الاثنين ٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
عودة لزمن الفن الجميل
بقلم أحمد مروات

الموسيقار الفلسطيني يحيى اللبابيدي وإذاعة هنا القدس

1943-1900

يعتبر الملحن والموسيقار الفلسطيني يحيى اللبابيدي من الرعيل الأول ومن الموسيقيين النوابغ التي ملأت ألحانهم الميدان الفني
والموسيقي في فلسطين وحتى البلاد العربية.

فقد قام بتلحين أكثر من 150 أغنية ونشيد ومقاطع من برامج الإذاعة ومقاطع من أناشيد الأطفال التي كانت تبث عبر الأثير في إذاعة "هنا القدس " والتي لاقت رواجا كبيرا وشهرة واسعة خاصة في الثلث الأول من القرن العشرين وبداية الأربعينيات من عمل الإذاعة الفلسطينية.
حين عكفت الحكومة الفلسطينية المتمثلة بالانتداب البريطاني البائد! بتأسيس محطة للإذاعة الفلسطينية ومكانها في القدس الشريف. وقع الاختيار صوب الموسيقار يحيى اللبابيدي لكي يرأس القسم العربي للموسيقى الشرقية
ومسئولا عن طواقم الفنانين والمغنيين الذين تعدوا الثلاثين بكل كوادرهم.

في عام 1936 ومع افتتاح الإذاعة رسميا وبث أولى الأنفاس العربية بها كانت ألحان اللبابيدي تصدح في آذان المستمع الفلسطيني وتملا الدنيا طربا وسرورا حيث شارك اللبابيدي زملائة بتأليف وتلحين الكثير من الأناشيد الوطنية والاجتماعية. خاصة التعاون المشترك بينة وبين الشاعر الفلسطيني ألمرحوم إبراهيم طوقان. الذي كان يرأس قسم اللغة العربية والبرامج الإذاعية. حيث قام الاثنين بتأليف نشيد كان من تلحين اللبابيدي وكلماتة أيضا بعنوان " الملك الغازي " وهو بمناسبة زيارة الملك فيصل ملك الحجاز لفلسطين وخاصة مدينة حيفا التي زارها في أوائل الثلاثينيات وقد تميزت بحماستها وشدة قربها من المجتمع الفلسطيني قبل غيرة. فبقيت محلية دون أن تنتشر في الدول العربية !
ثم
كان العمل مستمرا بين اللبابيدي وطوقان وفي نفس التوقيت قاما بتأليف أغنية " ألا يا ربة الدار " وهي من كلماتهم وتلحين اللبابيدي. حيث لاقت ترحيبا كبيرا بين المستمعين واشتهرت محليا لكلماتها الفلسطينية واللهجة المحلية.

وكان للشاعر الكبير "أبو سلمى " دور كبير في تأليف القصائد والأناشيد الوطنية والشعبية.

فمع بداية الثلاثينيات كان أبو سلمى قد ألف للإذاعة الفلسطينية ما يقارب العشرين نشيد وأغنيتين كان من أبرزهم أنشودة " الزهور " من كلمات أبو سلمى ومن تلحين اللبابيدي.

ثم قام الشاعر أبو سلمى بتعديل الأنشودة لتتحول إلى مونولوغ باسم " الزهور والطيور "
ومن الأناشيد القديمة لأبي سلمى أيضا " البلبل " "والشريد " "ونسيم الربا ".

وكانت للشاعرة فدوى طوقان عمل جاد ودؤوب في التأليف والعمل الإذاعي.
حيث قامت بتأليف أنشودة بعنوان " ديكي " في أوائل ألأربعينيات. "وبلادي. "

ومن نوادر الأعمال بين الموسيقار يحيى اللبابيدي والشاعر إبراهيم طوقان نشيدة بعنوان

" أشواق الحجاز "

بلاد الحجاز إليك هفا
فؤادي وهام بحب النبي
ويا حبذا زمزم والصفا
ويا طيب ذاك الثرى الطيب
هنيئا لمن حضر المشهدا
وطاف بكعبة ذاك الحرم
ومن قبل الحجر الاسودا
وظلة الركن لما استلم

** في مدينة عكا الغافية كان المولد **

اختلف بعض المؤرخين والموسيقيين في ولادة ونشأة الموسيقار يحيى اللبابيدي ! فمنهم من قال أنة من عائلات بيروت القديمة وان الخطأ أن نخلط ما بين عملة الإذاعي في إذاعة فلسطينية وبين منشأة الأصلي الذي يدعي الكاتب أنة من بيروت !

كما هي أيضا شهادة الموسيقار الراحل بليغ حمدي الذي شارك بهذا السؤال في إحدى السنوات التي احتفل بها الموسيقيين برحيل فريد الأطرش. وقد نوة أن حسب معرفتة السطحية أنة من بيروت وليس من فلسطين إلا أن اقامتة كانت دائما بالقدس هناك لقرب عملة الإذاعي !

إلا أن بعض ما جاء من معاصرية فندوا هذة الإشاعات حيث يورد الملحن الفلسطيني ابن مدينة حيفا ناصيف عرموني المقيم في فرن الشباك ببيروت بمعرفة اللبابيدي شخصيا وأنة ابن مدينة عكا الفلسطينية وأنة صاهر عائلة الدجاني في منتصف الثلاثينيات..

والحقيقة هنا أن يحيى اللبابيدي ممن مواليد مدينة عكا الفلسطينية وهو من مواليد عام 1900.
وهو ابن احمد اللبابيدي احد تجار عكا ووالدتة تدعى " ثريا الفاخوري " من عائلات بيروت المعروفة
منذ نشأتة اصطحبتة والدتة إلى بيروت حيث تعلم بمدارسها المراحل الأولية وللثانوية حيث انتسب لجامعتها الأمريكية لفرع طب الأسنان.لكن نزعتة الفنية تغلبت علية فطغت على شهرتة. فما كان منة إلا أن يهجر الجامعة إلى عالم الموسيقى الذي كان منة ولة.

ويروح أكثر المؤرخين لنسب اللبابيدي للبنان وهذا أمر غير واضح ومصادرة ضعيفة. بل أنهم خلطوا بين والدتة كونها لبنانية وبينة إلا أن في النهاية وبعد اكتشاف محفوظات الإذاعة وقسم منن التسجيلات النادرة عند بعض المرتزقة والقادمين الجدد ! اتضحت الصورة وتكشف الكثير من الغموض الذي كنا نجهلة في عالم هذا الموسيقار
المختلف في قوميتة ونشاتة حتى أصبح عرضة للتخمين كما فعل المؤرخين اللبنانيين والذي احترم بالأديبة الفلسطينية مي زيادة والتي ترافق مولدها ومنشأها في الناصرة بفلسطين. ورحلت عنها فتاة يافعة تجاوزت الرابعة عشر وكان هذا عام 1907. وهي من مواليد 1886 !

** اللبابيدي يلحن والأطرش يغني**
وأغنية. " ياريتني طير وطير حوليك "

في عام 1934 تصادف وجود الموسيقار مدحت عاصم المدير التنفيذي لدار الإذاعة المصرية في إحدى المعاهد الموسيقية في القاهرة.وقد تعرف على الشاب فريد الأطرش الذي جاء لمصر ليشق طريقة الفني ويفتش عن أولى نجاحاتة.

استمع لة وأعجب بعزفة المنفرد وقدمة للإذاعة كأول مغني في هذا الجيل المبتدأ.

وكانت أولى أغنياتة التي غناها عبر الأثير هي أغنية " ياريتني طير وطير حوليك " من تأليف وألحان الموسيقار الفلسطيني الساخر يحيى اللبابيدي. حيث لفتت هذة الأغنية ألأنظار صوب إمكانيات الأطرش الفنية وكانت بوصلتة لدخول الفن من أوسع أبوابة !

مع أن هذة الأغنية التي قام بتأليفها وكتابتها اللبابيدي في بدايات ال36حيث قدمها في البداية للمطرب اللبناني إيليا البيضة بإذن وتوكيل من الملحن في الإذاعة اللبنانية. إلا أنها منعت من الإذاعة لأسباب أكثرها رقابية وكانت من نصيب فريد الأطرش عام 1937..

** القسم الموسيقي في إذاعة "هنا القدس "**

. كانت البرامج العربية في الإذاعة الفلسطينية متنوعة وغزيرة, ولكثرتها لم يكن لها وقت لإذاعتها عبر الأثير لسببين, ألأول أنها كانت تبث البرامج لمستمعي اللغات الثلاث العربية والإنجليزية والعبرية.

إلا أن المستمع العربي دون غيرة حظي بنصيب وافر من البرامج التي كانت تبثها محطة الإذاعة من مشارف القدس الشريف وهي متنوعة.

ففي ساعات الصباح مثلا كانت تتلى آيات مختارة من القرآن الكريم من خلال مقرئ من المسجد الأقصى
وفي ساعات الظهيرة تقدم الإذاعة برنامج " مايطلبة المستمعون العرب " حيث كانت تقدم الإذاعة اسطوانات
لمطربين محليين وأحيانا من الدول العربية ومنهم محمد عبد الوهاب, وزكريا أحمد, وصالح عبد الحي و والمطربة لور دكاش, التي غنت أغنيتها المشهورة أمنت بالله شخصيا في دار الإذاعة عام 1939.

كانت الإذاعة تقدم بعض التقاسيم لبعض الموسيقيين العاملين بالمحطة ومنهم عازف الناي " توفيق جوهرية.
"وعازف العود الفنان " يحيى السعودي " وعلى آلة الكمان " انطوت بنيامين " وعازف القانون " إبراهيم عبد ألعال..
إلى جانب هذة البرامج كانت تخصص فترة غنائية لبعض المطربين الشعبيين.

كالمطربة ماري عكاوي. والمطربة الشعبية رجاء الفلسطينية. والمطرب روحي الخماش. والمطرب الموهوب " فهد النجار " .

كان القسم العربي للموسيقى تحت إشراف الموسيقار يحيى اللبابيدي حيث عمل مع طاقمة على التأليف والتلحين والعزف والغناء وتجهيز البرامج اليومية والمناسبات خاصة بمواسم الأعياد أو الاستقبالات الرسمية
وما أكثرها في تلك الحقبة !

لاشك أن الجهاز الحكومي المتمثل في الانتداب البريطاني الزائف ! كان يقوم بتضييق الخناق حول عمل طاقم الإذاعة وتقليص البرامج اللغة العربية ونحو العاملين حيث كانت الرقابة شديدة وخاصة بالقسم العربي والثقافي والأغاني المتمثلة بالأناشيد الوطنية التي كانت تلهب الحماس وتوقد زيت الشعب الفلسطيني.

المصادر:-

1. ملفات إذاعة هنا القدس 1936 .1940

2. سيرة حياة فريد الأطرش موسوعة ويكيديا

3. وثائق ورسائل يحيى اللبابيدي.محفوظة بأرشيف الناصرة .

4. مجلة الإذاعة الفلسطينية " هنا القدس " الجزء الثاني.

5. مجلة الجيش. بيروت

6. أرشيف الناصرة الفلسطيني - الناصرة

1943-1900

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى