الأحد ٢ آذار (مارس) ٢٠٠٨
مهرجان مرايا

المشهد الثقافي السعودي بالبحرين

بقلم: حسين الجفال

مرةً أخرى يتجلى "ملتقى الوعد الثقافي" في مهرجانه الخليجي الثاني بلا دعمٍ مؤسساتي، وبمجهوداتٍ فرديةٍ محضةٍ يقتحمُ جدارَ الصمتِ إلى مداراتِ الفِعلِ الثقافي وهذا ما أكّده الدكتور يوسف مكي حينَ سألناه عن مستقبل الوحدة العربية على هامش محاضرته قال " الوعد الثقافي نموذج شعبي ذوإرادةٍ صلبةٍ وحماسٍ نضالي نحوالفعل والاستماتة للرُقي الحضاري بمكونات الإنسان البيئية الإجتماعية حيثُ أن الفكرة تخلقُ أبعادً واسعة من التكوين المعرفي والإنساني" وقد انشغل "الوعد الثقافي" هذه المرة للدخول إلى بؤرة الحراك الثقافي بالفنِّ حيثُ احتشد الجدولُ بالوسيقى والتشكيل والمسرح والشعر والفكر والحوار، بهذه الهواجس البسيطة تتماهى الفلسفاتُ ضمنَ عربةِ التحولات الحضارية التي يَحلُم بها منضموا الوعد الثقافي "حسين الجفال ومحمد الفوز وفاضل عمران "......

بدأ اليوم الأول
بافتتاح المعرض التشكيلي الرباعي لكل من "زمان جاسم وفهد خليف وزهراء المتروك وعلا حجازي" في "البارح كافيه" حيثُ افتتح المعرض الأستاذ مبارك العطوي نائب رئيس الملتقى الأهلي البحريني، وقد تباينتْ انطباعات الحضور حول مشهدية اللوحة الفنية التي تَدلُّ على ذاتها وتختلف التعبيراتُ حولَ مفادها، في حين اختلاف المبدع ذاته أثناء شروحاته التي يطرقُها بشفافية متعالية، فالفنان زمان جاسم يلعب على فكرة الموروث لتحويله إلى معنى بصري رمزي وهذه النزعة الجمالية لاجتذاب القديم إلى حداثةٍ محتملة هومحاولة لإزاحة المعنى الأول والاتجاه به إلى منظورٍ خاصٍ أكثر خصوصية من قيمته الأولى بخلافِ أعمال زهراء المتروك التي رسمتْ المرأة بفمٍ ناقصٍ تارة وتارة أخرى بلا أذنٍ أوبلا عينٍ وهذه نظرة واقعية للمرأة الشرقية المستلبة في واقعها المعاش، فهي فعلا ذاتَ إرادةٍ ناقصةٍ إنْ لم نقل بلا إرادةٍ في زمنٍ سحيق وهوتعبير دلالي يقودنا إلى تراكم تاريخي لامرأةٍ كانتْ تعيشُ بلا وجودٍ فاعلٍ، وفيما تتجه الفنانة عُلا حجازي إلى تصوير المرأة بطفولةٍ فاتنة وبأزياءٍ بريئةٍ لا تقل دلالة عن الهروب من عقليةِ الكبار والاتجاه إلى اللامعنى إلى البساطة في التعبير عن فكرةٍ مختزلة على الأرجح ولكنها متشعبة لأن الطفل القابع في دواخلنا إذا كبُر سيموت حتما وقد تكون هذه الفكرة أشدّ ائتلافا مع واقعنا العربي، أما فهد خليف فهومختلف في خاماته التشكيلية وفي مفرادته الإبداعية إذ يَغوصُ بألوانه إلى عوالم غامضة وتحتاج إلى تفسيراته وهوالغائب الوحيد عن المعرض لم يكن غيابه إلا حالة رمزية تُشبه لوحاته المنعزلة والتي تحتاج إلى طقوسٍ موغلة لاستكشافها.

ضمن فعاليات مهرجان "مرايا المشهد الثقافي السعودي" بالبحرين عُقدتْ محاضرة للدكتور يوسف مكي بعنوان "الوحدة والتداعيات" في نادي العروبة بحضورٍ سعودي وبحريني مختلف، كانَ مفهوم الوحدة هوالمحور الأشد إلحاحا في ذهنية الدكتور يوسف، حيث استعرض تعريفات الوحدة والاستراتيجيات العربية التي تتجه بالوحدة إلى الضوء، وهويحاول استشراف ملامح وحدوية من منظور شعبي واجتماعي، حيثُ إن السياسات متسلطة ويجب أن تخرج الإرادة من عمق الجماهير، ضرب مثلا باستقالة الزعيم عبد الناصر الذي استفزتْ الجماهير وخرج أكثر من عشرة ملايين مواطن لرفضها علنا، فهذه اللحظات الحاسمة تشكل منعطفا مهما في وعي الأمة وتصبُّ في نهر الوحدة الذي يجري بهدوءٍ تامٍ، أكّد " أن الوحدة لا تحتاج إلى أيدلوجيا" و" أن فلسطين هي قضية مشتركة نحومصيرٍ واحدٍ لابد من التوحد حولها والفكاك من خشية المستقبل بتحريرها من جبروت الصهاينة" بدى الدكتور متفائلا بالإرادة الشعبية ومتخاذلا إلى حدِّ ما من الفِعلِ السياسي العربي الذي يرتهن للمصالح الأمريكية والاستكبار العالمي، حيثُ أن المستقبل بيد كُل مواطن عربي، وأن هذه الأمة تمتلك مقومات الحضارة والحراك الاجتماعي والمجد التاريخي ليس هراء، إنما هوامتداد للفعل، لكن الخيبة لم تكن أسبابها داخلية إنما المعاهدات والمواثيق الدولية جرَّتْ بالمنطقة إلى الهاوية ابتداءً من معاهدة سايسبيكووانتهاءً بالوعد المشؤوم "بلفور" الذي قضى بضرورة تشكيل دولة يهودية، بالمجمل أثبت فشل بعض النداءات التغريبية مثل دعوة لويس عويض لجعل مصر جزءا من أوروبا وأن الخير لمصر أن تتخلى عن القضية العربية وأن تتخلى عن اللغة العربية وأن تلتحق بالركب الأوروبي وكذلك توفيق الحكيم الذي قال إن مصر جزء من أوروبا، لقد فنَّد هذه الدعوات البالية التي لم تَدم ولم تحقق لها أنصارا، فالنضال الحقيقي هوالرُّقي بالأمة والتفاني من أجل وحدتها واستشراف مستقبلها بأمانة وانتماء لا أن نهذي بالفشل والتواطؤ، كما كانتْ مداخلات منيرة موصلي وفاضل عمران تتماشى في سياق الحديث الوحدوي حتى تعقيبات مدير الجلسة حسين الجنبي كانتْ تستفرد ضرورات المرحلة التي تحتم علينا التفكير في الاتحادات المشتركة وتوحيد الكيانات السياسية والدويلات الصغيرة إلى دولةٍ واحدةٍ لتشكيل قوة مهيبة ومستقبل صاعد. بالنهاية أشاد الدكتور يوسف مكي بفكرة "ملتقى الوعد الثقافي" وأنه فعلٌ متحفز لتشكيل مناخ ثقافي عربي مشترك يتماهى مع الآخر ولا يفترض العداء أوالخيبة إنه التفاؤل الذي نبحث عنه والإصرار الذي يقودنا للمستقبل.

في يومه الثاني يتألق (مرايا المشهد الثقافي السعودي) شعرا

في أمسية نظمها ملتقى الوعد الثقافي بالتعاون مع أسرة الأدباء والكتاب البحرينيين، ازدانت بكوكبة من الشعراء والفنانين، حضورا للشاعر محمد الماجد، كما صاحبه على آلة الجيتار الفنان محمد الصفار، الماجد تألق في إلقائه واشتغالاته على نصوصه، التي كانت من الدهشة بمكان أن جعلت من الجمهور المتلقي في حالة تعايش وتعانق مع النص المتنوع بين (مسند الرمل) باكورة أعماله ونصوص جديدة كانت بمثابة إضاءات في هندسته لبناء النص الجديد، قدم الأمسية الشاعر محمد عيسى مستهلا تقديمه ببعض من دلالات النص المفتوحة للمتلقي، كما أضاء في مقدمته.

بدأ الشاعر الماجد أمسيته بقصيده كانت بمثابة تحية خاصة للمنامة اتكأ في بنائها على استحضار قيمة الأسطورة والحكاية الشعبية البحرينية، ابتداءً من عين عذاري والنخلات المنتشية بالخضرة، وصولاً لحكايات البحارة ومغاصات اللؤلؤ في الخليج.

الجدير ذكره أن هذه الأمسية تأتي ضمن برنامج ثقافي متكامل ينظمه ملتقى الوعد الثقافي بالتعاون مع الملتقى الأهلي الثقافي وأسرة أدباء الكتاب ونادي العروبة بمملكة البحرين.

يتنوع بين التشكيل والشعر والموسيقى والمسرح، معنون بــ " مرايا المشهد الثقافي السعودي "، بدأ يوم السبت 9 فبراير ويستمر حتى الـ 13 من هذا الشهر.

في ثالث أيامه، تألق ل (مرايا المشهد الثقافي السعودي) موسيقيا

في ليلة تعانق العود الجيتار معا، انطلقت أمسية الوعد الثقافي السعودي موسيقيا وأحتضنها نادي العروبة وقدم لها فاضل عمران قائلا: ليس هنالك طريقة للتعبير عن الحب أرقى من الموسيقى عندما ترفرف أوتار اللحن ترفرف على اثرها أوتار القلب تتمايل غنجاً، فتذوب الأقنعة، ويتسامى كل شئ..

إنها ثالثة أمسياتنا الثقافية المهداة لإخوتنا في مملكة البحرين الحبيبة، هبطنا في أرضكم لنحيي ليالٍ مفعمة بالبياض فنرجومنكم تقبل عناقنا بصفاءه كما هو.

"الوعد الثقافي" جهة ثقافية سعودية أهلية، تكفلت بتنظيم هذه الفعاليات تحت مسمى "مرايا المشهد الثقافي السعودي" لتنطلق من الجمهور إلى الجمهور صافية نقية دون شوائب.

بدأت الأمسية بعزف منفرد على الجيتار للفنان محمد الصفار الذي ألهب القاعة ببراعته وتنوع مقطوعاته الصوفية الخاصة به، كان الحضور أكثر وعيا وتقبلا فكان الجواقرب لأن يكون تراتيل صلاة وأجراس كنائس، بعدها أخذ العازف الشاب عماد عبد الباقي دورة، فغنى (تفنن، عوتني، تصدق والله احلف لك) وقد تجاوب معه الجمهور بشكل لافت، يذكر أن الشاب عماد لم يتجاوز الخامسة عشر بعد لكنه امتلك موهبة العزف وأخذها من أبيه الأستاذ محمد باقي.

الذي امتطى المنصة بعده وشدا لنا ب ( شوق السنابل ) وهي من كلمات الشاعر عدنان السادة والحان محمد باقي والتي أعادتنا للموروث الجميل للمفردة وكانت بيئة سعودية خالصة صفق لها الجمهور، ثم أردف بأغنية من كلمات الشاعر علي الدميني ( بين بحرين ) وهي من الحان محمد باقي أيضا، ثم ازداد تصفيق الجمهور عندما أشار مقدم الأمسية بأنه وصل إليه طلب خاص بغناء أغنية ( لوادري هيك إيصير ما عاشرتهم ) لفاضل عواد وقد لبى الأستاذ محمد الطلب فضجت الصالة بالتصفيق وكانت بمثابة حسن الختام لليلة كانت أشبه بالعرس، يذكر أن الحضور المتنوع من إعلاميين وشعراء وطلاب زينوا تلك الليلة وطلبوا إقامة مثل هذه الأماسي بشكل دائم.

بعدها شكر مقدم الأمسية الأستاذ فاضل عمران نادي العروبة على الإستضافه ووعد بتعاون في المستقبل وشكر المشاركين والحضور وتعد هذه الأمسية الرابعة بعد التشكيل، وأمسية الفكر، والشعر، وتقام مساء اليوم الثلاثاء محاضرة حول اشكالات المسرح السعودي ويقدمها الكاتب عباس الحايك ويديرها المسرحي عبدالله الجفال وذلك في مقر الملتقى الأهلي الثقافي، وسيكون يوم الأربعاء ختام الأسبوع بعرض مسرحي ( حكايات مشفرة ) وستعرض في نادي مدينة عيسى في الثامنة مساء وهي من تأليف وإخراج محمد الحلال وتمثيل منى محمد، شعاع توفيق، والفنان زكي الدبيس إضافة لمحمد الحلال.

في ندوة عن المسرح السعودي ضمن فعاليات الوعد الثقافي

استغرب المخرج المسرحي السعودي عبد الله الجفال إقصاء المرأة وتهميش دورها في المجتمعات العربية والمسلمة في حين أن المرأة كانت أهم المراجع التشريعية بعد وفاة الرسول، وأن كبار الصحابة والخلفاء كانوا غالباً ما يرجعون إلى نساء الرسول ومن بينهن عائشة وأم سلمة لمعرفة أحكام الدين، وأكد على أن هذه النظرة للمرأة لا تتفق وذلك التاريخ الذي كانت المرأة فيه تصحح أخطاء الخلفاء.

جاء ذلك في ندوة (إشكاليات المسرح السعودي) للكاتب المسرحي عباس الحايك التي أقامها ملتقى الوعد الثقافي في الملتقى الثقافي الأهلي ضمن (مرايا المشهد الثقافي السعودي) الذي يقيمه ملتقى الوعد والتي قدّمها الفنان المسرحي عبد الله الجفال، ومن جهته حذّر الحايك من التعاطي مع فكرة وجود المرأة على المسرح السعودي بسطحية، وقال أنه يفضّل أن تبقى المرأة السعودي تمارس دورها من المسرح النسائي بفاعلية على أن تمارس دوراً هامشياً في المسرح (الذكوري)، مؤكداً على أنه يقف مع مشاركة المرأة في المسرح ولكنه يشددّ بشكل أكبر على الفاعلية.

كذلك فقد شدّد الحايك في محاضرته على أن نظرة المجتمع السعودي للمسرح قد تغيّرت بعد (حادثة الحرم 1979م) وقيام الثورة الإيرانية، وأكد الحايك على أن المجتمع السعودي قبل هذا التاريخ كان أكثر انفتاحاً، بينما تفشّت الحساسية الدينية والانغلاق الاجتماعي بشكل شديد بعد هذه الحوادث.

وأكد الحايك على أن إهمال التخطيط الثقافي واستبعاد المسرح عن الخطط التعليمية، وخطط التنمية، من بين أسباب كثيرة أدت إلى وضع مسرحي هزيل في المملكة العربية السعودية، في حين أن جمعية الثقافة والفنون التي تأسست في العام 1973م قد باتت تضع الكثير من الحسابات للأفكار والرؤى الأيديولوجية إضافة لكون عملها بات إدارياً وليس فنياً.

وأوضح الحايك أن المسرح السعودي يواجه عدد من المتاهات تتمثل في الجمهور الذي عانى من التغييب والإقصاء بحيث أصبح تذوّقه للفن تذوّق سلبي، ومتاهة الممثل المسرحي الذي يفتقد الثقافة والمعرفة المسرحية، ومتاهة (جمعية الثقافة والفنون) التي أخضعت الممارسة المسرحية لأنظمة جامدة.

وذهب الحايك أيضاً إلى أن الفرق المسرحية الجديدة قد تبعث قليلاً من الأمل في إيجاد حراك مسرحي فاعل غير أن عليها الحذر في تقديم العروض المسرحية لئلا تنجرّ هي الأخرى للمسرح التجاري، مؤكداً على أن الانفلات من المؤسسة الرسمية ليس حلاً وأن على الدولة أن تمارس دورها أيضاً.

وفي ختام محاضرته شدّد الحايك على أن قيام جمعية المسرحيين السعوديين تعد هي بارقة الأمل التي لاحت في الخامس من ديسمبر 2007م بأهدافها ومساعيها لنشر الوعي المسرحي والإرتقاء بالمسرح السعودي والعاملين فيه.

وفي مداخلتها على الندوة أكدت الدكتورة منى غزال على أن التعاطي السلبي مع المسرح سواء في السعودية أوفي المجتمعات العربية الأخرى، وكذلك التعاطي السلبي مع الفنون الاخرى إنما يجيء من نظرة المجتمعات الإسلامية للرمز، وأنه من الواجب الآن البحث عن مخارج لجعل الرمز وتفسيراته وتأويلاته أكثر قبولاً في هذه المجتمعات.

في حين شدّد المخرج عبد الله الجفال على أنه ليست الإمكانات المادية ولا البنى التحتية هي مشكلة المسرح السعودي، ولا حتى النسق السياسي، بقدر ما هووعي المسرحيين السعوديين القاصر هوالذي يقف أمام المسرح السعودي، وفي رده على بعض المداخلات أشار الكاتب الحايك إلى أنه يرفض العمل من خلال الفكر السائد، بل يدعودائماً إلى التصدّي لهذا الفكر من أجل إقامة الفكر المختلف محله.

وفي ختام الأمسية التي حضرها عدد كبير من المسرحيين البحرينين والمهتمين، قدّم رئيس الملتقى الثقافي الأهلي الشاعر علي عبد الله خليفة هدية تذكارية لرئيس ملتقى والوعد الثقافي الشاعر حسين الجفال، تقديراً للجهود الفردية التي يقوم بها الملتقى في خدمة الثقافة، ونشر القيمة المعرفية والثقافية من خلال العمل الأهلي.

الوعد الثقافي يختتم فعالياته بـــ"حكايات مشفرة" أربكتْ الجمهور بالأسئلة الصعبة.

اختتم ملتقى الوعد الثقافي فعالياته الإبداعية بمسرحية "حكايات مشفرة" للمخرج محمد الحلال الذي استأثرَ بمهماتٍ عدةٍ في العرض كالتأليف والإخراج والبطولة والديكور وهوقلقٌ مُضاعفٌ يختزل ذاكرته المشوبه بعذابات الإنسان والمخمورة في أعمقِ سجالات الروح، وهوما أشار له المسرحي زكي الدبيس بقوله " كل إنسانٍ بداخله حكاياتٌ مشفرة لا يبوح بها وإنما تُفصح حالاته بها والتعبير عنه لا يكون إلا عبر إيماءاته" وتضيف المسرحية منى محمد "المسرح شاق ولكنه ممتع حينما نرى ذواتنا من خلاله" وأما شعاع توفيق فإنها متوترة حدَّ الرعشة من التعبير عن جدوى العمل المسرحي التجريبي والنخبوي فتقول " لا أحب الإجابة على أسئلة تخص المسرحية إنها لحظة يفهمها المتلقي كيفما شاء" بالمجمل كانَ العرض المسرحي مكثف بدلالاته وبتلغيزه الفني إلى حدِّ ما، الإضاءة كانتْ منسجمة وذات إشارات عميقة مشغولة بالسينوغرافيا كصوتٍ وصورةٍ وحركةٍ ومساحةٍ وأداء، لكن كثافة اللغة اقتربتْ بها من الشعرية وهذه مساءلة حقيقية للعروض المسرحية التجريبة في اقترافها الشعرية ؛ فهل هذا تعويض عن المسرح الشعري الغائب ؟!!

أجاب محمد الحلال "أنه اعتمد على الشعرية من خلال خواطرَ مكتوبةٍ استفاد منها لتطعيم المسرحية بجورومانسي مفعم بالخيالات والوجدان وللارتواء من بئر الحب أكثرَ فأكثر بلغةٍ متعالية تؤدي إلى المعنى ببساطة أوبسمولا فرق" وهذا ما جعل المسرحيين قريبين من النص بل متشدقين به حدّ الغرق، فلم نجد أحدهم يخرج عن النص ولا عن الحركة أوالأداء مما جعلهم تراجيديين ومهمومين بالنص لإنهائه ولا يمتلك مهارة الخروج النص إلا فنان محترف إما أن يكون أقوى من النص أومعجون بكيمياء النص حتى لا ينفلت الزمام منه، هناك استجوابات كثيرة لهذا العمل رغم طرحه أسئلة كبيرة، ومع آراء متباينة حول العمل فالفنان البحريني خالد الرويعي يقول " العمل جميل ومتميز لكنه يحتاج إلى خبرة في بناء علاقة وطيدة مع الملتقي تبدأ بعد العرض ولا تنتهي عند العرض" وهذا يحيلنا إلى أن العمل المسرحي الفصيح يحتاج إلى دراسات وورش عمل من خبراء قبل عرضه على الجمهور لتفكيك مفرداته الفنية واللغوية حتى تتجانس مع ذهنية الجمهور بمختلف أطيافه وهذا ما أكده الفنان البحريني عبد الله السعداوي بقوله " أمام المسرحي السعودي شوطٌ كبير لاختبار أدواته وتجريبها حتى يكون متماسا مع ذاته أولا وصادقا في التعاطي مع الكائنات الرمزية ذات الدلالة في كل عملٍ وراءه أبعاد مفترضة لا تكتمل إلا بالتأويل والتأويل المتباين بالضرورة" هكذا استطاعت "حكايات مشفرة" أن تؤسس حراكا جدليا لدى المتلقي وأن تفرض حمولاتها الاستعارية على الذائقة لتشكيل جمهور نوعي وتراكمي يتماهى مع المسرح ويسجل أرقى ملاحظاته ومعارضاته وتأييده أيضا إزاء العرض.

بالنهاية استلم الفنانون شهادات شكر وتقدير من "ملتقى الوعد الثقافي" سلمها الشاعر محمد الفوز نيابة عن أسرة الوعد الثقافي، وقد أشاد الجميع بمستوى التنظيم ومكابدات البرامج طول أسبوع ٍ كامل، إلا أن أسرة ملتقى الوعد الثقافي كانوا فرحين بنجاحات الملتقى.

بقلم: حسين الجفال

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى