الثلاثاء ٧ شباط (فبراير) ٢٠٠٦
بقلم محمد دلة

مرثية الفارس الغريب

يبتلع البحر مصر مرة أخرى
ولا شيء يعلو فوق صوت الوثن
قهقهي بأنياب الرماد الشاحبة
برائحة الموت وأشباح الظلمة
بأيادي الغول اليابسة
يتمادى الرمل في عطش العبيد
قهقهي
فلن تلدي إلا جثثا خربة
تأكل الطير منها
وأحلاما من سموم
تخفي في عباءتها الجراد
وتلقي قميص النهر في غيابة الجب
 
أيها الغريب ، لا اسم لك في منازل الغربة
لا الموريات خيلك ولا العاديات ترفع ظلك في أقواس الربيع
نشيدك البري تحنطت في خطاه أيائل الرنين
ووجدك لا يتلف إلا الشغاف
ففيم تحلق في سهوب الجفاف؟
هرطقات الوحدة تبلور الكبريت سقفا للهاث الحنطة في حقول ساعديك
تشوه بالندب الحجرية مرايا وجهك المغتسل بفضة النور وحضارة الهم الأزرق
وخطاك يا لخطاك ،
إي أفاع ذات سلاسل تناسلها الغربة؟
تترصد قباب تيهك وتكايا مريديك
من يحضن عريها المدبب ؟
وأي طين يخصف مواسمه في نسغ فوضاها النازف؟
 
أيها الغريب !البحر المتثائب مجازر وأكفان ما بين بنيك وبين حالاتك في التيه
الأحدب
لا لم تلده أمك
ولم يلحق أبوك بنسبه الحقائب
البحر أخاديد من دمع ملتهب تتشظى في أرحام الأمهات
وجمرته نجيع يتناسل في مآذن الجدود
الجزر مقصلة لا تفرد يقطينها ظلالا فوق جسد عزلتك المغفل من خراف الدفء
والمد شباك
طوق نجاة ليس لك
لخيول مسومة
لجيوش وعربات
ترقص في ملحمة انكسارك
 
وأنت ساحل معدم
طلسم آخر بجمجمته تفك رموز الخريطة
من يشفع للغريب في رحلته الأخيرة؟
والبحر معجزة من يباس
اضرب بقامات العائدين نعومة البحر
يرتدوا نحوك موتى من غير سوء
والسفينة التي مالت بأشواق العائدين
وما كانت تميل
إي قبلات تتأجل عاما بعد عام ؟أي أحلام ثقلت موازينها ؟
أي شمس دائمة الخضرة علمت السفينة الاسماء كلها
فأتلفها نزيف الحواس وأتلفها ارتجاج الحنين
 
غدا !ما اقرب الغد من فوهة الحزن
تعود مغتسلا من أدران الغربة بالبرق المالح
باطنا وظاهرا
تعود شاهدا على بحر ادمن الخيانة
مذ مد ذراعيه شارعا للجنود ورب الجنود
 
سيشرب قصب السكر الماء مرا
وتتسع الجراح في صدر الغيط الوارم حزنا وأبابيل
أصابع الدم ترسم صورتك الغائبة
 
في مخمل النخيل
ودلوك سيموت عطشا وقد كان رسول الغرام
يحمل الدمع من ثرثرة الساقية إلى إناث الحقول
 
وصبايا الكفر،ينسحب الهال كسيرا من شفاههن
ويترمد في صدورهن تبرج النعناع
تتوقف ضفائرهن عن الركض في أزقة المواويل
ويضل الحناء طريق الكورنيش في خاصرة النيل
 
أيها الغريب!بين قافلتين تضيع!
وبين القبائل يضيع دمك
شبابك للرمل ولشهب لمتك ماعز مذبوح في أعراس الربا
لا إيلاف في رحلتك الأخيرة
فلم تطيع مأرب في ارتحال النهر والأخضر؟
والماء في التيه وعر المسالك لا طيف ولا فيض
يسرقونه في قبعات الجنود
ولو عصيت ولم تسجد لغبار الرحيل
لاخضرت يداك.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى