الأربعاء ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
بقلم رافي مصالحة

ترنيمة عشق الإرهاب

أنا عاشِقُ الإِرْهابْ!
فليرْمِني السّلطانُ في حَبسِهِ
وليُقفل الأبوابْ
فالسّجن لا يُرعبُ من عاشَ اسيراً
في عتمة زنزانة أحداق ليلى
مكبّلاً مصفداً بحبائل الأهدابْ
فكفراشةِ الحَقل الهزيله
هوى، ثم انطوى، ثم ذوى الشباب
لكنّني على عُكّازيَ الأحدب
سأصرخ ثائراً وأُعلن الإنْقلاب
وسأهتف في وجْهِ الوُلاة صارخاً
فوقَ المآذن والقلاع وعلى القباب
وسأُخبر البلابل وأُنبئ الجّداول والقرنفل والسّحاب
ولسوف أُفضي بمخطّطاتي الإجراميّة
لدى خِدر ليلى وخيمة سلمى ومهجع رباب:
أنا عاشق الإرهاب
أنا عاشق الإرهاب
 
****
أُفاخر سادتي أنّي أعشَقُ الإرهاب
فأنا منذ أدركت معالم مأساتي
عرفت وطناً سقيماً هائماً كقطط الشّوارعِ
تنبشُ القمامة وتخشى سَطوة الكلاب
صادقت وطناً شريدا يرتاد الحاناتِ
ليترنّح ثملاً عندما يحتسي بقايا أقداح الشّراب
وطنا ضاعت سماؤه وفَقَد عُنوانه
في أزِقّةٍ ضيقةٍ تحكمها أشباح الضّباب
وطناً نَفَقت قصائدُه لتحيا البُكائِيات وتعابير السُّباب
وطنا تتكئ أوهامه على عصا موسى
ويحلم بكيس طحين يتركه عند الباب ابن الخطّاب
وطناً صودرت نوافذه وطقوسه ونصوصه
وما زال يحلم بالغول، ولديه كلّ أعراض جنونِ الإرتياب
وطناً هاجرت في آفاقه حُمرةُ الشّمسِ
وأعلنت إضرابها عن الشّروق وعن سِحْر الغياب
وطناً انتحرت فيه كل العصافير
وعشّاقه المنكوبون، من شدّة رُعبهم
كتبوا أشعار حبّهم على التّراب
 
******
كيف لا اعشق الإرهاب
وأنا في وطنٍ
ينقادُ ليُساومَ في سِلْمٍ من سَراب
يتقاذفونه دونما كرامةٍ، أو حذاءٍ أو جِراب
في وطنٍ رجالُه من ورقِ الجّرائد
أولى برجولتهم أن ترتدي الخمار والحجاب
يتفاخرون بالأنساب
 
وقد تنكرت لهم (خزياً) كلّ أصناف الأعراب
من العُرب العارِبة والمَعْروبةِ والمُستَعربَة
وتبرّأ منهم عدنان وأبو سفيان وقُصيّ ابن كِلاب
صارت كرامتنا سلعةً كالمبيدات الحشرية
وتحوّلت بطلاتُ تاريخنا، دمياتٍ في متجر ألعاب.!!
 
****
في وطني المهجور يزني الوالي بالقصيدة
لا يشفق في مضجعه على عفافها
ويمسح آثار حيوانيته بصفحات أيّ كتاب
فهمّه الأوْحد إعلانَ عبقريّته الفذّة في فنّ الإنجاب
 
****
ماذا تبقّى من وطني؟
أحمقٌ من ينتظر الجّواب
بقي دستورُ الولاة القاضي بأن فمك لم يخلق للكلام
ولا الابتسام
بل هو منفذ ٌ خلقه الله – لحكمته! - إمّا لموهبة البلع ِ
وإمّا كي تُصرّفَ منهُ الفائض من سَيل اللُعاب
 
****
 
هلك الغصن والدّوريّ والأقحوانُ
وعاش الخرابُ بأرض الخرابْ
بقي الهوانُ وأسفارُ التاريخِ الهَرِئةُ وكُتب الإعرابْ
فالكلّ هَهُنا: فعلٌ ومفعولٌ وفاعلٌ
لا يرتقي في بلادي الغافيةِ لمنزلةِ الذباب
 
****
أنا أوّل الارهابيين
لأنّي اذا عشقت الحياةْ
وبغضتُ التّدجين والتّرويض والنّفاق والمُحاباةْ
ولم أستكن لمفاوضةِ العاهراتْ
وساندتُ اغتيال سماسرة العقاراتْ
وسقيت تحت قصف الطائراتْ
بقايا بنفسج وبِضْعَ زنبقاتْ
وأحببت أهلي لحد الممات
وأبيتُ أن ينهارَ بيتي بجرّافات إسرائيل
ورفضتُ أن تُصادِرَ خبزيَ القليل
وعارضتُ أن تَسلِبَ من انسانيتي الدليل
وأن تختصر من تاريخي الطّويل
وأن تَعبثَ بزيتوني والنّخيل
وأن تُشعلَ بقرآني الفتيل
وتُفنيَ القدس وغزّة والخليل
وتَطعنَ خَيليّ وتكتمَ الصّهيل
وكان كل ذلك ذنباً
فما أجمل ارهابي وذنبي
ألا قد حلا جُرْميَ وطابْ
وما أروع كوني قتيلاً
مضرّجاً بالدّمِ على مَذبحِ الإرهابْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى