الثلاثاء ٣٠ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

رذاذ الملح

طالب غلوم طالب

(1)
يبيعون الوهم
والجثامين تنتشر على أرصفةِ المحطات.
ذهبوا بالكرامة جثةً للتحنيط
قتلوا كل مدارات الأحلام...
الأسماءُ والصفاتُ مُكبّلة
تغيّرت الوجوهُ والمواقفُ والأقلامُ.
جاءت وجوهٌ غريبةٌ
تشربُ الدماءَ رحيقاً
قتلوا الكلبَ والحارسَ والأرض

(2)
ذهبوا للمحاكمة
إلا الأمهات ينتظرن أزواجهن
الذين ماتوا تحت سنابكِ العزة
قُتلوا في ابتغاء الصليل...
رحلوا مع أكبادٍ محروقةٍ
باعوا الذخائر للعبيد
فتساقطت بذورُ القضايا
ماتت الأرملةُ والمطلقةُ والطلقاتُ
طلقات مُخبّأة في قبو بعيد.

(3)
جاءوا بالملح والنار.
حنّطوا الوجوه والمطايا والآثار
بحثوا عن أنفسٍ هاربةٍ
جاءوا بالملحِ والسياطِ وشُهُود الزور
رموا كلّ الأوراق الصفراء
حنّطُوا الأقلامَ والعُقُولَ.
طَفقُوا يبحثُون عن كلمةٍ شاردةٍ
تمردتَ على يدِ غريبٍ؛
ليسجنوها في حَنوطهم المالح.

(4)
انتحر مُؤرّخُ الحي في ليلةٍ لا تُمطرُ فجراً
باع بيته وأثاثه لوجهٍ لا ملامحَ له
بَكى.. نَاحَ.. انتحب الشجرُ لدمعِهِ المُفْقُودِ
قُبِر حلمُه المقبور
اجتُثّت كل مواويلِه وحكاياته من السبورة
هلكت كل خُيُولِه ورُسُوم داره.

(5)
رذاذُ الملح مطرٌ جديدٌ
يغسلُ كلَّ أزقّةِ المدينة
بحثاً عن جثةٍ وحنطةٍ
بحثاً عن وردةٍ وقطةٍ
ملحٌ أبيضُ برائحة الموت
يقتنصُ الفرحة من عيون البراءة
يرصدُ الفرحة في كل ثانية
ملحٌ عتيقٌ لا يُباع
يشتريه شخصٌ واحدٌ
يعشقُ التحنيطَ!

طالب غلوم طالب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى