السبت ١٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم حميد طولست

التلاميذ يحملون نصف أوزانهم

يشتكي الكثير من الآباء والأمهات الفقراء منهم على وجه الخصوص من وضعية أبنائهم المقلقة، حيث يرغمون على حمل محافظ ثقيلة لمسافات طويلة خلافا لأبناء الميسورين الذين تحملهم وأثقالهم سيارات النقل الخصوصي المريحة جدا، أو سيارات أهاليهم الفارهة.. وقد كشفت آخر الدراسات التي أجراها رئيس مركز (السكوليوز) الألماني البروفيسور (كلاوس سيلكي) على عدد من الدول العربية، أن نسبة الإصابة ب(السكوليوز) تبلغ 90 بالمائة وتبقى الأكبر تلك المسجلة لدى الإناث بالدرجة الأولى.

كما أوضح أحد المختصين أن مضاعفات داء السكوليوز لا تقتصر على آلام الظهر، بل تتسبب في الإرهاق والتعب بسبب ضيق القفص الصدري من الجهة المقابلة للاعوجاج الذي يضغط على الرئة، إضافة إلى تشوه شكل الجسد وظهور الحدبة.

وقد تبين أن هذا الداء كثير الانتشار في أوساط المتمدرسين من تلاميذ المدارس الابتدائية. ومن ظواهره التواء في العمود الفقري يمينا أو يسارا لأسباب عديدة، أهمها على الخصوص ثقل الحقيبة أو المحفظة المدرسية التي تبقى العامل الأهم في استفحال هذا الداء لدى الأبناء المتمدرسين، خاصة مع نوعية المحافظ غير المناسبة الرخيصة الثمن، التي يقتنيها الآباء مع بداية كل دخول مدرسي، إذ يبقى الإجماع على أن معدل وزن الكتاب هو 1.5 كلغ تقريبا.

وإذا كان التلميذ يتلقى في اليوم الواحد ستة أو سبعة حصص، فإن الوزن الذي سوف يضطر إلى حمله قد يقارب الخمسة عشر كلغ، فيما لا يتعدى وزن الطفل في التاسعة من العمر الثلاثين كلغ، أي أنه يحمل نصف وزنه على كتفيه فيضطر إلى الانحناء إلى الأمام ليحقق التوازن ليجد نفسه مع مرور الأشهر مصابا بداء السكوليوز. وإذا كان المختصون توصلوا إلى تحديد السبب الرئيسي لانتشار هذا الداء والعمل على الوقاية منه باتّباع مختلف الأساليب والطرق العلمية لحماية الأطفال، بداية من الطريقة التي ينام بها الطفل في سنواته الأولى، إلى نوعية المحفظة التي يحملها حينما يتوجه إلى المدرسة، ثم طريقة جلوسه على كراسي الدراسة، فإن أمرا كهذا يبقى مهما اجتهدنا مقتصرا على المجتمعات الغنية والمتقدمة التي تراعى فيها مصائر الأبناء قبل الأولياء..

أما حينما نتكلم عن الوضع في مجتمعنا الفقير وفي ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية به، وجهل الأولياء لمثل هذا الأمر ومدى الخطورة التي يشكلها على أبنائهم، فإن ذلك يدعونا إلى التساؤل عن المعطيات المسجلة عندنا، وما موقعنا وموقع أبنائنا من هذا الداء؟ خاصة وأن أسباب تفشيه واضحة للعيان والواقع يشهد عليها بداية من نوعية المحافظ التي تباع في السوق وشكاوى الأولياء وحتى الأطفال المتمدرسين، من كمية الكتب والكراريس التي يضطرون إلى حملها معهم يوميا إلى المدرسة. فيكفي القول أن تلميذا في الثامنة من عمره يدرس في السنة ثالثة ابتدائي يضطر يوميا إلى وضع سبعة كتب ومثلها من الكراريس في محفظته ويتوجه بها إلى المدرسة. ويزداد الأمر تعقيدا حينما نعلم أن تلك المعاناة يواجهها أطفال القرى والمداشر في ظل غياب النقل المدرسي، مما يعني أن الطفل مضطر لقطع عشرات الكيلومترات بمحفظة تزن خمسة عشر كيلوغرامات.

وللتخفيف من المشكل يوصي المختصون بضرورة ألا يتجاوز وزن المحفظة عشرة بالمائة فقط من وزن التلميذ، بينما هي اليوم تقارب النصف ويجب أن تكون الجهة المحمولة على الظهر مبطنة بالاسفنج كي يمتص ثقل الوزن على الكتفين ولا تؤذي الجلد أو تحبس الدم.. كما يجب أن يكون الحزام على الكتفين أفضل من الكتف الواحدة، إضافة إلى حزام الخصر الذي يثبتها كي لا تتحرك أثناء السير فيميل ثقلها على جسد الطفل.. وتبقى الجهات القائمة على شؤون التربية لها هي الأخرى دور في تدريب التلاميذ على حمل الحقائب بطرق صحية وسليمة، مع حرصها على ضرورة النظر في إمكانية تجزئة وتقليص الكتب الكبيرة الحجم والوزن إلى أقسام صغيرة خفيفة لتفادي الإصابة بداء ’’السكوليوز’


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى