الأحد ٢٣ حزيران (يونيو) ٢٠١٩
بقلم كريم مرزة الأسدي

خاطرة: الحلقة الأولى

إشكالية التعصب للعقل الجمعي المتوارث، واجتهاد العقل الفردي المعاصر

يقول إلبرت إنشتاين الشهير (1879- 1955م): مشكلتنا الكبرى في مثالية الوسيلة، وغموض الغايات، وهو صائب في قوله، ولكن المصيبة الكبرى عندما الغايات تبرر الوسائل، والغايات غامضة!! و(الغاية تبرر الوسيلة)، نهج نيكولو ميكافللي( 1469 - 1527م) في كتابه ( الأمير)، الذي سار عليه طغاة العالم، وليس هذا قصدي من مقولة إنشتاين، وإنما نحن عندنا المشكلة الكبرى التي نكبت وطننا الحبيب، وأمتنا المجيدة، وخلّفتنا، ودمّرت أوطاننا هي مرض (الازدواجية الشخصية) النفسي الاجتماعي الرهيب، ترانا - كأفراد وأدباء وشعراء ومثقفين وعلماء، إلا القليل الواعي للمشكلة- يترك رأيه الشخصي، واجتهاده، وتجاربه في لحظات، وينجرف - تعصّبًا- مع العقل الجمعي- مهما كان- حتى لو أوصله لظلم الآخرين ونكبتهم وتدميرهم كأفراد أو جماعات!! وربّما إذا وعى بعد المسايرة المتعصبة الظالمة للعقل الجمعي، يعلل ما عمله ظالمٍا بقول المتنبي العظيم:

بذا قضتِ الأيّام ما بين أهلها
مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ!!

يقول المؤرخ الإنكليزي الشهير (أرنولد جوزف توينبي 1889م - 1975م): الشعوب التي لها تاريخ عميق وعريق، ليس لها حضارة معاصرة، والسبب - كما أرى- لأنها تتمسك بجذورها القديمة، أو تجذبها قوة التاريخ الهائلة إليه.

ومن هنا يتوضح لنا بجلاء أن قوى النزعة القبلية والعشائرية والطائفية، وما تراكم من اجتهادات فقهيةغير سليمة - ربّما كانت تلائم عصرها- حملها العقل الجمعي معه كمسلمات لا تقبل النقاش والجدال والتطور وفق مقاييس عصرنا الذي نعيش به، وهكذا تعوّدنا أن نرتكز على العقل الجمعي الرهيب في مواقفنا، وحكمنا على الآخرين كأفراد وجماعات وقوانين وظواهر، ونرمي بتجاربنا واجتهاداتنا، وما يرتأي عقلنا الفردي عرض الحائط، وعلى الدنيا السلام!!!
وبالتالي أرتأي: احترم العقل الجمعي المتوراث، ولكن لا تتعصب إليه، و لا تجعله يهيمن على اجتهاد عقلك الفردي المعاصر، كي نوّلد عقلًا جمعيًّا معاصرًا.
رحماك يا رب الأرباب.....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى