الأربعاء ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦

الاستشراق لـ ادوارد سعيد فـي ترجمة مصرية

القاهرة - رويترز- بعد نحو 30 عاما من صدوره لايزال كتاب /الاستشراق/ للمفكر الفلسطيني البارز ادوارد سعيد مثيرا للتأمل بقدرته على استشراف قضايا متجددة حول ثنائية الشرق-الغرب منذ قال ان الشرق عدو مفترض أو أسطورة خلقها خيال الغرب.

وفي الذكرى الثالثة لرحيل سعيد الذي ولد في القدس صدرت ترجمة مصرية لكتاب /الاستشراق/ لاستاذ الادب الانجليزي بجامعة القاهرة محمد عناني الذي وضع للكتاب عنوانا فرعيا هو /المفاهيم الغربية للشرق/ خلافا للعنوان الفرعي للكتاب منذ ترجمه السوري كمال أبو ديب قبل 25 عاما وهو /المعرفة. السلطة. الانشاء/.

وصدرت الطبعة الجديدة عن دار رؤية بالقاهرة وتقع في 560 صفحة كبيرة القطع وهي مزيدة عن الترجمة السورية بفصل ختامي عنوانه /تذييل طبعة 1995/ أشار فيه سعيد الى أن /الاستشراق/ هو الكتاب الوحيد الذي كتبه دفعة واحدة واكتمل عام 1977 كما سجل الاهتمام بالكتاب بعد صدوره في الولايات المتحدة وبريطانيا وكان بعضه كما هو متوقع بالغ العداء وبعضه لا يدل على الفهم ولكن معظمه كان ايجابيا بل ويبدي الحماس للكتاب الذي توالت ترجماته وأثار خلافات ومناقشات بعضها بلغات لا يعرفها مؤلفه.

ويرى سعيد /1935 - 2003/ أن الشرق شبه اختراع أوروبي وأن الاستشراق ليس مجرد خيال أوروبي متوهم عن الشرق بل انه كيان له وجوده النظري والعملي وقد أنشأه من أنشأه واستثمرت فيه استثمارات مادية كبيرة على مر أجيال عديدة وقد أدى استمرار الاستثمار الى أن أصبح الاستشراق باعتباره مذهبا معرفيا عن الشرق شبكة مقبولة تسمح منافذها بتسريب صورة الشرق الى وعي الغربيين... الامبريالية السياسية تحكم مجالا كاملا من الدراسات والابداع والمؤسسات البحثية .

ويرصد بعض نجوم الفكر والادب الاوروبيين الذين كانت لهم اراؤهم المحددة بشأن الامتياز العنصري والامبريالية ومن اليسير ادراك تأثيرهما في كتاباتهم ومنهم المؤرخ توماس كارلايل /1795 - 1881/ والفيلسوف جون ستيورات مل /1806 - 1873/ والشاعر ماثيو أرنولد /1822 - 1888/ والروائيون جوستاف فلوبير /1821 - 1880/ وتشارلز ديكنز /1812 - 1870/ وجورج اليوت /1819 - 1880/.

ويتساءل كيف شارك فقه اللغة ووضع المعاجم والتاريخ والبيولوجيا والنظرية السياسية والاقتصادية وكتابة الروايات والشعر الغنائي في خدمة رؤية الاستشراق للعالم وهي الرؤية التي تعتبر امبريالية بصفة عامة...

ويضيف أن الثقافة الاوروبية تمكنت من ابتداع الشرق عبر مفاهيم الاستشراق الذي اعتمد على التمييز الوجودي والمعرفي بين الشرق والغرب حيث زادت الثقافة الاوروبية من قوتها ودعمت هويتها من خلال وضعها لذاتها مقابل الشرق باعتباره ذاتا بديلة...الاستشراق برمته يقع خارج الشرق وبعيدا عنه .

ويرى سعيد أن تاريخ الاستشراق أدى الى التعصب الشائع في الغرب ضد العرب والاسلام مضيفا أنه مما يزيد الامر سوءا عدم اقدام أي شخص له اهتمامات أكاديمية بالشرق الادنى أي عدم اقدام أي مستشرق قط في الولايات المتحدة على التعاطف الكامل والصادق ثقافيا وسياسيا مع العرب. ولا شك أن بعض حالات التعاطف قد وجدت على مستوى من المستويات لكن أيا منها لم يتخذ في يوم من الايام الصورة المقبولة التي يتخذها التعاطف الامريكي الليبرالي مع الصهيونية.

العداء للسامية يشبه الاستشراق أو قل ان الاستشراق هو الفرع الاسلامي للعداء للسامية .

ويقول سعيد في الفصل الجديد من الطبعة المصرية ان هناك تفسيرات خاطئة للكتاب رأت أنه يدافع عن الاسلام والعرب ويعادي الغرب بصورة مستترة في حين كان يهدف الى تخطي الهوة بين الشرق والغرب من خلال اثارة قضية التعددية الثقافية في كتاب يحفل بظلال المعاني ومن يراه مجرد رد على الغرب يسيء اليه بهذا الوصف المبسط.
وفي كتاب /الاستشراق/ يلفت سعيد الانتباه الى أن كتابه /مسألة فلسطين/ الذي صدر عام 1980 ترجم الى العبرية وصدر عن دار نشر اسرائيلية في أوائل الثمانينيات لكنه لم يترجم الى العربية مضيفا أن ناشرا عربيا أبدى اهتماما بالكتاب لكنه طلب منه أن يحذف أجزاء تتضمن نقدا صريحا لاحد الانظمة العربية ومن بينها منظمة التحرير الفلسطينية غير أنني كنت دائما أرفض هذا الطلب .

وكان سعيد قد استجاب لدعوة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وانضم سعيد الى عضوية المجلس الوطني الفلسطيني في نهاية الثمانينيات دون انتماء لاي من الفصائل الفلسطينية الا أنه عارض اتفاق أوسلو بين عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين. وأصدر عام 1994 كتاب /غزة-أريحا.. سلام أمريكي/ وفي العام التالي أصدر كتاب /أوسلو ..2 سلام بلا أرض/.

وقال عناني مترجم الطبعة المصرية انه يؤمن بأن المترجم مفسر يحول الفكرة الى لغة العصر وان من حق القاريء العربي أن يطلع على اخر صور كتاب /الاستشراق/ لسعيد الذي اعتبره عبقريا يختلف في فهم نصوصه المترجمون حيث ان له أسلوبا خاصا أصبح علما عليه ولا يكاد يشاركه أحد فيه خصوصا أنه باحث أدبي في المقام الاول مشيرا الى شكوى قراء العربية والانجليزية من صعوبة نصوص سعيد ومنها هذا النص العسير. ما دفعني اليه الا احساسي بحق القارىء العربي وحق ادوارد سعيد في أن يقرأ كتابه بيسر وسهولة .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى