الاثنين ١٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٤
بقلم أشرف شهاب

مجدى صابر: أنا تلميذ فى مدرسة الدراما

مجدى صابر واحد من المؤلفين الذين يشار إليهم بالبنان فى عالم الدراما المصرية. وظهر تميزه فى مجموعة ضخمة من المسلسلات مثل "العائلة والناس"، و "للعدالة وجوه كثيرة". مراسل فلسطين فى القاهرة أشرف محمود التقى بالكاتب مجدى صابر. ودار بينهما الحوار التالى:

 فلسطين: متى بدأ مجدى صابر مشوار الكتابة؟

 مجدى صابر: بدأت الكتابة المنظمة وأنا فى سن مبكرة جدا. وأتذكر أن أول رواية كتبتها كانت وأنا فى سن الخامسة عشر. وكانت تلك الرواية من النوع البوليسى. وطبعا كان قراؤها الأوائل هم أصدقائى و أقاربى الذين لمست منهم التشجيع على المواصلة. ومن هنا تشجعت، وواصلت الكتابة. ولكننى واجهت بعض التحذيرات من أن الكتابة يمكن أن تصرفنى عن الاهتمام بدروسى. ومن هنا كان التحدى الذى واجهته. فقد كان لزاما على أن أثبت لمن هم حولى أن التأليف أو الموهبة لا تتعارض إطلاقا مع الواجب الأساسى. والحمد لله نجحت فى الجمع بين الاثنين. وعندما تخرجت من الجامعة كنت قد كتبت حوالى 26 رواية، منها البوليسى والاجتماعى، والرومانسى والكوميدى والخيال العلمى.

 فلسطين: ومنذ متى بدأت انطلاقتك فى العمل مع التليفزيون المصرى؟

 مجدى صابر: كان ذلك منذ حوالى ثمانى سنوات مضت عندما كتبت رواية "الماضى يعود" وقدمتها للتليفزيون مع المخرج الرائد رائد لبيب. وبعدها عملت مع مجدى أبو عميرة فى "حارة المحروسة". ولما حقق المسلسل النجاح الذى كنت أتوقعه عاودت الكرة مرة أخرى مع مجدى أبو عميرة فى "الرجل الآخر". ومع المخرج الكبير محمد فاضل فى "للعدالة وجوه كثيرة". وغيرهم كثيرون.

 فلسطين: لاحظت استخدامك لكلمة "النجاح الذى أتوقعه". وهو ما يعنى الثقة فى النفس إلى حد كبير.

 مجدى صابر: لا أخفى عليك سرا إذا قلت إننى معتد ومعتز بنفسى. ولكن هذا الاعتزاز له ما يبرره. فأنا أدرك حجم موهبتى. ولا يضيرنى على الإطلاق أن أتوقع أن أعمالى ستحقق نجاحا معينا. ودعنى أقولها لك بكل صراحة أن النجاح يعتبر إلى حد كبير معادلة صعبة. ولكن عندما يمتلك المؤلف أدواته ويتقن حرفته، ويتفهم مزاج الجمهور فإنه يستطيع أن يتوقع مدى قابلية الجمهور لعمله.

 فلسطين: ولكن نجاح أى عمل درامى تليفزيونى لا يتوقف فقط على المؤلف.

 مجدى صابر: نجاح أى عمل يتوقف على مجموعة عوامل. أنا لا أدعى أن المؤلف هو العنصر الوحيد. ولكننى أعتقد أنه عنصر أساسى فى نجاح العمل. وبالطبع لا يمكننى أن أنكر أو أتجاهل المخرج وفرق العمل من الممثلين حتى أصغر عامل ديكور. ولكن الذى أريد أن أقوله أن عناصر النجاح متى توافرت لعمل ما فإن من السهل على ذلك العمل أن يحقق النجاح المنشود والمتوقع.

 فلسطين: لاحظنا فى أعمالك، ومنها على سبيل المثال مشهد غرق السفينة فى مسلسل "العائلة والناس" أنها تقود للإيمان بأن القدر يتحكم فى مصائر البشر.

 مجدى صابر: الحقيقة أننى لم أكن أقصد هذا المعنى تماما. بعض النقاد فقط هم الذين فسروا المعنى على هذا النحو الذى تقوله. ولكن الحقيقة أن هذا المشهد كان رمزيا إلى حد كبير. وهذا المشهد بالذات أعتبره من المشاهد الناجحة التى تشرفت بكتابتها فهو يتنبأ بما يحدث فى المجتمع المصرى. فقد شبهت الاقتصاد المصرى بالسفينة التى تغرق. وقد قصدت أن احذر من خلال ذلك المشهد بأن السفينة ستغرق إن لم يتوقف فساد الكبار، ويتوقف مسلسل إنشاء شركات وهمية يحصلون بضمانها هم وعائلاتهم على قروض بنكية. أى أننى تنبأت بما يحدث فى مصر حاليا. وعموما فإننى لا أدعو للاتكال والركون إلى أن كل ما يحدث فهو مقدر. بل أريد أن أحذر الناس من الركون والاعتماد على القدر، وأن عليهم التصرف والعمل بأنفسهم لتحقيق العدالة لا انتظار أن تأتى هذه العدالة من السماء. فالحق يحتاج إلى القوة ويحتاج إلى من يبحث عنه، ويدافع عنه، ويسعى إليه. ومن يجلس فى انتظار أن تأتى الأقدار لتنقذه فستغرق سفينته.

 فلسطين: تحصل الأعمال التى تكتبها على نسبة توزيع عالية فى المنطقة العربية. فما هو تفسيرك لذلك؟

 مجدى صابر: كما ذكرت لك سابقا. نجاح العمل لا يتوقف فقط على المؤلف. ولكن لفريق العمل المتكامل بداية من المؤلف إلى الإخراج العالى المستوى، والتعامل مع النص بشكل جيد، ووجود نخبة متميزة من النجوم، إضافة إلى ضخامة الإنتاج والميزانيات المخصصة للإنفاق على العمل. كل هذه العناصر تؤدى إلى نجاح العمل وبالتالى توزيعه على مستوى واسع. وأعتقد أن هناك سببا آخر لارتفاع نسبة توزيع الدراما التى أكتبها، وهو أن كل مجتمع عربى يمكن أن يجد فى هذه الأعمال جزءا من مشاكله الخاصة ويشعر أن هذا العمل يعبر فى جانب منه عن مشاكل تلك المجتمعات وبالتالى يكون هناك إقبال على شراء هذه الأعمال.

 فلسطين: ما هى المساحة التى تعتقد أنها مناسبة أو متاحة للمؤلف فى اختيار فريق العمل. أى هل تتدخل مع المخرج لاختيار أبطال أعمالك؟

 مجدى صابر: أعتقد أن للمؤلف الحق فى اختيار فريق العمل جنبا إلى جنب مع المخرج. المؤلف هو الأب الشرعى للعمل. وباعتباره الكاتب فإنه يكون قد وضع فى تصوره تخيلا معينا للشخصيات والشكل الذى تظهر به. وهكذا فإننى أتعاون دائما مع المخرجين الذين أعمل معهم فى اختيار أبطال العمل. وفى العادة فإننى أتوصل لاتفاق مع المخرجين الذين أعمل معهم، وننجح سويا فى اختيار فريق العمل.

 فلسطين: وإذا لم تستطع التوصل إلى اتفاق مع المخرج حول اختيار عناصر تمثيلية معينة؟

 مجدى صابر: لا بد أن يحدث توافق بينى وبين المخرج خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأدوار الرئيسية. أما الخلاف بخصوص الأدوار الثانوية فإننى أترك القرار النهائى للمخرج.

 فلسطين: هل سبق وأن اختلفت مع أحد المخرجين بخصوص اختيار نجوم عمل ما؟

 مجدى صابر: نعم. مرة واحدة فقط مع المخرج الكبير محمد فاضل فى مسلسل "للعدالة وجوه كثيرة". وقد تركت له القرار النهائى لأنى شعرت من خلال مناقشاتنا أن اختياراته موفقة و قائمة على أساس حشد أفضل العناصر التى تضمن نجاح العمل الفنى.

 فلسطين: لماذا تقتصر كتاباتك على الدراما التليفزيونية؟ أين المسرح والسينما من مجدى صابر؟

 مجدى صابر: كتبت بالفعل عدة أعمال سينمائية. ولكنها لم تر النور حتى الآن. أما بخصوص المسرح فأنا لم أكتب أى عمل مسرحى حتى اللحظة. وفى الحقيقة فإننى لم أفكر فى الكتابة للمسرح بشكل جدى.

 فلسطين: أين يضع مجدى صابر نفسه بين كتاب الدراما؟

 مجدى صابر: كلهم أساتذتى، وكلهم تعلمت منهم. وأعتبر أننى مجرد تلميذ فى مدرسة الدراما.

 فلسطين: ومن هو ناظر المدرسة؟

 مجدى صابر: أسامة أنور عكاشة بلا منازع.

 فلسطين: ما هو العمل الذى تعكف على كتابته، وتريد أن تكشف عنه لقراء مجلتنا؟

 مجدى صابر: أعكف حاليا على كتابة مسلسل يناقش قضية الصراع العربى الإسرائيلى.
وأتمنى أن أكتبه بشكل جيد، وأن أتناول هذه القضية من منظور جديد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى