الخميس ٧ تموز (يوليو) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

حوار مع البطل حسني سلامة

يعد البطل حسني سلامة من أبطال مصر الذين كافحوا لأجل الوطن ولذا سجل التاريخ بطولاته في سجلات الشرف وفي حوارنا معه نتعرف على الكثير .

....................................................؟

حسني السيد سلامة من مواليد 15 مايو عام 1945 بميت غمر بمحافظة الدقهلية وعندما بلغت 16 سنة تقدمت إلى التطوع بالقوات المسلحة ولم تعرف أسرتي بذلك وأثناء التدريبات سألت الضابط المسئول: كيف ألتحق بالصاعقة ؟ فقال : التفوق في التدريبات سوف يحقق رغبتك.

....................................................؟

تحقق رغبتي وكنت في الصاعقة وحصلت على فرقة على مدار 45 يوم وبعد انتهاء الفرقة كان البطل جلال هريدي في استقبالي ورفاقي وشرح مهمتنا أثناء الانضمام إلى القوات المصرية المتواجدة في اليمن وأن مصر الشقيقة الكبرى تساند دول العربية في استقلالها.

....................................................؟

في اليوم الثاني توجهت الكتيبة إلى اليمن وتم نقلها بطائرات هليكوبتر إلى منطقة برد وبعد عدة أشهر اقترح قائد الكتيبة المساهمة في تعليم القرية المحيطة وقمت بتعليم اللغة الإنجليزية وتوطدت علاقتي باليمنيي مقبل شيخ القبيلة.

....................................................؟

كانت الكتيبة في تنقل مستمر وتتمركز على قمم الجبال وطلبت الحصول على فرقة المدفع 14,5مم ثنائي وبعد انتهاء الفرقة تم وضع المدفع على جبل آل صلاح بواسطة طائرة هليكوبتر وكنت حكمدار المدفع والمسئول عنه.

....................................................؟

فى منتصف عام 1965انتقلت الكتيبة إلى جبل براش بمنطقة صعدة وبدأت اشتباكات عنيفة فقمت بالتعامل مع القوات المهاجمة وانتهى الهجوم بالفشل وفى اليوم الثاني جاء قائد كتيبة المشاة إلى كتيبة الصاعقة وشكرني لإنقاذه الكتيبة من الهلاك.

....................................................؟

انتقلت مع الكتيبة إلى أحد النقاط الحدودية بين اليمن والسعودية وتصديت ومدفعي 14,5 مم للهجمات وفي منتصف عام 1966 عدت مع الكتيبة إلى مصر وحصلت على العديد من الفرق التخصصية وفي 15 مايو عام 1967 رفعت حالات الاستعداد القتالي وبدأت الكتيبة تستعد للتحرك إلى سيناء ضمن المجموعة خفيفة ووصلت مع رفاقي إلى القسيمة ثم بالشيخ زويد.

....................................................؟

يوم 5 يونيو عام 1967 قامت إسرائيل بعدوانها على مصر وصدرت الأوامر للكتيبة بالتراجع إلى خط ثان وشاهدت الطائرات الإسرائيلية قادمة من الخلف فنبهت قائد الكتيبة.

....................................................؟

تميزت بمعرفة دروب ووديان سيناء نظرا لحصولي على فرقة الطبوغرافية العسكرية مما ساعدني على معرفة الطريق الذي أسلكه إلى القناة ومن معي أثناء الانسحاب وعندما رأيت التدمير الذي أصاب الدبابات والوحدات المصرية صعدت أحد الجبال لأنه أقرب وأقصر الطرق للقناة وما إن اجتزت الجبل حتى وجدت العدد الذي معي من الأفراد قد تضخم بصورة كبيره حيث تعدى الـ 300 من الشاردين مما مكنهم من الوصول بسلام .

....................................................؟

فى صباح يوم 7 يونيو عام 1967وصلت إلى القناة ولكن لم أجد وسيلة لعبور القناة وبرغم إجادتي للسباحة إلا أنني توجهت جنوباً إلى الإسماعيلية لعلي أجد ما يساعدني ومن معي على العبور وبالفعل كان هناك كوبرى خفيف مازال منصوباً ولم يقصف فعبر عليه الجميع.

....................................................؟

توجهت إلى معسكر الصاعقة وتم الاتصال بالرائد سيد الشرقاوي قائد الكتيبة واستقرت الكتيبة في مدرسة اشتوم الجميل وبدأت في مساعدة الشاردين على الطريق الشمالى القادم من العريش من خلال قوارب صيد ودخلت أحد فصول المدرسة وأغلقت على نفسي الباب ولم أسمح لأحد بالدخول حتى قائد الكتيبة وذلك حزنا على ماحدث ومكثت على مدار 48 ساعة حتى استدعاني قائد الكتيبة وقدمني إلى ضابط مخابرات فقد اخترت لمهمة معينه ووصلت إلى مكتب مخابرات بورسعيد وتم تعريفي بفرد من بدو من شمال سيناء عنده ثلاث ضباط مصريين جرحى لم يستطيعوا العودة ويجب إعادتهم .
....................................................؟

عدنا إلى بورسعيد حيث أقمنا في مدرسة أشتوم الجميل الخاصة ببورسعيد نحاول استيعاب ما حدث وبعد يومين وصلت إلينا كميات من أسلحة مضادة للدبابات عبارة عن RBJ من طراز جديد يدعى RBJ7 عديم الارتداد بينما كان الجنود مدربون فقط ونظريا على طراز RBJ2 العتيق وهو سلاح استخدمه الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الأولى وكان ضعيف التأثير والمدى بينما استخدم RBJ7 في الحرب العالمية الثانية ومع ذلك لم يصل إلينا إلا بعد النكسة أي بعد ما يزيد عن عشرين عاما على استخدامه في الحرب العالمية الثانية وبعد أن استلمنا شحنات الـ RBJ7 أدركنا انه وصل إلينا بدون ذخيرة فقمنا بالاتصال بقيادة الجيش فاخبرونا أن الذخيرة ستصل في اليوم التالي وهو ما حدث بالفعل لكن السلاح برغم ذلك وصل بدون دلائل الاستخدام (الكتالوجات) التي من المفترض أن تشرح أسلوب استخدام السلاح وقاعدة التصويب الخاصة به لأنه يختلف تماما عن الطراز القديم الذي تلقى الجنود تدريبهم عليه لكنني بعد فحص السلاح اكتشفت تطابقا بين تلسكوب التصويب الخاص به وبين تلسكوب المدفع الرشاش 14.5 المضاد للطائرات الذي تلقيت فرقة في استخدامه عام 1962 في مدرسة المدفعية وحصلت فيها على تقدير امتياز.

....................................................؟

أعلنت لقائد سريتي النقيب أحمد عبد الحميد سعودي قدرتي على استخدام السلاح الجديد لكنه لم يقتنع حتى توصلنا لاتفاق بأن اجري تجربة عملية أمامه في مطار الجميل بغرب بورسعيد وبعد نجاح التجربة كلفتني قيادة الكتيبة بتدريب جميع الجنود من حملة الـ RBJ2 على السلاح الجديد اعتبارا من صباح اليوم التالي وطبعا التدريب يبدأ من تعليم فك وتركيب السلاح وحركته الميكانيكية ثم قاعدة التصويب الخاصة به .. الخ.

....................................................؟

بعد ثلاثة أيام من التدريب النظري وقبل أن يبدأ التدريب العملي وصل الملازم تحسين عبد القادر في العاشرة من صباح اليوم الرابع وطلب مني جمع الجنود المتواجدين في المدرسة من أي فئة بعد أن وصلت معلومات بأن اليهود في طريقهم إلى مدينة بور فؤاد الواقعة في مواجهة بورسعيد على الضفة الشرقية للقناة وبالفعل جمعنا كل من وجدناه فكنا حوالي 18 مجند إضافة إلى ضابط واحد برتبة ملازم وهو فتحي على عبد الله وكل منا حمل ما استطاع من أسلحة وذخائر وركبنا عربة عسكرية وسلكنا طريق المعاهدة بورسعيد الإسماعيلية حتى وصلنا إلى نقطة إرشاد السفن المسماة برأس العش وترجلنا حتى شاطئ القناة وتولى نقلنا للضفة الشرقية أحد اللنشات الصغيرة الخاصة بهيئة قناة السويس.

....................................................؟

كانت المهمة واضحة تماما وهى منع اليهود من دخول بور فؤاد إلا فوق أجسادنا وكانت بور فؤاد خلفنا بحوالي 8 كيلو متر بينما أمامنا على بعد 2 كيلو متر نرى اليهود بالعين المجردة يتحركون بين مجنزراتهم وكأنهم ذاهبون إلى نزهة بينما نحن بإمكانيات شبه منعدمة بمعداتنا الخفيفة بدون أدوات حفر أو وسائل إعاشة أو حتى باقي معدات القتال.

....................................................؟

طبيعة الأرض التي جرت عليها المعركة كانت غاية في الصعوبة فهى عبارة عن لسان من الأرض موازي للقناة وسط المياه لا يزيد عرضه على 60 أو 70 متر على يمينه قناة السويس وعلى يساره منطقة ملاحات يصعب الخوض فيها وكان هذا اللسان هو الطريق الوحيد للوصول إلى بور فؤاد وهو ما يعني أنه لكي يحتل اليهود المدينة يجب أن يمروا من هذا الطريق وعلى الأخص الجانب الأقرب للقناة لأنه الجزء الأصلب من الأرض.

....................................................؟

بحكم دراستي للفنون العسكرية كنت على يقين أن اليهود يستخدمون دائما أسلوب الالتفاف والتطويق للمحاصرة بدلا من المواجهة المباشرة التي يخشونها ولذلك وعند توزيع الأفراد على الموقع وضعت فردين في المؤخرة بمدافع رشاشة خفيفة تحسبا لتطويقنا من الخلف.

....................................................؟

كان ينبغي علينا أن نمهد الأرض عسكريا استعداد لملاقاة العدو فكان على كل جندي أن يحفر لنفسه ما يسمى بالحفرة البرميلية وهى حفرة مستديرة قطرها نحو 80 سنتيمتر بعمق يسمح للجندي بالنزول فيها بحيث لا يظهر منه إلا رأسه وأكتافه ونظرا لغياب أدوات الحفر كان الجنود يحفرون بأيديهم في الأرض الصلبة وبسونكي البندقية والدبشك الحديدي لتكوين الحفر البرميلية والسواتر الترابية وتم حفر حفرة برميلية أكبر قليلا للملازم فتحي عبد الله في المؤخرة ومعه جندي الاتصال ليبقى على صلة بالقيادة طوال الوقت.

....................................................؟

بحلول الساعة الرابعة عصرا وصل إلينا دعم ممثل في مدفع من طراز ب10 المضاد للدبابات عديم الارتداد بطاقم مكون من 3 أفراد وهو مدفع أكبر حجما وأبعد مدى ويعمل عليه فردان واحد للتعمير وأخر للضرب وهو يطلق صوت مرعب لذا ينبغي لمن يعمل عليه أن يرتدي كاتم للصوت لحماية أذنيه كما وصل 4 رشاش خفيف و ( 4 ) أفراد وجهاز إشارة R105 من فصيلة الإشارة بفرد يحمله ومدفع رشاش متوسط يعمل بشريط طلقات بعدد 250 طلقة بعدد فردين من سرية المعاونة وهكذا أصبح عدد القوة بالضفة الشرقية 24 مقاتل بقيادة الملازم فتحي عبد الله وهو ضابط حديث التخرج قليل الخبرة لم يشترك من قبل في أعمال قتالية حيث تم دفعه إلى الجبهة في نهاية شهر مايو 1967 أي قبل النكسة بأيام.

....................................................؟

تم الدفع بجماعة من المهندسين العسكريين في منتصف المسافة بيننا وبين اليهود لزراعة الألغام المضادة للدبابات والأفراد في عجالة وكل هذا تحت سمع وبصر اليهود كما احتلت فصيلة هاون بقيادة الملازم نادر عبد الله خلف نقطة الإرشاد على الضفة المقابلة وصعد أحد أفراد الاستطلاع إلى صهريج المياه الخرساني لتوجيه النيران متى بدأ الاشتباك كذلك احتلت فصيلة قوامها 26 مقاتل بقيادة النقيب سيد إسماعيل أمبابي خلف أعواد البوص على طريق معاهدة القناة بالمنطقة المقابلة لبداية تقدم اليهود.

....................................................؟

كل هذه التحركات كانت مكشوفة وبالعين المجردة لليهود لكنهم برغم ذلك أرسلوا طائرة استطلاع صغيرة سوبر بكب حلقت فوق مواقعنا على ارتفاع منخفض جدا حتى أنني رأيت من موقعي قائد الطائرة وهو ينظر لنا ويضحك ولابد أنه أحصانا كلنا وعرف ما نحمله من معدات فضلا عن بث الرعب في نفوسنا هذا الطيار لابد أنه أبلغهم على الجانب الآخر ألا يقيموا لنا أي حساب فلابد أننا سنفر عند أول مواجهة وفي هذه الأثناء رأيت بالعين المجردة على خط الأفق في الجانب الآخر من الملاحات جنود إسرائيليين وهم ينفخون أحد القوارب المطاطية في حركة يعرفها جيدا أفراد الصاعقة حيث يتم نفخ هذا النوع من القوارب عن طريق جهاز يعمل بالقدم فيقوم فرد بالارتكاز على أكتاف فردين آخرين ويبدأ في الصعود والهبوط في حركة ميكانيكية حتى ينتهي من مهمته وهنا تأكد لدى حدسي بأنه يستعدون لعملية تطويق من الخلف في حالة تعزر الاقتحام من الأمام فقمت بلفت نظر قائد الفصيلة الذي بادر إلى وضع فردين في المؤخرة تحسبا لهذا الاحتمال لكن أحد قادة العمليات لقيادة مجموعة الصاعقة عبر إلى القناة للاطمئنان على أوضاع الفصيلة ورفض فكرة أن يقوم اليهود بالالتفاف على الموقع عبر الملاحات فقام بتعديل وضع الأفراد قبل أن يعود إلى الضفة الأخرى فراجعت الملازم فتحي عبد الله في أن يعود الفردين إلى مؤخرة الموقع لكنه رفض الفكرة تماما وكان هذا خطأ جسيما دفعت الفصيلة ثمنه غاليا.

....................................................؟

انقضت الساعات الأخيرة من النهار في تحسين الأوضاع واستكمال الذخائر دون راحة أو طعام أو شراب برغم توفر هذا كله لكن التركيز كان من الجميع على المعركة وحدها ومع أخر ضوء تحديدا قبل المغرب بنحو 10 دقائق بدأت القوات الإسرائيلية في فتح نيرانها علينا على سبيل اكتشاف المدى الذي ستصل إليه لتحديد موقعنا بدقة ثم وجهت نيران دباباتها نحو فصيلة النقيب سيد إسماعيل أمبابي الذي كان يشكل خطرا أكبر على اليهود لكن هذه المجموعة الصغيرة التي لا يتعد قوامها 26 مقاتل نجحت في تعطيل اليهود لنحو 3 ساعات كاملة إلى أن سكتت نيرانهم فبدأ في التقدم وتوجيه نيرانه لضرب صهريج المياه على الضفة الأخرى لإسقاط نقط توجيه النيران وضرب المنطقة المحيطة به المنتشر بها مدافع الهاون وبالفعل تمكن من ضرب الصهريج الخرساني وإسكات مدافع الهاون ولم يبق أمامه غيرنا.

....................................................؟

بدأ العدو في التقدم نحونا وفتح نيرانه علينا في الوقت الذي لم نكن نملك فيه أي أسلحة يمكنها أن تصل إليه لذا لم يكن أمامنا ألا أن ندخر الذخيرة حتى يتقدم العدو أكثر وبالفعل اقترب العدو حتى وصل إلى منطقة الألغام بالرغم من أنه كان يرى زرعها بعينية لكن تفاديها كان صعبا.

....................................................؟

وسط هذا الصخب كان الملازم فتحي عبد الله يرقد في حفرته خلف الحفرة وبسبب حداثته بالمعارك كان ينادي علي كلما سمع صوتا ليسأل إيه ده يا حسني يا سلامة؟ فأجيب : 5 دانات هاون جايين في السكة وطي دماغك.

....................................................؟

بعد أن تخطى العدو منطقة الألغام ووصل إلى نحو 800 متر وأصبح في مدى نيران المدفع ب10 الذي وصل إلينا بعد أن غادرت طائرة الاستطلاع الخاصة بهم ولم يكونوا على علم بوجوده وبالفعل شكل هذا المدفع مفاجأة لهم قبل أن يركزوا نيرانهم عليه ليصيبوا طاقمه المكون من فردين ويحطموا تلسكوب التنشين الخاص به وحينما وصلت لموقع المدفع لم أجد طاقمه ويبدو أنهم انسحبوا إلى الخلف ووجدت الذخيرة الخاصة به لكن جهاز التنشين كان معطلا فلجأت إلى التصويب عن طريق ماسورة المدفع بشكل تقريبي بحيث كنت استعين بفتح كتلة المدفع من الخلف وأوجه الماسورة قبل التعمير ثم أعمر المدفع وأطلقه كل هذا بدون كاتم صوت.

....................................................؟

قبل النكسة كنت قد قضيت 3 سنوات كاملة في اليمن فاكتسبت خبرات أهلتني لاستخدام معظم أنواع الأسلحة، وكان على في هذه المعركة أن أتولى استخدام 9 مدافع RBJ لأن الجنود لم يتموا بعد تدريبهم عليها فكنت أطلق القذيفة وأترك السلاح لحامله ليتولى إعادة تعميره وأذهب للآخر بنفس الطريقة وقد أصاب ذلك العدو بالتخبط وعطله عن التقدم لنحو ساعتين.

....................................................؟

بدأ العدو في استعمال القذائف الفسفورية لإضاءة أرض المعركة وهى طلقات حارقة إذا سقطت على الجلد تصيب المقاتل بحروق بالغة من الدرجة الأولى أما إذا أصابت الثياب فهي تجعل المقاتل هدفا سهلا للإصابة لأنها تجعله مميزا وواضحا وسط الظلام لذلك أمرت المقاتلين بخلع ملابسهم وإلقائها على الناحية العكسية إذا أصابتهم أي قذيفة من هذا النوع.

....................................................؟

في الساعة الثانية صباحا أجرى الرئيس جمال عبد الناصر اتصالا تليفونيا مباشرا بالموقع حيث أبلغ القائد بترقية جميع المقاتلين في الضفة الشرقية للدرجة الأعلى ومنحهم نوط الشجاعة وحثنا على ألا نسمح لليهود بالمرور إلى بور فؤاد إلا فوق جثثنا.

....................................................؟

بدأ العدو يدرك صعوبة المرور بشكل مباشر فلجأ للخداع فتقدم أحد أفراد استطلاع العدو ووضع جهازا صوتيا بين أشجار عشبية قريبة لكي نصوب أسلحتنا الصغيرة إليه وبما أنه من المستحيل أن تصل إمدادات إلينا فتوقع أن نفر هاربين بعد أن تنفد ذخيرتنا لكنني أدركت الخدعة بفضل من الله فمنعت الجنود من إطلاق أي طلقة على الأشجار وتقدمت قرابة المائة ياردة وبأحد مدافع الـ RBJ وبغريزة التوجيه على الصوت أطلقت أحد الدانات ليصمت الصوت إلى الأبد وخلال التبادل النيراني الكثيف وفي لحظة شديدة الغرابة توقفت القوات المعادية عن الضرب فجأة وأسكتت كافة نيرانها وكان لهذا معنى واحد هو أن العدو له قوات خلفنا يخشى إصابتها وانه قام بتطويقنا بالفعل كما كنت أخشى فنبهت الملازم فتحي عبد الله وأشرت عليه بإرسال حاملي الرشاشات الخفيفة لتأمين المؤرخة لكنه رفض وخلال هذا الجدل رأيت 7 أفراد على خط الأفق خلف الموقع موجهين نيران أسلحة صغيرة علينا وقال صوت ينطق بعربية سليمة : ارمي السلاح كل واحد يسلم نفسه ويرفع إيديه فوق .. فتأكدت أن الواقعة وقعت وتم تطويقنا وكان الأقرب إلى المهاجمين من الخلف هو ضابط الموقع فتحي عبد الله وفرد الإشارة الملازم له في الحفرة وسمعت صوتا يسأل: انتو مين ؟ انتو يهود ولا سودانيين .. فصرخت بأعلى صوتي : أنزل يا فتحي دول يهود .. في الوقت ذاته تحركت بسرعة ووجهت رشاش خفيف (جرونوف) إلى اتجاه الملاحات لضرب أي شئ يتحرك مهما كان وضغطت على زناد المدفع موجها إياه إلى الجميع ولم أتوقف إلا بعد انتهاء شريط الرصاص المكون من 250 طلقة ولم أتحقق من مقتل المهاجمين إلا بعد أن سمعت أصوات الدبابات والمجنزرات تتقدم من جديد لقد فشل التطويق ولم يعد أمامهم إلا الهجوم من الأمام وبدون لحظة تفكير وجهت الرشاش إلى القوات المهاجمة وصرخت في الجنود للاشتباك مع المجنزرات التي كانت عديمة الفائدة في الحقيقة مع هذا المدى القريب لكن العدو كان يستخدمها لبث الرعب في الجنود ومع ذلك دمرنا دبابة وعربتان مجنزرتان على بعد 80 إلى 100 متر واشتعلت النيران ودوت الانفجارات وأنا أتنقل وثبا من موقع إلى موقع مثل الكانجارو وعاقت هذه المركبات المحترقة تقدم من خلفها واستمر التراشق قرابة نصف الساعة قبل أن يفر اليهود هاربين وبعدها ساد صمت طويل.

....................................................؟

مع أول ضوء اكتشف أنني الحي الوحيد في هذا المكان وأن المهمة نُفذت بنجاح وان العدو فر هاربا وأفقت على صوت الرائد السيد الشرقاوي قائد كتيبتي وهو يناديني من الضفة الغربية للقناة ويأمرني بالعبور إليه سباحة قبل أن يجذبني من يدي ويخرجني من مياه القناة إلى سيارته الجيب التي كانت تختبئ خلف الأحراش متجهين إلى بورسعيد.

....................................................؟

في اليوم التالي وجدت طلبا لمقابلتي من النقيب أشرف مروان صهر الرئيس جمال عبد الناصر وما إن رآني حتى احتضنني بقوة وعرفت أنه كان مع الرئيس جمال عبد الناصر في مكتبه يتابعان المعركة مباشرة واتضح أن خط اللاسلكي كان مفتوحا طوال الوقت وموصلا بنقطة الإرشاد ومنها بشكل مباشر إلى الرئيس جمال عبد الناصر شخصيا في مكتبه حيث ظل مستيقظا طوال الليل يتابع المعركة ويخط على الورق تصوراته حول سير المعركة وعلمت أنه خط أسمي حوالي 12 مرة فلما سأله من هذا قال : في واحد هناك أسمه حسني سلامه هو اللي شايل المعركة على أكتافه.

....................................................؟

خلال الليل قمنا بإخلاء الجرحى والمصابين وفي اليوم التالي حاول العدو تعديل أوضاعه والهجوم فتصدت له أحد وحدات الصاعقة من الكتيبة 103 وهرب العدو مرة أخرى بالقرب من قطاع القنطرة شرق وفي داخل عمق سيناء.

....................................................؟

أذكر قائد العملية الرائد السيد الشرقاوي، ورئيس العمليات النقيب أحمد شوقي الحفني، وقائد فصيلة الضفة الشرقية الملازم فتحي عبد الله، رقيب الفصيلة حسني السيد سلامة، وضابط المعاونة هاون الملازم نادر عبد الله، مدفع ب10 رشاشات الملازم محمود الجزار (استشهد) والعريف محمود أمين والعريف محمد سلامة والجنود بكري سيد أحمد ومحمد إبراهيم أبو زيد والسيد عبد الحميد محمد وعبد المنعم إبراهيم الجزار، مجموعة الضرب من الضفة الغربية من قوة السرية 2 الكتيبة 43 صاعقة الفصيلة 3 النقيب سيد إسماعيل أمبابي والملازم/حامد جلفون والرقيب إبراهيم الدسوقي محمد والعريف محمد خميس حمد والعريف طلعت إبراهيم خليل والجنود فؤاد عبد المنعم حمد وسعيد حامد وعبد المرضي مبروك محمد وأحمد محمد السيد وعبد الله محمود شنش وعبد الحميد عبده ومحمد أحمد حسين عيد وسمير طايع سلطان ومحمد عبد العال راشد وعبد العظيم جعفر والنحاس محمود محمد ومحمد عبد المحسن عبد الرازق وفوزي محمد عبد الله وعاشور العوى (أصيب) ومحمد عبد الحميد سويد (أصيب) والسيد مهني محمد (أصيب) وسعيد على أحمد (أصيب) والشهداء: صلاح الدين محمود محمد ومحسن محمد حسن البطيح ومحمد عثمان إبراهيم ومحمد عبد السلام واصل .

....................................................؟

مصر كنانة الله في أرضه وأتمنى تدريس البطولات في المناهج الدراسية حتى يعلم الأبناء قيمة مصر وأبطالها .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى