الأربعاء ٢١ آذار (مارس) ٢٠٠٧
مثقفون مصريون يعلنون تضامنهم مع الحملة الوطنية السورية
بقلم بيانكا ماضية

لاسترداد جمجمة ورفات سليمان الحلبي

استكملت الحملة الوطنية الشعبية لاسترداد جمجمة ورفات البطل سليمان الحلبي من فرنسا تواقيعها التي دونتها شرائح مختلفة من المجتمع السوري على لائحة العريضة الموجهة إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن طريق السفير الفرنسي بدمشق ،بجملة من تواقيع المثقفين المصريين الذين عبروا عن تضامنهم مع هذه الحملة لإعادة الاعتبار لهذا البطل الذي كتب تحت جمجمته (جمجمة مجرم) وهي معروضة في أحد المتاحف بباريس .‏

وفي الآونة الأخيرة نشرتُ مقالاً عن هذا البطل الحلبي في موقع ديوان العرب الإلكتروني , أشرتُ فيه إلى الآراء التي تناقضت حول قضية هذا البطل , وإلى دعوة الصحفي والمؤرخ هاني الخيّر للقيام بحملة شعبية لجمع تواقيع مثقفين ومفكرين وصحفيين سوريين تطالب برفع الظلم التاريخي عنه , وإلى أوان إحياء ذكراه في حلب (مسقط رأسه) بعد تلبية فرنسا لمطلبنا هذا ... وكانت الرسائل التي أتتني من قبل مثقفين مصريين , تشد على أيدي منظمي الحملة وتبارك لهم جهودهم في ذلك , وقد أعلن أصحابها وقوفهم الوطني والقومي تجاه هذه القضية التي بقيت آثارها شاهدة على الظلم الذي لحق بالحلبي ...‏

ومن بين تلك الرسائل رسالة أرسلها الكاتب والمترجم محمد غريب جودة من الإسكندرية , يؤكد فيها وقوف المثقفين القوميين في مصر إلى جانب أخوتهم السوريين في هذه الحملة , معتذراً بالنيابة عن الذين أساؤوا إلى البطل سليمان الحلبي حين نفوا صفة الشهادة والبطولة عنه , وقد ذكر الكاتب جودة في رسالته قائلاً :‏

( نحن في مصر- المثقفين القوميين - نتفاعل بشدة مع هذه القضية وننظر دائماً بعين الإجلال والإكبار لكل أبطال وشهداء الأمة و منهم السوريان سليمان الحلبي وجول جمال اللذان استشهدا دفاعاً عن الأمة وبصفة خاصة دفاعاً عن مصر وشعبها , ومن ثم فلدينا الرغبة للمساهمة في أي موقف وطني موحد يمكن أن يسفر عن عودة رفات البطل الشهيد إلى تراب الوطن السوري العزيز ليدفن بكل مظاهر التكريم اللائقة ببطل عظيم مثله , وفي احتفال قومي شامل يؤدي أثره في تعميق مفاهيم الوطنية وحب الوطن والأمة في نفوس الأجيال الشابة‏ ) .

أما الدكتور كمال يونس الكاتب والناقد المسرحي المصري , وطبيب الأطفال , فقد كان له دور مهم في إبراز ملامح حملتنا السورية وخاصة في القناة الثقافية المصرية التي عرضت في الأمس بمشاركته برنامجاً خاصاً عن هذه الحملة وعن الدعوة لاسترداد الجمجمة والرفات من باريس , وقد كتب إلينا مشاعره تجاه الحملة قائلاً :‏

( وبخصوص سليمان الحلبي ففي مصر له وفي قلوبنا معاني الإجلال والإكبار , يعرفه الصغار والكبار بطلاً ورمزاً خالداً من رموز القومية العربية والإسلامية , وفي سيرته عبق العزة والمجد العربي , ولم لا وقد سطر اسمه بحروف من نور في صفحات المجد العربي , وأنا أؤيد جهودكم الكريمة لاستعادة جمجمته ورفاته , فهي أبسط واجباتنا القومية نحو هذا البطل المجيد طيب الله ثراه وذكراه , فلتتوحد الجهود من أجل استرداد رفاته ... ) .‏

كما كتب عبد الجواد خفاجي الروائي والشاعر والناقد الأدبي المصري رسالة يقول فيها :‏
( لقد اطلعت على المقال المنشور تحت العنوان " حملة شعبية سورية تطالب باسترداد جمجمة ورفات الشهيد البطل " سليمان الحلبي من باريس, وقرأته بشغف واهتمام كبيرين .. متوقفاً بداية عند نبل الغاية , وعند هذا الشعور الوطني والإنساني , وتلك الغيرة والحمية , التي دفعت هذه المجموعة المثقفة لأن تبدأ تحركها نحو غايتها النبيلة .. تلك هي إذن المقدمات التي يجب أن نحمدها ونجلها ونتوجه إليها بعظيم الامتنان لكونها هكذا تفكر , أو لكونها هكذا تعمل . أما وسليمان الحلبي الذي نعرفه كما نعرف أسماء أبطالنا التاريخيين , ونجله مثلما نجلهم , فهو واحد من عظماء هذه الأمة المجيدة ,عجل بنهاية الحملة الفرنسية على مصر , إن لم نقل وضع حداً لحملة مستعمرة غاشمة على مصر عندما قتل " كليبر " القائد الفرنسي للحملة بعد " نابليون بونابرت " . وقد وعينا صغاراً ونحن نتلقى دروس العلم الأولية في مدارسنا , وسمعنا من معلمي التاريخ , كما قرأنا في كتبه أن " كليبر " قائد الحملة الفرنسية بعد نابليون قتل على يدي سليمان الحلبي الذي كان وقتها طالباً يتلقى العلم في الأزهر الشريف , من دون أن يزيد أحد حرفاً على هذا, وكان الأمر ملغزاً لنا لفترات طويلة من أعمارنا , بالفعل كان التساؤل يدور في عقولنا ونحن الصبية : " لماذا قتل سليمان الحلبي كليبر " .. كان السؤال يبدو ملغزاً , إلى أن كبرنا وعرفنا أن السؤال ¯ أمام تضارب الآراء ¯ بحاجة إلى وقفة تاريخية , وقد تبدت أمامنا آراء مختلفة , ولقد تفضلت بسرد بعضها في ثنايا مقالك ..... سليمان الحلبي ارتبط ذكره بذكر الحملة الفرنسية , كما ارتبط أكثر بالبطولات الفردية النادرة في تاريخ هذه الأمة .. ولسنا بحاجة الآن للتأكيد على صدق مشاعر هذا الرجل الإيمانية التي دفعته إلى القيام بمثل هذا العمل البطولي للقضاء على ظلم الذين دنسوا الأزهر بخيولهم , واضطهدوا علماءه , وساموهم التنكيل والإذلال ..... إنه بطل تاريخي كانت تحركه غيرته على بلاد العروبة والإسلام من دنس المستعمر المتعصب ضد الإسلام والعروبة , فلا أقل من أن نعيد الاعتبار إلى هذا البطل التاريخي .. بالعمل على إعادة جمجمته مع جثمانه إلى سورية لدفنها في مسقط رأسه ..... إن تكريم سليمان الحلبي يجب أن يبدأ برد الاعتبار إليه , بأن نذيل عن دوافعه أي لبس يشوه حقيقتها الوطنية والإيمانية التي دفعته لقتل كليبر قائد المستعمرين الفرنسيين , وأن يشار إلى ذلك بوضوح في كتب التاريخ , وأن يهتم بسيرته الباحثون والدارسون , وأن يخصص يوم قومي لإحياء ذكراه في مصر وسورية على الأقل , وأن يعطى الصدارة في أحاديثنا لأجيالنا القادمة عندما نعدد البطولات التي كافحت وضحت من أجل الدفاع عن العروبة والإسلام .. تماماً مثلما نتحدث عن صلاح الدين الذي قضى على الصليبيين , وعن قطز والظاهر بيبرس في وقفهما لزحف التتار على مصر , فهو أيضاً قد وضع بمجهود فردي ما كانت تطمح إليه أمة بكاملها , عندما عجل برحيل الحملة الفرنسية عن مصر ... الأمر قد لا يكون مبالغا فيه لو قلنا إنه لوحده كان أمة بكاملها ) .‏

أما الروائي الشاب محمد العشري فقد كتب معبراً عن هذه الحملة بقوله:‏
(حين كنّا نطالع التاريخ, في مراحل دراستنا المبكرة، كان يلفت انتباهنا، ونتوقف كثيراً أمام الحملة الفرنسية على مصر، لأننا كنّا نعيش في إحدى القرى التابعة لمدينة المنزلة في شمال مصر، وتصدي الزعيم حسن طوبار مع فئات مختلفة من الأهل «الفلاحين والصيادين والعمال» وقد كان لمدينة المنصورة دور بارز في التصدي للجنود الفرنسيين, لنجد أنفسنا وقد ارتبطنا بشكل مباشر بتلك الحملة, وأصبحت تلك الفترة الزمنية، عميقة في وجداننا، خاصة النماذج البطولية للأفراد, الذين كان لهم حضور قوي في السير الشعبية في الحكايات, التي تناثرت وعاشت في ذاكرة الناس, ومنهم سليمان الحلبي, والذي كنّا نظنه مصرياً، لتكبر دهشتنا حين نعرف أنه من سورية, لتتعاظم محبتنا له أكثر، لأنه قدم روحه، وجسده المعذب فداءً لنا نحن المصريين جميعاً. رغم أن التاريخ لم ينصفه كثيراً، بتقديمه بشكل لائق للأجيال التالية، ليصبح نموذجاً للفدائي, المدافع عن وطنه ضد المستعمر المغتصب. وصوره البعض على أنه مجرم مارق، يستحق ما ناله من تعذيب .

أضم صوتي للمطالبين بالإفراج عن جسده، وعظام رأسه التائهة في بلاد بعيدة، وهو الذي دفعهما محبة والتصاقاً بطين مصر, وتربتها...إن عودة سليمان الحلبي، ودفنه بشكل إنساني لائق, تحتاج إلى أرواح تسعى لرد الاعتبار إلى الإنسان العربي, في ظل ما نلاقيه من هوان ) .

كما كتب الكاتب المصري شوقي عبد الحميد يحيى مانصه :‏
(في زمن عزت فيه البطولات والتضحيات , وخارت فيه العزائم , واستنامت الهمم, يرجع الإنسان إلى الوراء، يبحث عن التاريخ، ينتقي منه ما يمكن أن يحرك السكون في القلوب الميتة والمشاعر المتحجرة، وما دام الباعث وطنياً، فلابد من أن يجد، فجميل أن يُسعى لإحضار رمز من رموز الوطنية - الغائبة اليوم - فربما شاهدها شاب أو طفل فترسخ في أعماقه البحث، وتدافعت في عروقه المشاعر، فيكون شعلة تنير وتدفع وتحرك . وإذا كان سليمان الحلبي ابناً لسورية، فإن دوره في مصر كان أكبر , لذا فليت الأمر لا يقتصر على جمع التوقيعات من سورية فقط، وإنما يجب أن تتبعها مصر، بل هي أولى به بعد أن تحول إلى مجرد صفحة في كتاب التاريخ للأولاد , فليت الدعوة تأخذ طريقها إلى مصر).‏

وقد كتب الدكتور

السيد مصطفى أحمد أبو الخير

الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية مايلي :

( لا أنكر عند قراءتي لمقالك عن الشهيد سليمان الحلبي أنه أثار في نفسي وعقلي وقلبي مشاعر مختلطة من الفخر والحزن ; الفخر لأن هذا البطل من أمتي العربية , والحزن لما وصل إليه حاله , ولكن سرعان ماعدت إلى نفسي وقلت إنه لم يفعل ذلك من أجل التكريم في الحياة الدنيا , وإلا لما كان قد ضحى بنفسه , لقد فعل ذلك بدافع قومي وطني , إذ كان طالباً في الأزهر الشريف , والدافع عنده كان وطنياً يدافع فيه عن أمته العربية والإسلامية , وأنا شاكر لكم هذا الاهتمام بهذا البطل الشهيد الذي أبدله الله خيراً " فالشهداء عند ربهم يرزقون " وأنا معكم في هذه الحملة لاسترداد جثمان هذا الشهيد خاصة وأنه فعل ذلك دفاعاً عن أمته ووطنه , وهو حق مكفول في القانون الدولي التقليدي والمعاصر , كما أن حق الدفاع الشرعي مكفول في كل الشرائع والنظم القانونية الموجودة في العالم )..

كلمة أخيرة

ونحن أعضاء اللجنة الوطنية الشعبية ننتظر الاحتفال الكبير , إن تكللت جهودنا بتسليم الجمجمة والرفات من قبل فرنسا , إذ لم يبق على تسليم العريضة إلى السفير الفرنسي بدمشق إلا الزمن القليل . وهذا ماصرح به منظم الحملة الصحفي الأستاذ هاني الخيّر , مؤكداً أن انتهاء الحملة سيتوج بإصدار كتاب ( كاتبة هذا المقال ) عن البطل سليمان الحلبي , والذي هو قيد الطبع حالياً ...‏
وسوف يكون لتسليم العريضة وقعه الإعلامي العربي , إذ سيصار إلى بثه عبر قنوات فضائية محلية وعربية في الوقت نفسه , حتى تبتهج القلوب والنفوس بعودة الابن الشهيد إلى دياره التي خرج منها دفاعاً عن الوطن .‏

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى