الخميس ٢٨ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم ميسون جمال مصطفى

نصف فاء... حاء

ومضى يرقب الحدث... قلبه صلباً حجراً، يشاهد دماء واشلاء... لم يكن بمقدوره فعل أي شيء، بكى فاهتز الشجر... شاحب الوجه مع رعشة توقظ القلب الثمل... وعيون تلف المكان بجمود... أسدل يديه كي يشعر بحياة، تحول في لحظة من بطل يحارب العدو إلى صريع يقتله الوطن.
انحنى نحو الأرض ميمماً وجه شطر الحب، بلّ دمعه التراب، أحس بقلبه ينشطر نصف فاء... نصف حاء.
رمى بندقيته، اقترب منها... كانت تبكي وتبكي معها السماء... ذابلة، غائرة العينين مرتجفة... لم يستطع أن يضمها، وهو الذي يحلم الف مرة أن يضمها، اشاحت ببصرها عنه هاربة... لحق بها لكنها كانت أسرع من نبضه.

خائف أن يواجهها، فترمي به من حياتها... حاول أكثر من مرة... لكن شيئاً كان يمنعه... يحبها كثيراً، ولكنها تهرب منه، ويهرب إليها...
مدّ ذراعيه، أحس بهما يبترا، نصف فاء... حاء، حاول شبكهما... لكن طعنة في ظهره أدمته، تمالك نفسه محاولاً الوقوف، ابتعدت قدماه نصف فاء... نصف حاء، سال القاني مبللاً جسدها النحيل، راسماً وريدات صامتة... فغنت له:

يما ما ويل الهوى.. يما ما ويليا ...
ضرب الخناجر ولا قتل الابن لي

حاول الوقوف مجدداً فهوى أرضاً...

ينظر إليها مستمداً من عينيها القوة، لكنها ترتجف... يمد يده مودعاً... لكنه ما درى أن غزة تحتضر... نصف حاء.... نصف فاء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى