الأحد ٨ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم محمد أسعد قانصو

كيف نفهم الحياة الزوجية؟ محاولة اقتراب..

انطلاقا من قوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة) 

نفهم أنَّ العلاقة الزوجية هي في البداية وقبل كل شيء علاقة اندماج وتماهٍ بين روحين ونفسين أرادا بملء اختيارهما وتراضيهما بناء حياة زوجية قائمة على أسس ثابتة ومستديمة، هذه الأسس أشار اليها القرآن الكريم وسمّاها السكنى والمودة والرحمة، وعليها تقوم الحياة الزوجية وتبقى الأمور الأخرى مجرد تفاصيل. 

من هنا فإنّه لا بدّ قبل الإقدام على الزواج كمشروع مستقبليّ وخيار مصيريّ أن يفهم كلٌّ من الذكر والأنثى الثقافة التي تحكم الحياة الزوجية سواء في الدائرة الروحية أو في دائرة الحقوق والواجبات، وأن يدرك الشريكان أنَّ الحياة الزوجية ترتّب مجموعة من المسؤوليات المشتركة التي ينبغي لكلّ منهما أن يتحمّلها بروح عالية,، كما لا محيص من تحلّيهما بروح الوعي والإدراك بما يمكّنهما من إدارة حياته الزوجية إدارة ناجحة، لأنّ قلة الوعي والإلمام من شأنه أن يدفع إلى تبنّي ثقافة بديلة تبتني على الجهالات والموروثات الشعبية القديمة، بحيث تظهر الحياة معها بصورة بدائية بعيدة عن معاني السمّو الإنساني ومفرغة من المضمون الروحي والمعنوي, فعلى سبيل المثال تصبح العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار الشراكة رهينة المعتقدات الخرافية التي تلبس الزوج صورة السيد الحاكم المطلق وتجعل من الزوجة أمة أو جارية ليس لها إلا تقديم طقوس الولاء والطاعة المطلقة للسيّد الزوج، وبهذا يصبح العنف والإلغاء والسيطرة لغة تخاطبٍ بين الزوجين وأسلوبا في التعامل اليومي بين الشريكين، وعلى المقلب الآخر فإنّ ثقافة التقليد والتبعية تدفع بهما إلى توسّل الخرافة والشعوذة في حلِّ المشكلات أو الإختلافات الطبيعية الناشئة انطلاقا من التسليم بالإثنينية والاعتراف المتبادل. 

إنَّ الزواج الذي اعتبره الله عزّ وجل أحبُّ البناءات في الأرض إليه, وأكّد عليه الرسول الأعظم (ص) واعتبره نصف الدين أو ثلثيه، لا بدّ أن يكون مسبوقاً بالتخطيط الكامل والدقيق في كل مرحلة من مراحله وفي كل مفصل من مفاصله، وهذا أمر في غاية الأهمية لأنَّ التخطيط الواعي يجنّبنا الكثير من الإنتكاسات المستقبلية التي تنتهي بإعلان الفشل أو النهاية الحتمية للعلاقة الزوجية فيما نسميه الطلاق. 

علينا أن نضع نصب أعيننا النهاية المرّة لزواج فاشل لم يبن على أسس متينة، وما يترتّب على هذه النهاية من مفاعيل وآثار سلبية تترك بصماتها على الزوجين أولاً ومن ثمّ على الأولاد وبالتالي على المجتمع، إنّ دراسة النتائج السلبية المترتبة على زواج راسب تشكّل دافعاً وحافزاً إضافياً على ضرورة إشراك العقل إلى جانب القلب في الإعداد المتمهّل لزواج ناجح ودائم. 

من هنا فإنني أدعو الى مأسسة الوعي الزوجي وتعميمه وتنظيمه, وذلك من خلال دعوة هيئات المجتمع كافة وعلى رأسها الدولة والجمعيات الأهلية والبلديات وغيرها، إلى تبنّي مشروع التوعية والتأهيل الزوجي, وتوظيف الإمكانات اللازمة لذلك, وإعداد الورش والأنشطة الداعمة، واعتبار هذا المشروع مدماكاً أساسياً من مداميك تحصين المجتمع وحفظ وحدته وترابطه وصونه عن التفكّك والشرذمة، كما أنَّ تبنّي هذا المشروع لا يقل أهمية إن لم نقل إنّه يفوق أيّ مشروع آخر يراد به خير الإنسان وسعادته, والرقيّ به الى مراتب الإنسانية الفضلى. 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى