السبت ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم أشرف شهاب

السينارست وحيد حامد: السينما المصرية تمر بأسوأ مراحلها

تاريخ الكاتب الكبير وحيد حامد معروف لجميع عشاق السينما والتليفزيون على امتداد الوطن العربى. فهو كاتب متميز صاحب رؤية عرفناها فى مجموعة من الأعمال المختلفة من بينها فيلم "الإرهابى"، ومسلسل "أحلام الفتى الطائر"، و مسلسل "أوان الورد". وحيد حامد يمر وقت كتابة هذه السطور بأزمة صحية نتمنى أن يستعيد عافيته منها ليعود لعشاق فنه. مراسلنا فى القاهرة أشرف محمود التقى وحيد حامد وأجرى معه الحوار التالى:

 فلسطين: الكاتب الكبير وحيد حامد كاتب مثير للجدل.. والبعض وصفك بأنك كاتب الحكومة، فكيف ترد على هؤلاء؟

 وحيد حامد: هذا الاتهام قديم ومكرر، وقد سبق أن رددت عليه فى أكثر من مناسبة، وقلت إن أفلامى ومقالاتى فى الصحف ترد ببساطة على هذه الاتهامات غير الصحيحة.

 فلسطين: لكن فى بعض أفلامك وبالتحديد فى فيلم "اللعب مع الكبار" ظهر رجل الأمن بشخصية الرجل الشريف الذى يتجاوب مع هموم الناس. وكأنك تسعى من خلال هذه الصورة إلى تثبيت صورة مغايرة عن الواقع ومطابقة للصورة التى تتنبناها الحكومة.

 وحيد حامد: لا أدرى ما هو العيب فى أن يظهر رجل الأمن أو أحد ضباط مباحث أمن الدولة بصورة رجل شريف. هل كل ضباط مباحث أمن الدولة أناس غير شرفاء؟ البعض يفترض أن تكون كل المعالجات السينمائية نمطية يظهر فيها جميع رجال الأمن بنفس الصورة، ولو استجابت الدراما لهذا لأصبحت كل الشخصيات نمطية فى حين أن الواقع ثرى ومتنوع وفيه الناس الشرفاء وغير الشرفاء.

 فلسطين: البعض وصف هذه المحاولة بأنها تجميلية؟

 وحيد حامد: بالعكس. ما مصلحتى فى أن أكتب أشياء لا أقتنع بها؟ هل لمجرد إرضاء أحد الأجهزة الحكومية؟ لا طبعا.. لأننى لو كتبت أشياء ضد قناعاتى فلن تنجح لأن الناس ستشعر وقتها أننى "أفبرك" وسأفقد احترامى لنفسى وعند الناس. ليس من مصلحة أى كاتب أن يفعل ذلك إلا إذا كان ينوى الانتحار فنيا.

 فلسطين: ومذا عن مسلسل "أوان الورد"!

 وحيد حامد: هذا المسلسل كتبته بناء على رغبة من وزير الإعلام السابق صفوت الشريف. وهو عرض على الفكرة الخاصة بموضوع التطرف والإرهاب وأنا اقتنعت بها. ولكن لم يكن من الممكن أساسا أن أكتب عن هذا الموضوع لو لم أكن مقتنعا بما أكتبه.

 فلسطين: كتبت لعدد من نجوم الكوميديا وعلى رأسهم الأستاذ عادل إمام.. فلماذا لم تكتب للنجوم الشباب الجدد؟

 وحيد حامد: الموضوع ليس مجرد رغبة أو قرار.. الموضوع عبارة عن انفعال وإحساس. وإذا شعرت أن لدى ما أقدمه للنجوم الشباب فسوف أفعل ذلك فورا. وقد فعلت ذلك من قبل فى تجربة مع الفنان هانى رمزى عندما عرضت عليه فيلم "محامى خلع" لأنى شعرت أن هذا الفيلم يناسبه.

 فلسطين: هل تكتب وفى ذهنك شخصية الممثل الذى سيقوم ببطولة العمل؟

 وحيد حامد: لا. ولكن أثناء كتابتى للعمل أشعر أن أحد الفنانين يمكن أن يكون الأفضل لهذا العمل. ووقتها لا أخجل من الاتصال به وعرض العمل عليه.

 فلسطين: يشتكى العديد من الكتاب و المثقفين المصريين من الرقابة على السينما. فما موقفك من الرقابة؟

 وحيد حامد: أنا لست ضد الرقابة، فالرقابة تعتبر جهاز حماية للمجتمع، خصوصا فى ظل بعض التجاوزات التى تحدث والتى تستوجب من يتصدى لها، والرقابة هنا هى الفيصل بين الرؤية الفنية والقيم والتقاليد الاجتماعية، وبمعنى أدق فيما يخص مسألة القيم الدينية والأخلاق. وأرجو ألا يفهم احد من كلامى أننى أدعو للرقابة على المفكر أو المبدع. فمن حق المبدع أن تكون له رؤيته الفنية للأحداث طالما لم يتجاوز إبداعه الخطين الأحمرين الخاصين بالدين والأخلاق.

 فلسطين: بماذا تفسر الإقبال الجماهيرى على السينما الحالية؟

 وحيد حامد: السينما الحالية تقع تحت تصنيف السينما الاستهلاكية. والسينما المصرية تمر حاليا بأسوأ مراحلها. ولا بد من أن يتدخل أحد حتى لا يفقد الشعب المصرى البقية الباقية من عقله واحترامه لنفسه. أما ما تسميه بالاقبال الجماهيرى على هذه النوعية من الأعمال السينمائية فهو راجع إلى شعور المجتمع بالإنكسار على كل المستويات. والمجتمع الاستهلاكى يفرز بالطبع سينما استهلاكية، أما المجتمعات المتقدمة فتفرز سينما متقدمة. لأن السينما هى ثقافة المجتمع. ولذلك لا بد من إصلاح أوضاع المجتمع لكى ينتج لنا السينما القوية.

 
فلسطين: وما هو موقف الدراما المصرية؟

 وحيد حامد: شأنها شأن السينما. الدراما الحالية منتجة للمستهلكين وللتسلية، إلا من عصم ربى. فالحمد لله ما زالت هناك بعض الاقلام التى تحترم نفسها، وتجبر المشاهدين على احترام فنها. وهؤلاء الكتاب يعتبرون علامات تجارية يكفى أن يرى المشاهد اسم أحدهم على عمل ما حتى يطمئن إلى أنه سيشاهد فنا راقيا.

 فلسطين: البعض يقول إن الدراما العربية تفوقت على الدراما المصرية.

 وحيد حامد: لا يمكننى الحكم على الدراما العربية بشكل عام. ولكنى أتابع إلى حد ما الدراما السورية والكويتية. وهذه الدراما متميزة فى الناحية التاريخية. ولكن هذه الدراما يتم تمويلها من جانب دول الخليج. وأعتقد أن تلك الدول لو رفعت يدها عن الإنتاج لما ظهرت الدراما السورية بهذا المستوى. أما الدراما المصرية فهى تتنافس من جانب آخر، لأنها تملك الكوميديا، وتعالج المشاكل الاجتماعية. أما الدراما الكويتية فمشكلتى معها هى مشكلة اللهجة حيث لا أفهم كثيرا من كلماتها.

 فلسطين: ما الجديد لدى وحيد حامد؟

 وحيد حامد: يوشك المخرج سمير سيف على الإنتهاء من مسلسلى الأخير "الدم والنار". وهناك مشروع آخر بفيلم لم تتم تسميته بعد. وسيبدأ التصوير فى الفيلم بعد الانتهاء من المسلسل.

 فلسطين: قرأنا أخبارا عن ذلك المسلسل وأنه من 15 حلقة. هل هو مسلسل قصير؟

 وحيد حامد: 15 حلقة لا تعتبر مسلسلا قصيرا. ولكن على ما يبدو أن الأمور تقاس بالطول وليس بالجودة. أنا ضد الكتابة التى تتعمد التطويل من أجل جنى أرباح أكثر. وقد رفضت أن أشارك فى هذه الظاهرة الغريبة. وأتذكر أنهم طلبوا منى إعادة كتابة مسلسل "أوان الورد" لكى يصبح 30 حلقة بدلا من 26 حلقة فرفضت ذلك. وعلى العكس من ذلك كان مسلسلى "أحلام الفتى الطائر من 14 حلقة فقط. أى أننى ضد عمليات المط والتطويل لأسباب تجارية. وربما كان هذا أحد أسباب تردى مستوى الدراما المصرية، فقد أصبحت الدراما عبارة عن حشو بهدف الإطالة ومن ثم حصول جميع المشاركين فى العمل على أجور أكبر. واذكر أنه فى مسلسل "أوان الورد" طلبت من الممثلين التفرغ للعمل فقالوا لى إن كل ما يخصنى هو الإلتزام بمواعيد التصوير. من جهتى لم أكن أنظر للموضوع من هذه الزاوية فقد كنت اقصد أن على الممثل أن يتعايش مع الشخصية. أصبح التمثيل كوجبة التيك أواى.. يذهب الممثل للتصوير فى مسلسل ويتنتقل منه فى نفس اليوم إلى استوديو آخر ليمثل دورا آخر. وهكذا.. بدون معايشة للشخصية، وبالتالى يفقد الممثل إحساسه بالشخصية فنشاهد فى النهاية تمثيلا رديئا. أنا من أنصار معايشة الممثل للشخصية والتركيز على عمل واحد فقط فى نفس الوقت دون تشتيت نفسه بين أكثر من عمل.

 فلسطين: ما هى فكرة المسلسل الجديد؟

 وحيد حامد: الفكرة التى يطرحها المسلسل تتلخص فى أننا نخسر بسبب ضعفنا وليس بسبب قوة الخصم. وترجمت ذلك فنيا من خلال الزوجة التى سمحت لزوجها أن يضربها.. و التى لا تتخذ أى موقف يردعه عن سلوكه بسبب ضعفها عن ذلك. ويحيط بذلك مجموعة من المواقف الاجتماعية.

 فلسطين: سمعنا عن مشروع مسلسل عن الفنان الراحل عبد الحليم حافظ. فهل هناك أخبار عنه؟

 وحيد حامد: لقد توقفت عن استكمال الكتابة فيه.

 فلسطين: والسبب؟

 وحيد حامد: مجموعة من المشاكل التى تحيط بالعمل.

 فلسطين: مشاكل من أى نوع؟ هل هذا بسبب مشروع فيلم الفنان أحمد زكى مع الكاتب محفوظ عبد الرحمن؟

 وحيد حامد: لا. ولكن أيضا علاقتى بالإثنين مهمة.

 فلسطين: هل للمشاكل التى أثارها ورثة الفنان عبد الحليم علاقة بذلك؟

 وحيد حامد: عبد الحليم شخصية عامة ومن حق أى كاتب تناولها بالشكل الذى يراه. وليس من حق ورثته الاعتراض على أى عمل يخلد من قيمة الفنان الكبير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى