الجمعة ١٣ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم
إِجَّاصُ الأَقَاصِي
إِجَّاصُ الأَقَاصِييُطَالِعُنِي ويَطَّلِعُ عَلَيَّ؛أَنَا تَوَهَانُهُ المُفْتَرَضُوَهُوَ تَقْتِيرُ الانْكِشَافِ.يُهَدْهِدُ يَقَظَتِي بِمَعْدَنِ الضُّلُوعِ الدَّمِثِ،وَلَا تَتَبَخَّرُ حَرَارَةُ الرُّوحِ عَنْ سِتَارَةِ الرُّؤْيَا؛هكَذَا امْتَعَضْتُ مِنْ فَوْرَةِ الْعُمْرِ الشَّقِيِّوَهُوَ يُرَتِّلُ أَحْشَاءَهُ السَّاخِنَةَ دُونَ زَوَالِ أَوْرَاقِهِ.فِي هذِهِ الْغَايَةِ- الْغِوَايَةِلَعْنَةٌ تُعَابِثُ جِدَّةَ مَائِي بِرَغْوَةِ غَيَاهِبَ تَتسَطَّحُ عَلَيْهِ،فَأَتَمَرَّسُ- مُجَدَّدًا- ضِدَّ قَصُورِ نُبْلِهِفَأَنَا لَمْ أُدْرِكْ بَرَاعِمَهُ المَرِيضَةَ بَعْدُ.وَإِذْ يَنْدَفِعُ مَطَرِي المُرُّ هذِهِ اللَّيْلَةَ-دُونَ سُحُبٍ مُطَهَّرَةٍ-تَرِفُّ نَارٌ نَهِمَةٌ كَرَشَاقَةِ شَبِقٍفَوْقَ سَجَّادَةِ الْجَسَدِ.. تَصْطَلِيهِ.كَالَّذِي يَتَلَذَّذُ بِانْخِطَافَاتِ الْحَوَاسِّنَحْوَ عَاصِمِهَا؛ذلِكَ الصَّدَى الَّذِي يُرَدِّدُ رَخِيمَ لَوْنِيبِنُحُولِ بَرِّيَّتِهِ.إِزَاءَ هذِهِ المَفَاتِنِ المُقَنَّعَةِ بِقَرْصَاتِهَا السَّقِيمَةِأَخْتَرِعُ مُبَالَاةً مِنْ وَضِيءِ الشُّعُورِلَعَلَّ عَيْنًا نَقِيَّةً- هِيَ فُرْصَةُ اسْتِرْخَاءٍ-تَنَالُنِي مِنَ انْتِثَارِي الثَّرِيِّ.أُوَشْوِشُ كَرْنَفَالَ اللَّوْحَةِ الَّتِي تَتَسَطَّرُنِي؛يَنْدَاحُ مِغْنَاطِيسُهَا المُزَغَّبُ بِكَهْرَبَاءِ آهَاتٍ مُتَمَطِّطَةٍفَوْقَ شِرَاعِ شَسَاعَتِي الضَّئِيلِبِكُلِّ يُسْرٍ وَرَهْفَةٍ.مُزَيَّنٌ بِآنٍ بَعْدَ آنٍ بَعْدَ أَنْ تَمَوَّجَ السَّطْحُبِضَبَابِ مَرْمَرٍ جَائِعٍ لالْتِهَامِهِ،وَالْفَمُ عُصْفُورٌ ضَئِيلٌأَمَامَ هذِهِ الْفَدَاحَةِ.. يُرِيقُنِي.كَأَنَّ وَهْمًا يُدَاجِي أَبَارِيقَ الْبَرِيقِ الَّتِي مَا انْسَكَبَتْعَلَى مُنْحَدَرِ الْبُزُوغِ،وَكَأَنَّهُ تَرْويضُ الذِّرَاعَيْنِعَلَى مُرَاوَدَةِ الظَّمَأِ.أَرْشُقُ طِلاَئِيَ المُتَهَافِتَ خَارِجَ قِمَاشَةِ الْحَيَاةِ،وَهُوَ يَتَدَلَّى شَفَرَاتِ دَغْلٍ دَاخِلَ غَيَابَةِ غِيَابِهِ؛لِمَ كُلُّ هذَا الْجُهْدِ فِي الْفَرَاغِ اللَّعِينِأَيَّتُهَا الْفِطْرَةُ الذَّاوِيَةُ؟سَأُطِيعُ صَبْرِيَ الَّذِي يَمْتَصُّ عَرَقَ حَيَوِيَّتِي الْفَائِضَةِإِلَى أَجَلٍ، لَعَلَّ كُنُوزَهُ المُتَقَافِزَةَ- مِثْلَ قِطَطٍ حَبِيسَةٍ-تَلِيقَ ذَاتَ يَوْمٍ بِمَفَاتِيحِ جَذْوَتِي.لَكَمْ أَنْتَ هذِهِ الْفُرْصَةُ الْعَصِيَّةُأَيُّهَا الْقِيثَارُ الَّذِي يَشُدُّ أَوْتَارَهُ بَيْنَ كَلِمَاتِي وَكَمَائِنِهِ؛إِنَّكَ تُبْهِرُ سَكِينَتِي المُسْتَوْحِشَةَحَدَّ أَنَّنِي عَاقَبْتُ الْجَمَالَ بِوَقَاحَةٍ نَضِرَةٍ.أَعْبُرُ إِلَيَّ أَثَرًا عَلَى بَطْنٍ أَبْيَضَوَلا تَجِدُنِي خُطَايَ،وَأَعْصُرُ نَفِيرِيَ المُتَشَاهِقَ حُزْنًافَتَجِفُّ أَنَايَ.الأَزْرَقُ يَمْتَلِئُ تَشَنُّجًامِنْ عَافِيَةٍ تُجَرْجِرُ سَاقَيْهَا فِي مَكَانِهِمَاذلِكَ أَنَّ الْجُدْرَانَ لَمْ تَزَلْ جُذُوعًا رَطْبَةًوَالْقَلْبُ يُقَلِّبُ شَفَتَيْهِ بِعَضَّةٍ مُخْتَلَسَةٍ.رُبَّمَا مَرَّةً وَاحِدَةً تَكْتَنِفُنِيبِمُحَاذَاةِ مَنْزِلٍ يَقِظِ الظُّلْمَةِأَقْوَى بِهَا نَغْمَةً مَهمُوسَةًأَمَامَ نَهَارِ الابْتِسَامَةِ المَعْدَنِيَّةِ.ثُمَّ جَذَبَنِي بِخَدَرِهِ المُتَوَرِّدِ مِثْلَ عِطْرٍيَتَخَثَّرُ فِي دَمِهِ الْأُقْحُوَانُ، فَهذِهِالمَسَامَاتُ الَّتِي تَتَحَيْوَيُ مِنْ نَقَرَاتِ سَأَمِهِ الْكَثِيفِتُشَرْنِقُنِي بِرَائِحَةِ أَوْصَافِهِ الصَّائِبَةِ.سَيَكُونُ- أَوْ هكَذَا أُمَنِّي النَّفْسَ- كِتَابَ النَّشَوَاتِعَلَى سُرَّةِ سِيمَتِهِ الْعَالِيَةِ،إِذْ لا أَبْهَى، وَلا أَدْنَىمِنَ افْتِتَانٍ كَهذَا.أَكْثَرُ المَرَايَا تَنْقَعُ الشَّبَهَ بِمَاءِ فِضَّتِهَاثُمَّ إِلَى زَوَالٍ،أَمَّا مِرْآتِي الْخُلَّبيَّةُ الطَّبْعِفَتَتَطَبَّعُ بِأَثَرِي المُخْتَفِي.أُفَتِّشُ- بِسِرِّيَّةٍ- عَنْ أَسْرَارِهِ المُوبِقَةِفَهذِهِ الْغَيَاهِبُ تُعَلِّمُنِي حِكْمَةَ التَّحْدِيقِ بِانْكِفَاءِ الْحَدَقَتَيْنِ عَلَى مَائِهِمَاكَأَنَّهُمَا سَهْمَانِ إِلَى غِشَاءٍ.لَمْ تَعُدْ فُصُولِي رَحْبَةَ الْغَوْصِ دَاخِلَ أَقَالِيمِي الْجَائِزَةِ؛ثَمَّةَ دَوَّامَةٌ لَزِجَةُ التَّفْكِيرِتَلْتَصِقُ بِبِلَّوْرِ قُطْبِهَا الْأَوْحَدِبِلا مَجَازٍ.حَيْثُ إِنَّهُ خَلْفَ كُلِّ احْتِمَالٍأُصَوِّبُ نَأْيِيَ الأَرْعَشَ نَحْوَ افْتِرَاضِ عُذُوبَتِهِ؛ذلِكَ السِّجْنُ الَّذِي لَمْ يُبْقَرْ بَعْدُبِشَقْوَةِ الرَّأْسِ.كُلَّمَا أَدْخُلُ شُرْفَتي الْفَاتِرَةَكُلَّمَا تَوَاطَأَتْ مُخَيَّلَتِي مَعَ طُقُوسِهِ الْحَالِمَةِ؛فِكْرَةٌ جَافَّةٌوانْخِطَافٌ بَلِيلٌ.تَنْفَجِرُ الثَّمَرَةُ مِثْلَ فُقَاعَةٍ مُدْهِشَةٍلِأَنَّ مَا يُدْرِكُهُ الْفَمُ النَّابِتُ باشْتِهَاءٍ وَحْشِيٍّيَتَنَاثَرُ فِي فَضَائِي الْقَانِيكَجِدَارِ مِصْبَاحٍ نَزِقٍ.الْهَوَاءُ يُلاعِبُ جُمْلَتِيوَأَنَا أَلْمِزُ تَوْأَمَ طَعْمِهِ بِخَاصِّيَّةِ شِرْعَتِي..كَامِدَةٌ شُعْلَتِي الْسَيَّجَهَا صَقِيعُ عِلَّتِي المَألُوفَةِحَيْثُ رَحَابَةُ الْعَالَمِ ضَيِّقَةٌ عَلَى الرُّوحِ الْوَلَدِ.مَعَ اكْتِمَالِ الأَلَمِ اللاَّزَوَرْدِيِّونُضُوجِ حَبَّاتِهِ بَعِيدًا عَنْ قِطَافِ اللُّعَابِ،أَصْرُخُ فِي بَرِّيَّتِي المَمْسُوسَةِ الْغُبَارِ:أَيْنَ أَنْتَ يَا مُفْتَرَضِي؟كَأَنَّهُ مُعْضِلَةٌ وَلا حَلُّكَأَنَّنِي هَاويَةٌ وَلا أَصِلُكَأَنَّنَا اضْطِجَاعُ المَسَافَةِ النَّابِيَّةِبَيْنَ شَفْرَتَيْ جُرْحٍ.