السبت ١٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم بيانكا ماضية

حدود الصمت

في القلب صمت عميق يحدثني عن أسرار حلقت في زواياها المعاني ، يسائلني عن أحرف أكتبها بمداد إحساس لا أقوى على التعبير عن تموجاته ، تختلط فيه الأحزان بالمسرات ، فلا أجد تخوماً فاصلة بينها تجعلني أقيم طقوساً لكل منها .

أصغي إلى هذا الصمت الذي يثرثر في داخلي ويملأ مداي بالسكون ، فأحاول تمزيق أغلفته التي تكوَّرت بداخلي واستعصت على الخروج ، فما عدتُ آلف هذا النمط من الثرثرة التي لاتشي إلا بضجيج وفقاعات هواء .
لمَ أستكين لهذا الذي يكاد يفتت حروفي ويقتل في داخلي أحاديث النشوة المتراقصة على مشارف أفكاري ؟!
لماذا يمتقع وجه أسئلتي إذا ما أثرتها على السفر بعيداً ؟ لماذا يعجز فكري عن دحر هذا الفيروس الذي عشش في خلاياه ؟!

كنت أنتظر نمو الأعشاب الصغيرة التي نبتت على شاطئ أحلامي حين كنت أتنزه على ضفتي السعادة ، لألتهم سحر اخضرارها قبل أن تمتد إليها نظرة حاسد ، لكن مساحاتها الشاسعة التي كانت مبسوطة على مد بصري أغرقتها أمواج أفكار لم تقوَ على سقي هذه الأعشاب بماء التجدد والنماء .

لماذا أُتهم بالنسيان ، وأنا التي حفرت في ذاكرتي ظلالاً لانطباعات الجمال ؟!
لماذا يغرقني الآخر بالصمت ، وأنا التي أدرت مفتاح الكلام لألج عوالم تكشف المجاهيل والمعجزات ؟!
كنت مدركة كل تفاصيل الحكايات ، وكنت أنتظر بفارغ صبري خواتيمها التي رسمت لها تفاصيلها ، لكنني فوجئت بالأعاصير التي دمّرت لغتها ، وفجعت بأناسها الذين أطلوا من عالم غير الذي أحياه .
ليتني كنت أجهل حقائقها لأطل على مرتفع يكشف الصور المسحورة ، فأغيب في أعماقها المعطرة ، أتلذذ باسترسال عفويتها المبهجة .

إلامَ أبقى أسيرة شؤون لا تغلف انفعالاتي بدفء روعتها ؟ أحاول أن أتلمس خلوداً يعصف بي ويقلعني من جذوري ، لكنني لا أرى سوى تشبث بالظلال .

كل شيء ينذر بالعواصف ، وأنا لا أنتظر إلا مشاهد تمطر بالبهاء ، وفي أعماقي تغفو أحاديث مثيرة ، وفي خيالي ينام الكثير من الصور ، وفي اسوداد اللحظات لابد من أفرش جميع أدواتي كي ألوِّن المشهد الذي يحلو لي ؛ لأنطلق خارج حدود الصمت وأغيب في مدى تملؤه مواكب الكلام .
بيانكا ماضية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى