخوتها سبعة، والحراث ثمانية، وكلهم سارحين يحرثوا. شوي والا هالحراث جاي.

: "هيه يا فلانة! هيه يا فلانه!"

ما ردتش. بعدين، والا هي بتنادي من المطمورة (3).

قالتله: "اطلعني!"

أطلعها وأطلع الزلمة.

قالتله: "صار هيك، هيك، هيك، واستر عليّ. والله هاظا زي أخوي. استر علي. لا تقول لإخوتي بذبحوني. وإلك لمن إخوتي يعطوك الكروة (4) أعطيك أخرى قدحين زيادة. بس تقولش عليّ!"

قالها: "طيب".

روح يا يوم، تع يا يوم، فلحوا وسوّوا هالحبّ، وأخذ كروته. أعطته زيادة.

قالتله مرته: "شو سويت النسة تنهن دار فلان السنة أعطوك زيادة؟"

قالها: "والله اللي بستر على واحد، غير الله يستر عليه".

قالتله: "أبداً! إلك رب، وإلي رب! إلا تقولي شو صار معاك!"

قالها: "والله بنت مدبوبة بالبير، هي وهالزلمة، وأطلعتها، وأعطتني زيادة".

وهذي صارت تقعد مع النسوان تقولها: "معك خبر؟ فلانة مطلعها جوزي من البير، هي وواحد".

هذيك تخرف لهذيك. زقطوا الخبر إخوتها.

قالوا: "بدنا نذبحها".

فهمت البنت. قامت في هالليل ومشيت تمنها نفدت على هالخيمة. إلا هالخيمة فيها هالشاب، هوتا وإمه. وقعدوها عندهم في هالشق (5) لحالها لبالها، وصارت إمه تخشش عليها الأكل. الشاب باقي عزب.

قالته إمه: "يا فلان، والله هالبنت إنها طايحة في عيني، وكويسة وإلي خاطر أتخرف معها".

قالها: "يما بلى. إذا بدك أتجوزها، إحكي معها".

قالتلها: "يا فلانة! شو رأيك؟ ابني ماليش غيره. شو رأيك؟ أجوزك اياه؟"

قالتلها: "بتجوزه".

اتجوزته. لما تجوزته، حبلت. جابت ولد سمته "مكتوب". ردت حبلت وولدت، جابت بنت، سمتها "كتبة". ردت حبلت وولدت، جابت ولد، سمته "مقدر" (6).
إخوتها بفروا يدوروا عليها. يوم نفدوا عليهن، قالولهم: "والله إحنا متمسيين وبدنا نذري (7) عندكم للصبح" (شوف المقدر كيف!)

فاتوا قعدوا. سوّالهم هالعشا اللي الله قدره عليه، واتعشوا".

صار الأبو يقول: "تع يا مكتوب، روحي يا كتبة" وعلى هالمعدل: "كتبة، ومكتوب، ومقدر!"

هم قاعدين، قالوا: "بدنا نخرف بعضنا خرافية يا جماعة".

قالوا: "الخرافية على راعي البيت".

قالهن: "طيب. بدي أخرفكو شو صار معي في زماني. يا جماعة إنتو من أي بلد؟"

قالوله: "والله زي ما تقول إحنا من جبل الخليل".

قالهن: "والله صارت معاي خرافية وأنا شاب في سن العشرين".

قالوله: "تفضل".

قال: "والله إنا رايحيين نبيع، جلابة (8) في بلادكو. والله ويوم جعنا،
قالوا: (ميّل يا فلان اشحدلنا أكم من رغيف). والله ميلت على هالبنت، الله يستر عليها. قتلها: "بالله ياختي تعطينا رغيفين خبز، إحنا جمالة ومسافرين". والله بنت هالحلال تناولت هالخبزات وأعطتني اياهن وقالت، (ياخوي إخطي قاع الشجرة في كلب مربوط بهب فيك، اصحى تدب في البير!) والله يا جماعة. إسعان (9) ما لحقت توفي الكلمة، والا الكلب بهب فيّ. ما هب في، إلا أنا ناقز ومندب في البير".

الحراث معاهم. قال: "بدي أطلع أتسير" (10).

قالولها إخوتها: "لا. أقعد. تطلعش إلا ما يخلص راعي البيت حدّاثيته!"

: "والله لمن اندبيت في البير، طلت هالبنت، قالت: (لا حول ولا! ما في حدا هون يطولك). إخوتها سبعة والحراث ثمانية، كلهم في الفلحة. قلتلها: (ياختي دبّي علي الحبل وانشليني). والله هالمستورة - الله يستر عليها - دلت هالحبل دارت تنشل بي. لما أوجهت عالباب، غلب ثقلي عليها، اندبت. صرنا الاثنين في البير".

الحراث قال: "بدي أطلع أتسير".

قالوله إخوتها: "أقعد".

: "والله، الحراث لمن أجا، نادى. لمن نادى قالتله: (هيوني). دلى عليها نشلها. قالتله: (ياخوي هيذ، هيذ، هيذ، هيذ صار)".

وهي صانتة وين؟ في هالشق، تسمع في خرافية جوزها.

قال الحراث: "بدي أطلع أشخ".

قالوله إخوتها: "أقعد تيخلص راعي البيت خرافيته".

قال: "والله يا جماعة، وأطلعنا هالزلمة، وأنا درت جاي.."

هو قال وهي من ورا الشق رجّت هالزغروتة وخشت عليهن وقالت: "والله إنت أخوي وإنت أخوي..."

قالوا: "إنت هون؟"

قالت: "أنا هيّوني هون، أنا سميت اولادي مكتوب وكتبة ومقدر".

وطار الطير، وتصبحوا على خير.


الراوية: امرأة في السبعينات من عمرها، من قرية جبعة في منطقة الخليل.

1) إنه سلوك اجتماعي مقبول أن يطلب الباعة المتجولون الطعام من أهل القرى البعيدة، لأن الناس يميزون بينهم وبين المتسولين. إن وضع المرأة في البيت وحيدة من دون حماية رجل، إنما ينبئ بتعقيدات مهمة في سياق أحداث الحكاية.

2) نقز: جفل.

3) المطمورة: البئر.

4) الكروة: الأجرة وعادة تكون عينية، أي من الحبوب.

5) الشق: خيمة البدو. وعادة، يكون الشق مفصولاً بستارة إلى قسمين، واحد للرجال وآخر للنساء. وفي حال عدم وجود غرباء ترفع الستارة.

6) يلاحظ هنا، أن نسبة الأولاد الى البنات من الذرية هي اثنان إلى واحد. أما أسماء الأطفال (مكتوب، كتبة، مقدر) فكلها مشتقة من معنى القدر أو النصيب أو المكتوب. وهي أسماء غير مستخدمة في الواقع.

7) نذري: نلجأ.

8) جلابة: بائع متجول.

9) إسعان: ما كادت.

10) أتسيّر: أبول.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى