الخميس ٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم إيمان الكاشف

مقامُكَ عِندي

علِمتَ حُبِّي ولم تَعلَمْ بمِقدارِه
فزُرْ مُحِبَّكَ واقصِدْ مِصرَ في دارِه
وانظُرْ لعينيه تُبصِرْ فيهما ملَكًا
يَصفو سوادُهما مِن شهدِ أنوارِه
واسمَعْ لقلبٍ يُنادِي عِندِ خفقتِهِ
بأجملِ اسمٍ ولا يَعيا بتَكرارِه
والمُسْ يديه تجِدْ جمرًا بثلجِهما
وجَنَّةُ القربِ لم تُطفِئْ لظى نارِه
يا مَن سيُوحِشُني والعينُ تَرقُبُهُ
بعينِ يعقوبَ في ردٍّ لإبصارِه
تُلَملِمُ الدُّرَّ مِن عينٍ بها ائتَلَقَت
نجومُها فأَنارَت حزنَ أقمارِه
وتَمسَحُ الدَّمعَ فوقَ الخدِّ مُنسَكِبًا
ندًى تَلَألَأَ في أوراقِ أزهارِه
أَرنو إليكَ طويلًا مثلَ مُرتَحِلٍ
في البحرِ يَغرَقُ لا خَتمٌ لإبحارِه
طالَعتُ فيكَ كتابًا دونَ ترجمةٍ
لم يَنجَحِ العقلُ في فكٍّ لأسرارِه
كأنَّ قلبَكَ سِجنٌ حولَهُ حرسٌ
لم يَستَطِعْ مِعوَلي هدمًا لأسوارِه
يا مَن قبَعتَ بجُبٍّ لا رِشاءَ لهُ
وما قدِرتُ بحُبِّي سبرَ أغوارِه
يا مَن يُحَدِّثُني والحُجْبُ تَفصِلُنا
ولم يُزِحْ قربُنا مِن عَتمِ أستارِه
تُحِبُّني أم تُرى غيري شُغِلتَ بها
يا مَن عيِيتُ ولم أَظفَرْ بأخبارِه؟
قُلْ كِلْمةً يَطمَئِنُّ القلبُ إن نُطِقَت
ربِّي الخليلُ أَراهُ سعيَ أطيارِه
وإن تَقُلْها فلن تُضنيكَ أسئلتي
الرَّوضُ ما همَّني لا قطفُ أثمارِه
أمَّا إذا لم تَكُنْ حقًّا تُبادِلُني
حُبِّي فإنَّ الهوى راضٍ بأقدارِه
في كلِّ حالٍ أنا أَهواكَ يا قدَري
لا يَشغَلُ النَّهرَ تأخيرٌ لأمطارِه
لو لم نُجَمَّعْ بدنيا الزَّيفِ يَجمَعُنا
في الخُلدِ قصرٌ لنا مِن فوقِ أنهارِه
هل يَحزَنُ المرءُ في صومٍ بعاجلةٍ
إذا مع المُصطَفَى يَحظَى بإفطارِه؟!
وأنتَ لي، مُوقِنٌ قلبي ومُرتَقِبٌ
لكن متى طيرُهُ تُهدَى لأوكارِه؟
إنِّي الشَّتيتةُ، كُنْ أرضَ المعادِ لها
قلبي التَقَى وطنًا مِن بَعدِ أسفارِه
كُنْ لي؛ فقد قالَ: ﴿ كُن﴾ ربُّ الورى سلفًا
لمَّا هدَى شَطرَ روحي نحوَ أشطارِه
يا مَن أَخُصُّ بهِ شِعري وإن عَمِيَت
عنِّي القوافيَ في سيَّالِ أشعارِه
أَتلو عليه قصيدًا إن قضَيتُ بهِ
فما استَطَعتُ بموتي لفتَ أنظارِه
يُصغِي إلى الشِّعرِ كي بالصَّمتِ يَقهَرَني
ولا تَشُقُّ سيولي صُلبَ أحجارِه
لكنَّ صبري كحُبِّي لا حدودَ لهُ
مهما يدي أُدمِيَت مِن شوكِ صبَّارِه
وقد أُطيقُ العمى والموتَ أَنشُدُهُ
ولا يُفارِقُ غصني ظلَّ أشجارِه
هو الوجودُ وإنِّي دونَهُ عدمٌ
كصمتِ عُودٍ بكَى مِن قطعِ أوتارِه
لو كانَ يَدرِكُ حجمَ العشقِ لانتَقَلَت
إليه عَدواه، لم يَعبَأْ بأخطارِه
ماذا أَقولُ وكِلْماتُ الهوى صَغُرَت
ولم تَصِفْ بشعوري عُشرَ مِعشارِه؟!
قُلْ لي بأنَّكَ آتٍ لو على جَمَلٍ
كُنِ المُهاجرَ آخَوهُ بأنصارِه
قُلْ ما تُريدُ وكتِّمْ ما تَشاءُ، وهل
حمامُ ثَورٍ أَتَى المُختارَ في غارِه؟!
دَعْني على بابِ غارٍ أنتَ تسكُنُهُ
وأَحرُسُ السِّرَّ لا أَسعَى لإظهارِه
يا أيُّها الملَكُ المخبوءُ في صُحُفي
يَمضِي الزَّمانُ ويُنمِي عمقَ إكبارِه
أُفارِقُ العيشَ لكن لا أُفارِقُهُ
لو المُحالَ يَشا أَجرِى لإحضارِه
حاشا أَخونُ وفي سرِّي أُوَقِّرُهُ
ولستُ أَرغَبُ في استكناهِ أفكارِه
بل كلُّ ما أَبتَغِي يَدرِي مدى شغفي
وأن أَراهُ بعُمري قبلَ إدبارِه
فهل علِمتَ بعشقٍ في الدِّماءِ سرَى
لن يَستَطيعَ النَّوى وقفًا لتيَّارِه؟
وهل علِمتَ بعمقِ الشَّوقِ أَكتُمُهُ؟
عشِقتُ بدرًا ولا يَدرِي بمِقدارِه!
إيمان ممدوح طه الكاشف


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى