السبت ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
حسب الكاتب الإسرائيلي هلل كوهين : العربي الطيب هو العربي الخائن
بقلم عادل الأسطة

عربي طيب

" عربي طيب " عنوان رواية للكاتب الإسرائيلي ( يورام كانيوك )، وفي حدود ما أعرف لم تنقل إلى العربية، علماً بأن محمود درويش وسميح القاسم أتيا عليها في الرسائل المتبادلة التي نشراها أولاً في مجلة " اليوم السابع " التي كانت تصدر في ثمانينيات القرن العشرين في باريس، ثُمَّ في كتاب " الرسائل " الذي قدم له المرحوم إميل حبيبي. ولم تنل الرواية، بما فيها من آراء، وطروحات، رضا الشاعرين.

وكنت أنا ترجمت دراسـة عن صورة العربي في الأدب الإسرائيلي للدارســة الألمانية ( أوتي بوهايمر )، أتت فيها على رواية ( كانيوك ) هذه، وأوردت العبارة التالية: " العربي الميت فقط هو العربي الجيد " يوضح يوسف أخيراً. ويوسف هو شخصية محورية في الرواية. ولا أظن الرأي هذا رأي ( كانيوك )، على الرغم من أنه، في الحرب الأخيرة، كتب مقالاً عنوانه " أنا مع هذه الحرب "، ودافع فيها عنها، محملاً المسؤولية للعرب، لا لدولة الاحتلال، زاعماً أن إسرائيل انسحبت من الجنوب، فما مبرر الحرب. دون أن يرى أن هناك 400.000 لاجئ فلسطيني ينتظرون العودة إلى فلسطين التي طردوا منها، ما زالوا أيضاً محاصرين ويشكلون جرحاً ينزف منذ العام 1948.

ما علينا، والعبارة لزياد عبد الفتاح صاحب رواية " ما علينا ". لقد تذكرت عنوان رواية ( كانيوك )، وأنا أقرأ مراجعة بلال ضاهر لكتاب الإسرائيلي ( د. هيكل كوهين ): " عربيم توفيم " أو " عرب جيدون: المخابرات الإسرائيلية والعرب في إسرائيل: عملاء ومشغلوهم، متعاونون ومتمردون، أهداف وأساليب "، وربما يجدر ترجمة الكتاب إلى العربية، لمعرفة صورة العرب في فلسطين تحت الحكم الإسرائيلي، صورة العرب الجيدين من منظور إسرائيلي، وهم – لا شك – من منظور فلسطيني شعبي، لا من منظور عربي يعكس وجهة نظر الزعامات العربية، هم – لا شك – عرب خائنون.

العربي الجيد من منظور إسرائيلي هو العربي المتعاون مع الموساد والشاباك والشين بيت، العربي الذي يقدم خدمات لدولة إسرائيل حتى تتمكن من تثبيت أمنها والقضاء على المقاومة. وما دام هذا العربي يقدم هذه الخدمات فهو عربي جيد، يمكن للدولة الإسرائيلية أن تمنحه امتيازات عديدة: تصاريح تنقل، تصاريح لم شمل، تصاريح عمل، تعيينه مختاراً ... الخ. وإذا ما انتهت مهمته وما عاد يقدم خدماتـ أو قدم خدمات وخيف أن تكشف، أقدمت على تصفيته، فهو ليس سوى مخبر حقير، لا فائدة منه ما دام يخون أبناء قومه.

وربما تذكر المرء، وهو يقرأ عرض بلال ضاهر للكتاب، العديد من الأعمال الأدبية العبرية أو الصهيونية التي تبرز صورة العربي الطيب من منظور إسرائيلي. وأولها رواية ( ثيودور هرتسل ): " أرض قديمة – جديدة ". رشيد بك في الرواية يبدو طيباً. لماذا؟ لأنه رحب بالمستوطنين اليهود ولم يعترض على المشروع الصهيوني الذي رأى فيه خيراً لسكان البلاد الذين سيجلبون الضوء لهذه البقعة المظلمة.

وهكذا لا يمانع الصهيوني من اصطحاب رشيد بك معه للتجول في البلاد. وربما تذكر المرء أيضاً رواية ( أ. ب. يهوشع ) " العاشق " التي نقلها إلى العربية المرحوم محمد حمزة غنايم. العربي الطيب في الرواية هو العامل الذي يخلص، لمعلمه اليهودي، في عمله ويجلب له العمال الذين يربح معلمه من ورائهم المال الوفير. ولكن هذا العربي الذي يقيم علاقة مع ابنة معلمه سرعان ما يطرد، لأنه لا يذهب بعيداً في أمانته.

وربما ما يلفت النظر في الكتاب ما ورد عن الشيوعيين، فهؤلاء الذين شكلوا ازعاجاً لبن غوريون وحزبه، كونهم كانوا رأس حربه في مقاومة السياسة الرسمية، سياسة السلطات الحاكمة، ساعدوا منظمة ( الهاغناة ) على إنهاء صفقة السلاح مع تشيكوسلوفاكيا، والتي اعتبرت في حينه صفقة مصيرية كرست تفوق القوات اليهودية ومكنتها في ربيع العام 1948 من الانتقال من حالة الصراع إلى حالة الهجوم. ( انظر الأيام، 19/9/2006، ملحق المشهد الإسرائيلي، ص8 ).

ولا أدري إن كان مؤلف الكتاب أورد أسماء أشخاص عرب كانوا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، أسهموا في إنهاء صفقة السلاح. وأنا أقرأ مراجعة بلال ضاهر ذهلت، لأنه ذكر أيضاً أن السلطات الإسرائيلية سمحت لشخصيات بالعودة إلى البلاد بعد قيام إسرائيل، رغم أن هذه الشخصيات كانت في صفوف القيادة الفلسطينية قبل النكبة، وكانت تربطهم علاقات مع الحاج أمين الحسيني.

وربما تذكرت رواية إميل حبيبي " الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل "(1974) وبطلها سعيداً، هذا الذي عاد متسللاً، وغضت السلطات الأنظار عنه، لنطلب منه أن يساعدها ضد الشيوعيين.

" عرب جيدون " كتاب للدكتور ( هيلل كوهين )، وأعتقد أن نقله إلى العربية ضرورة، حتى نعرف من هو العربي الجيد في نظر الإسرائيليين، وحتى نعرف أيضاً.... !


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى