الاثنين ١٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٤
بقلم أشرف شهاب

وحيد حامد: المشاهد أذكى من السيناريست

قدم الكاتب وحيد حامد للسينما والتليفزيون مجموعة من الأعمال التى تعتبر علامات بارزة تركت تأثيرها فى وجدان الجمهور، منها المسلسلات التليفزيونية "أحلام الفتى الطائر"، ومسلسل "العائلة"، و"أوان الورد". أما للسينما فقد قدم "البرئ"، و"الغول"، و"كشف المستور"، و"طيور الظلام" و "معالى الوزير". ويمكن القول أن وحيد حامد واحد من أشهر الكتاب المتخصصين فى الكتابة عن القضايا الشائكة التى تهم الناس والمجتمع. مراسلنا فى القاهرة "أشرف محمود" التقى "وحيد حامد" وأجرى معه الحوار التالى:

 فلسطين: تتعرض الدراما المصرية فى الفترة الأخيرة إلى مجموعة انتقادات.. فكيف ترى حال الدراما المصرية وأنت أحد أبنائها؟

 وحيد حامد: لست مع الهجوم الذى يشنه البعض على الدراما المصرية. الدراما المصرية بشكل عام فى حالة جيدة، بل وهى تعيش مرحلة ازدهار بوجود مجموعة من الكتاب الممتازين. وإذا كانت بعض الأعمال لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فليس معنى ذلك أن نهيل التراب على الدراما المصرية عموما، أو أن نطلق عليها أحكاما جزافية. ولكن العيب الوحيد الذى أعتقد أنه يشوب الدراما بشكل عام هو الإطالة فى عدد حلقات المسلسلات. فهذا الاتجاه للمط والتطويل مضر للدراما، ويفسد الأعمال الجيدة. وفى تقديرى أن المسلسل الجيد لا يجب أن يتجاوز 15 أو 20 حلقة على الأكثر. وعموما فإن من يتجه للمط والتطويل يضر نفسه أكثر مما يضر غيره. فالكاتب التمكن يعرف متى يجب أن يتوقف. هذه خبرتى الشخصية فى مجال الكتابة، وأعتقد أن الكثير من الزملاء يمكن أن يوافقوننى عليها.

 فلسطين: ألا ترى أننا نحن المصريين عشنا فترة طويلة على وهم أننا نحن الكتاب ونحن الفنانون، وأنه لا دراما عربية إلا الدراما المصرية.. حتى أننا لم نلتفت إلى أن الدراما السورية بدأت فى التفوق علينا؟

 وحيد حامد: هذا الحكم غير صحيح من جهة أننى ككاتب مصرى لم أشعر بأننى تفوقت واعتمدت على الوهم بأننى طالما أننى مصرى فأنا متفوق. وفى نفس الوقت يجب أن أعترف معك بأن الدراما السورية تقدمت بالفعل، ونجحت فى أن تقف على قدميها، ولكن فى مجال المسلسلات التاريخية فقط. فهذه المسلسلات اعتمدت بشدة على التمويل الخليجى المكثف. ونجحت فى الاستفادة من المناطق الطبيعية، وفى التصوير الخارجى. طبعا مع نصوص جيدة، وممثلين جيدين. ولكن واقع الدراما المصرية مختلف تماما. فحتى الدراما التاريخية المصرية حبست نفسها داخل الاستوديوهات دون دعم كاف. ومع ذلك فنحن متفوقون فى باقى أفرع الدراما خاصة في المسلسل الاجتماعى والكوميدى.

 فلسطين: كيف يمكن للدراما أن تكون صادقة ومعبرة عن الناس؟

 وحيد حامد: إذا استطاعت الدراما أن تتفاعل مع الناس، ومع القضايا التى تمسهم فى حياتهم اليومية، ومع مشاكلهم، وعواطفهم، وأحاسيسهم، عندها تكون دراما صادقة، وعندها ستنجح فى اجتذاب الناس إليها. يجب أن يحدث هذا التلاحم بين الدراما، وبين المجتمع، والمواضيع المثارة فى المجتمع. أما الدراما التى تلجأ للفراغ، وتبتعد عن مشاعر الناس، ومشاكلهم فلا يمكن أن تنجح فى تحقيق معادلة الصدق مع النفس والصدق فى التعبير عن آلام وآمال الناس.

 فلسطين: بعد مسلسل "أوان الورد" اختفى وحيد حامد من على شاشة التليفزيون.. فأين ذهب؟

 وحيد حامد: لم أختف. أنا موجود أمامك كما ترى. القضية كلها تتلخص فى أننى لا أقدم أعمالا للتليفزيون إلا مرة واحدة كل 4 أو 5 سنوات. وحتى يمر على أوان الورد مثل هذه الفترة، فستجدنى ذاهبا للتليفزيون حاملا حقيبتى، وبها العمل المطلوب. وأنا حاليا وجدت الفكرة، وأعمل على تركيز أفكارى حولها حتى أبدأ الكتابة عنها فى الوقت المناسب، وعندما تتحول الفكرة من مجرد أفكار فى الخيال إلى حبر على الورق سأرحب على الفور برؤيتها خارجة للنور على شكل مسلسل.

 فلسطين: تحولت خلال الفترات الأخيرة إلى الكتابات الصحفية، بشكل نخشى معه أن تنسى الكتابة الدرامية..

 وحيد حامد: من الممكن بالطبع أن تأخذنى الكتابة الصحفية من الكتابة الدرامية. ولكننى والحمد لله منتبه تماما لهذه الملاحظة، ولذلك تجدنى أتعامل بحرص شديد، وبحذر مع الصحافة. ورغم أننى تلقيت عدة دعوات من عدة صحف للكتابة فيها إلا أننى حريص على ألا أكتب أكثر من مقال واحد فقط أسبوعيا.

 فلسطين: هل الكتابة الدرامية صعبة لدرجة أننا لا نجد إلا عددا قليلا من الكتاب الدراميين الموهوبين؟

 وحيد حامد: أعتقد أن المشكلة الأساسية التى تواجه كتاب الدراما، وتفقدهم المصداقية هى عدم إخلاصهم لقضيتهم.

 فلسطين: ما ذا تعنى بعدم إخلاصهم لقضيتهم؟

 وحيد حامد: أعنى أنهم يعتقدون أن الجمهور ساذج، وهم يحاولون الضحك عليه، وتقديم إنتاج رديء فى غلاف جيد. ناسين أن المشاهد أذكى من السيناريست مائة مرة. وأن الجمهور قادر على التفرقة بين الغث والثمين، بين الكاتب الحقيقى والكاتب المزيف.

 فلسطين: كيف استطعت أن تبدع فى كتابة السيناريو؟

 وحيد حامد: الحمد لله هذه موهبة، صقلتها بالدراسة. فكتابة السيناريو تعتبر من أصعب المهن، ولكنها فى نفس الوقت من أمتع المهن. وكتابة السيناريو ليست حرفة فقط، بل هى فن يحتاج إلى إلمام الإنسان بجوانب كثيرة فى الحياة اليومية وفى سلوكيات الناس، وفى عادات وتقاليد المجتمع، وتحتاج إلى ذكاء شديد فى التعامل مع النص، وإلى خبرة فى النفس البشرية، وثقافة واسعة فى التعامل مع مفردات الواقع.

 فلسطين: كيف تختار موضوعاتك؟

 وحيد حامد: من أحداث الحياة اليومية. أنا ألتقط موضوعاتى مما أشاهده و تشاهده أنت، ويشاهده كل الناس كل يوم. ولكن الفارق بينى وبينهم أننى أستطيع أن ألتقط هذا المشهد وأن أقوم بتوظيفه وتكثيفه، بحيث يتحول فى النهاية إلى مشهد درامى، عندما يشاهده الناس يستغربون أنهم لم يلاحظوا ذلك الشيء. ويتعجبون من قدرة هذا الكاتب على التقاط تلك التفاصيل، ونسجها فى نسيج واحد.

 فلسطين: هلى تدلى برأيك فى اختيار أبطال العمل أن تترك هذه العملية للمخرج؟

 وحيد حامد: اختيار أبطال العمل واحد من الحقوق الأساسية للمخرج. ورأى مؤلف الفيلم يعتبر استشاريا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى